اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

شرع الاتحاد الأفريقي في إنهاء أطول عملية سلام في تاريخه وأكبرها، وبدأت القوات الأفريقية في الصومال في الانسحاب التدريجي وتسليم المهام والقواعد للقوات الصومالية، في عملية مخطط لها أن تكتمل بنهاية عام 2024.

ويسلط هذا التقرير الضوء على طبيعة البعثة، ومهامها، وما أنجزته طيلة فترة خدمتها في الصومال، وأبرز التحديات التي واجهتها، وإذا ما كانت الحكومة الصومالية وأجهزتها العسكرية والأمنية مستعدة لتسلم هذه المهام.

التشكيل والمهام

تشكلت بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال من 4 مكونات رئيسية، وهي الجيش والشرطة وقسم للشؤون المدنية وآخر للشؤون الإنسانية، لكن العنصر العسكري كان هو الأساسي في البعثة.

وترأس البعثة الجنرال الأوغندي جيم بيسيجي أوويسيجير، وتكونت البعثة من كل من جيبوتي وأوغندا وبوروندي وكينيا وإثيوبيا، وقوة محدودة من سيراليون.

وتعتبر الوحدة الأوغندية هي الأكبر من حيث العدد، إذ زاد عدد قواتها عن 6 آلاف فرد، بينما بلغ مجموع القوة العسكرية 22 ألف عنصر من بعثة قوامها 28 ألف فرد.

أما في ما يختص بالمهام فيلخصها سيمون مولونغ نائب مفوضية الاتحاد الأفريقي في مقديشو -في مقابلة مع مركز أفريقيا للدراسات الإستراتيجية- قائلا إن المهمة الأولى للبعثة تمثلت في طرد حركة الشباب من العاصمة وتهيئة الظروف التي تُمكّن الحكومة الفدرالية الانتقالية من العمل.

ويلفت مولونغ إلى أن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1772 نصّ على أن من مهام البعثة مساندة الحكومة الفدرالية الانتقالية، وتنفيذ إستراتيجية الأمن القومي، إضافة إلى تدريب قوات الأمن الصومالية، والمساعدة على خلق بيئة آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية.

إنجازات وإخفاقات

يرى مراقبون أن من أهم إنجازات القوات الأفريقية في الصومال إخراج حركة الشباب من العاصمة مقديشو عام 2011، وبسط نفوذ الدولة على إقليمي شبيلي السفلى والوسطى بعد أن كانت محاصرة في العاصمة، وهو ما مهّد لاحقا لتشكيل البرلمان وانتخاب الرئيس، وهو الأمر الذي خلق بيئة سياسية إيجابية، إضافة إلى توفير الحماية للمقار الحكومية والمرافق الرئيسية في مقديشو، مثل المطار والميناء، وتدريب الشرطة الصومالية وتوفير ما يلزمها من معدات وأدوات.

أما في جانب الإخفاقات، فتركز أغلب التقارير والبحوث على عدم قدرة القوات الأفريقية على هزيمة حركة الشباب بالرغم من إخراجها من العاصمة وعدد من المدن، إضافة إلى عدم قدرتها على العمل كوحدة واحدة بسبب الخلافات بين قادة القوات التابعة للدول المساهمة في البعثة.

كما فشلت البعثة في إقناع النخب السياسية الصومالية بالمصالحة، وعجزت أيضا عن حماية المدنيين في مناطق عملياتها بالرغم من وضع الاتحاد الأفريقي إستراتيجية لحماية المدنيين وقواعد الاشتباك الخاصة بحماية المدنيين.

شكوك ومخاوف

اما على مستوى الساحة الصومالية، تتباين التقييمات والمواقف من العملية، فبعض المسؤولين في الحكومة الصومالية يؤكدون استعداد القوات الحكومية لتسلم المهام وقدرتها على بسط سيطرتها وتحكمها في كافة المسارات، بينما يتخوف بعض الساسة المعارضين من انهيار الأوضاع بمجرد اكتمال انسحاب القوات الأفريقية.

وفي وقت سابق، قال مسؤولو بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال إن انسحاب القوات لن يؤثر على الأمن والاستقرار في البلاد. وقال محمد الأمين سويف -الممثل الخاص لرئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي في الصومال ورئيس أتميس- إن البعثة لا تزال ملتزمة بضمان عملية انتقالية تتسم بالكفاءة والفعالية لا تُعرّض أمن الصوماليين للخطر.

متفائلون ومتشائمون

ويرى المتفائلون أن الأوضاع في الصومال مهيأة أكثر من أي وقت مضى لتحمل كافة المسؤوليات المتعلقة بإدارة الشأن الأمني والعسكري، خاصة أن الصومال قد أُعفي من الديون وأصبحت لديه القدرة للتعامل مع المؤسسات المالية الدولية، كما تم رفع حظر السلاح عن الصومال، الأمر الذي يمكّنه من التسلح وسد احتياجاته من العتاد العسكري، وبالتالي سيصبح قادرا على لجم حركة الشباب وهزيمتها.

وفي المقابل، يرى المتشائمون أن الأوضاع في الصومال لا تزال هشة ويمكن أن تنهار في وقت وجيز بسبب الحضور العسكري القوي ميدانيا لحركة الشباب، ومن ثم التخوف من عودة الصومال إلى مرحلة الفشل الكامل كما حدث في مطلع تسعينيات القرن الماضي.


الأكثر قراءة

مبادرة رئاسية فرنسية شرطها هدنة في غزة... «الرباعي» في الديمان: لن نورط سيدنا في الزواريب ونحن جزء من معادلة الرئاسة اجتماع اميركي ــ «إسرائيلي» افتراضي حول لبنان واستهداف موظفي اليونيفيل قيد المتابعة