اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

في جولة سريعة على الأسواق اللبنانية، يمكن أن نلحظ ارتفاع أسعار السلع الغذائية والمواد الإستهلاكية بشكل تدريجي، أي بزيادات قليلة نسبيا لكنّها تصاعدية، وإن سأل المستهلك عن السبب، يأتيه الجواب معلّبا: " بسبب الوضع في البحر الأحمر"!

وإن تم التسليم جدلا بأنّ الحرب الدائرة في المنطقة أسبابها تجارية، من زيادة كلفة التأمين وارتفاع سعر النفط وتأخر وصول شحنات البضائع إلى وجهتها وغيرها من العوامل - وفق خبراء الإقتصاد- فان أسعار السلع سترفع عالمياً وبالتالي محليا، فهل يحصل ذلك بهذه السرعة؟ حتما لا يمكن ذلك. ومن هنا بدأ التجّار باكرا بجمع غنائم حربهم على المستهلكين والآتي أعظم!

على أنّ هذه التأثيرات الإقتصادية للوضع الأمني الساخن في المنطقة، تتزامن مع رسوم وضرائب بشرّت بها موازنة العام 2024 ، وكلّها عوامل تصب في حتمية ارتفاع الأسعار، ليصبح هاجس "مواطن الليرة" تحديدا، ليس عودة شبح إرتفاع الأسعار فحسب، بل الزيادات العشوائية التي لا تستند إلى معايير وقواعد وضوابط، وسؤاله الأبرز: من يضمن عدم جنونها؟

نعمة: لا شيء يبرر رفع الأسعار

أكّدت نائب رئيس جمعية المستهلك الدكتورة ندى نعمة لـ "الديار" أنّ لا شيء يبرر الزيادات على الأسعار، ولكن التجار "كلّ الوقت بيغلّوا وحتى لو انخفضت الأسعار ما عم يرخّصوا"، وتساءلت عمّا إذا كان لدى أحد منهم معطيات ودلائل بأنّ هناك بضاعة أتت من البحر الأحمر وزادوا عليها الضرائب مثلا! نافية أن يكون ذلك حصل، ومشدّدة في الوقت عينه على أنّ ما من شيء يبرّر رفع الأسعار.

التسعير بالدولار مخالف للقانون

إلى ذلك، وعلى خط زيادة الأسعار أيضًا ومن باب آخر، لم يعد المواطن يلحظ تسعير السلع بالدولار في العديد من المحال التجارية، منذ أن استقر الأخضر بين 89 و90 ألف ليرة لكل دولار أميركي واحد، والتفسير البديهي هو أنّ البيع بالليرة أصبح مربحا لأصحاب هذه المحال، فالتسعيرة تحسب من قبلهم بين 90 و100 ألف ليرة لكلّ دولار واحد، أي بزيادة بطبيعة الحال.

وإذ اعتبرت نعمة أنّ التسعير بالدولار كان قرارا، جزمت أنّه أصلا مخالف للقانون بكل القطاعات، ولم يكن أبدا لحماية الناس بل خدمة للتجار، وكان لزاما على المعنيين بدلا من ذلك، أن يراقبوا ويوقفوا التفلّت والتغيير والفروقات في الأسعار والتي ليس لها حدود، والتي تحصل حتى بين دكان وآخر في الشارع نفسه، لافتة إلى أنّ عملية الفوضى في التسعير والأسعار وعدم المراقبة، خلّفت فوضى كبيرة جدا، علاوة على احتساب سعر الدولار "كل واحد عم يحسبو على ذوقو"، مع أنّه مستقر حاليا.

من يحمي المواطن؟

من هنا، فإنّ ما يهم المواطن اليوم أكثر هو ضبط موضوع رفع الأسعار من قبل المستوردين والتجار وأصحاب المحال التجارية الكبيرة والصغيرة، فالجميع اليوم وبذريعة الوضع الأمني المحلّي والإقليمي والعالمي سيرفع أرباحه على "هواه"، وتحت هذه الكلمة الأخيرة ألف خط، ويمكن توقّع الأسوأ في بلد هشّ رقابيا.

فأين وزارة الإقتصاد اليوم من إستمرار تطبيق قرارها بالتسعير بالدولار؟ وهل لم يعد يحمي المواطن كما كانت تزعم؟ أم أنّه أصبح بلا قيمة لأنّه لم يعد مربحا للتجّار كما السابق؟ على أنّه بالتجربة العملية الملموسة في الأسواق اللبنانية، فإنّ التسعير بالدولار لم يحم المواطن، فالتلاعب أصبح يتّم على أصل التسعيرة بالدولار، أي رفع سعرها بالدولار بعد أن كان بالليرة.

عند سؤالها: كيف يمكن أن يحمي المواطن نفسه ؟ شدّدت نعمة بأنّ الدولة هي من يجب أن يحمي المواطن وليس هو من يحمي نفسه، على أنّه يستطع أن يحمي نفسه عندما يرى أكثر من سعر للسلعة ويختار الأرخص، وهذا حق من حقوقه، ولكن في ظلّ هذا التفلت والفوضى، سيبقى المستهلك هو الضحية مهما اتّخذ من إجراءات. وختمت بأنّ تكريس وحماية الفوضى لا تأتي بحلول، بل تعمّق المشكلة، وتقضي على الحلول والحماية نهائيا، و"هذا ما فعلوه فوضى ومخالفات قانونية وراحت على الناس".

خلاصة القول... وزارة الإقتصاد غائبة عن هذا المشهد كليا، المواطن يتلقّى الضربات الواحدة تلو الأخرى وليست آخرها الموازنة بطبيعة الحال، الوضع الأمني غير مستقر ومثله السياسي، هذه العوامل وسواها الكثير، ستكون بيئة خصبة للفوضى التي لم تغادرنا يوما في لبنان، لكنّها اليوم ستصبح أكثر شراسة، في ظلّ انحلال الدولة!

الأكثر قراءة

عرب الطناجر...