اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

نستعين ببعض الأكاديميين المخضرمين للغوص في خلفيات أزمتنا، بعدما ازددنا يقيناً أن غالبية ساستنا، ككائنات تلفزيونية أو ببغائية، بعيدون كليأً عن فهم أحوالنا كما عن ادراك ما ينتظرنا. الاستنتاج العام: "لا دولة في لبنان قبل حل القضية الفلسطينية، ونخشى أن تضاف اليها القضية السورية التي تهدد، بتأثيراتها، ليس فقط الصيغة اللبنانية، وانما أيضاً الخارطة اللبنانية".

الملاحظة الأكثر اثارة، ربما الأكثر واقعية، ان من يجمعنا كلبنانيين، وكعرب، الأميركيون ومن يفرقنا الأميركيون. لا رهان منطقياً على أي جهة أخرى. القوى الاقليمية التي تحاول التسلل الجيوسياسي، الى دولنا لا تنال، في نهاية المطاف، سوى الفتات.

أيضاً "لم تعد هناك دولة في لبنان منذ اتفاق القاهرة، عام 1969. واذا كان موشي دايان قد استطاع، بالحرب الصاعقة، احتلال أراضي ثلاثة بلدان عربية، فقد تمكن ياسر عرفات، بنص فضائحي، من احتلال لبنان، لتبدأ تلك السلسلة الطويلة من الكوارث ومن المرارات".

من الآراء أيضاً "أن المشكلة ـ الأساس قد تكون في التركيبة التي جمعت بين المسيحيين والمسلمين، كنموذج خلاق، ومختلف عن الدول ذات البعد الواحد. لكن الساسة لم يتخلوا عن ثقافة القرن التاسع عشر، لتبقى التبعية فلسفة حياة لسائر الطوائف، ما فتح الأبواب أمام التدخلات الخارجية، وكرّس الحالة القابلة للانكسار وحتى للانفجار. وحدها كانت تجربة جمال عبد الناصر وفؤاد شهاب هي التي تصنع دولة لا تكون هونغ كونغ ولا تكون هانوي".

"واذا كان الخلاف بين نظرة المسيحيين ونظرة المسلمين ان حول الموضوع الفلسطيني أو حول المعادلات الداخلية، قد أدى، بتدخلات خارجية صارخة، الى اندلاع الحرب الأهلية، يبدو المشهد وقد ازداد تعقيداً بوجود من أضرم النيران بين السنّة والشيعة. ولنكن واضحين، هناك مشكلة بين أتباع المذهبين، ليظهر، في الداخل وفي الخارج، من يوظف المشكلة لأغراض معينة، ما يعرّض الوضع اللبناني لاحتمالات أكثر من أن تكون خطيرة".

مرور على وثيقة الطائف "لطالما اعتبرنا أن الدستور الذي انبثق من هذه الوثيقة يعني الانتقال من الجمهورية الثانية (أي جمهورية ما بعد الاستقلال)، الى الجمهورية الثالثة. هذا اما خداع للذات، أو قصور في الرؤية، حتى اذا ما أخذنا بالمفهوم الفلسفي للدستور، فان الجمهورية الثالثة تعني الانتقال من النظام الطائفي الى النظام اللاطائفي. ما حدث أن قادة الطوائف الذين تملكتهم الرغبة الفرويدية في للسلطة، أرسوا، وعلى نحو مروع، المعادلات الطائفية. من هنا يدخل الفساد، في وضح النهار، وتدخل معه الذئاب من كل حدب وصوب"...

..."لا سياسات كبرى، أو محورية، في المنطقة سوى السياسات الأميركية. الآخرون، وسواء في البعيد أم في القريب، ليسوا سوى حالات بهلوانية، وآنية، يعرف الأميركيون كيف يستثمرون أداءها. لكن أميركا لا ترى في الشرق الأوسط سوى اسرائيل. وبمنأى عن الأنظمة التي، في أغلبها، لا تزال قبلية بالرغم من كل المظاهر البراقة. ما حدث في بعض البلدان العربية من فوضى، ومن صراعات، ومن تخلف، صناعة أميركية. فقط من أجل اسرائيل حين ندرك مدى اختراق مخالب الحاخامات لكل مراكز القوى في الولايات المتحدة".

حرب غزة جعلت الوضع اللبناني أكثر اهتزازاً، وأكثر اثارة للهواجس، في مناخات اقليمة ودولية ملبدة. اتهامات مباشرة لـ "حزب الله" بأنه، بتفجيره الجبهة، يعطي الاسرائيليين الذريعة بشن حرب على لبنان الذي يتخبط بألف أزمة وأزمة، وعلى أساس أن قرار الحرب، وقرار السلم من صلاحيات الدولة.

ولكن، متى شعر الجنوبيون، واللبنانيون، ومنذ عام 1969 وحتى اليوم، بأن هناك دولة تحميهم، أو تقاتل لاجتثات الاحتلال الذي جثم على صدور أهل المنطقة، وبكل ويلاته، لعقدين من الزمان؟ هناك من يرى أن تفجير الجبهة كان كتحذير لادارة جو بايدن بأن أي مؤازرة أميركية لحكومة بنيامين نتنياهو للقضاء على كل أعداء "اسرائيل" تعني تفجير المنطقة من أدناها الى أقصاها.

الأكاديميون المخضرمون يعتبرون أن الصيغة الطوائفية باتت خطراً على لبنان، وعلى اللبنانيين، وتفتح الباب أمام بعض الطروحات المجنونة التي تعني تحويل الدولة من مغارة الى... مقبرة.

رأي أخير ولا يخلو من المرارة "اذا ما قامت الدولة الفلسطينية لا بد لأركان المنظومة السياسية، للبقاء، الا أن يبتدعوا أزمة، أو أزمات أخرى، ليبقى لبنان بين الدولة و ...اللادولة"!!

الأكثر قراءة

مُراقصة المستحيل في جنوب لبنان