اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


عبد الفتاح السيسي في ضيافة الباب العالي، اذا كان يتذكر ما فعله سلاطين بني عثمان بمحمد علي باشا، لا في ضيافة الشقيق. هي فجيعة العرب، كما لو أن الرئيس التركي الذي دمّر سوريا لمصلحة أميركا و "اسرائيل"، لم يكن يخطط للاستيلاء على مصر وسوريا، وعبر النيوانكشارية، لتأتي الضربة على الرأس من الأميركيين و "الاسرائيليين" الذين يتوجسون من احياء أي أمبراطورية غير "أمبراطورية يهوه"، حتى ولو كانت القهرمانة في حرملك الكابيتول أو في حرملك الهيكل.

اتفاقات في الاقتصاد وفي الدفاع. أي دفاع ذاك حين لا نرى أي دور لمصر، ولا في ليبيا حيث الدبابات التركية على أرضها، ولا في السودان الذي يخطط اردوغان لاقامة قاعدة على البحر الأحمر على شواطئه. ماذا عن غزة، وحيث صيحات الاستغاثة لا تصل الى آذان ذوي القربى، وقد هزت كل صاحب قلب في هذا العالم؟

الرئيس المصري يعلم أي أزمة قاتلة تعيشها سوريا، حيث الاحتقان الاقتصادي والاحتقان الاجتماعي في ذروته. خبير في صندوق النقد الدولي قال لنا "عجباً كيف لا يزال هناك أحياء في سوريا"!  ولكن أي حياة تلك حين تكون حياة اللهاث، ان بسبب الحصار الدولي والعربي، وليس فقط الحصار الأميركي والأوروبي، أو بسبب الاحتلال التركي لمناطق شاسعة من البلاد، دون اغفال ما يقوم به مصاصو الدماء الذين، كما في لبنان، عاثوا فساداً حتى على أبواب المقابر.

وكنا رحبنا برغبة اردوغان في زيارة دمشق، كونها عودة الأخ (الضال) الى أخيه، قبل أن يتذرع بأن الأميركيين هددوه بقطع رأسه أن مضى في ذلك الاتجاه، ليتبين لنا الى أي مدى ذهب الرجل بـ "ديبلوماسية الثعبان" أو بـ "استراتيجية الثعبان"، حين قالت لنا شخصية سورية مسؤولة "لقد أبلغنا اصدقاءنا الروس والايرانيين بأن الرجل يراوغ، اذ يدّعي التجاوب مع مساعيكم لرأب الصدع، انما يلعب بالورقة الأميركية وحتى بالورقة "الاسرائيلية"، من وراء ظهوركم".

حتى السوريون العاديون لا يثقون البتة بصدقية الرجل، الذي فتح أبوابه لكل شذاذ الآفاق في الدنيا، لينشروا الخراب والدم والقهر في دولة توقعت "الفايننشال تايمز"  أن تصبح "نمر غربي آسيا".

 هذا ما لاحظته من التعليقات على مقالتي "أهلاً برجب طيب اردوغان"، وقد تخلى عن شخصية "الذئب الأسود" ، وكان لقب أتاتورك "الذئب الأغبر"، ليرتدي وجه الثعلب ويدق باب قصر اليمامة في الرياض . ولعلكم تذكرون كيف حمل رأس جمال خاشقجي، الرأس المتعفن، ليحرّض به ادارة دونالد ترامب على ازاحة الأمير محمد بن سلمان عن السلطة، وربما عن الحياة، كما وهو يدق باب قصرالاتحادية في القاهرة.

انه يريد علاقة استراتيجية مع مصر. ولكن ماذا يمكن أن تفعل له مصر، وقد انكفأ وجودها الجيوسياسي الى حد الغياب الكامل، بحجة عدم اضاعة الوقت والجهد، في صراعات أثبتت الأيام ان مدى عبثيتها أو مدى قبليتها. اردوغان يأمل أن تكون القاهرة بوابته الى كل من طرابلس والخرطوم، وحتى الى أورشليم، وهو المرشد الروحي والسياسي لـ "الاخوان المسلمين"، الذي اكتفى بالتنديد من غرفة نومه بالمذابح الهمجية في غزة، في حين كانت بواخره تنقل الخضر والأسماك وحتى الذخائر الى بنيامين نتنياهو.

ترى في أي جهنم يرقد العالم العربي، كذلك ذلك العالم الافتراضي الذي يدعى "العالم الاسلامي"، كما لو أن "الديانة الأميركية" لم تحل ّ محل كل الديانات، وكما لو أن الحضارة الأميركية لم تقض على كل الحضارات. وقد سأل المفكر الفرنسي، ورفيق تشي غيفارا في غابات بوليفيا، "اذا كان علينا أن نرفع العلم الأميركي مكان الصليب على كاتدرائية نوتردام"؟ في اعتقادنا أن العلم الأميركي يرفرف حتى في العالم الآخر، والا لمن تقرع أجراس الكنائس، ولمن يرفع صوت المآذن؟

لكنه الموت العربي العام، الموت الابدي، لنلاحظ مدى عجز الحلفاء عن انقاذ سوريا، التي الى متى يمكن أن تعيش ذلك النوع المروع من المعاناة؟

السيسي في أنقرة لا في دمشق (ومن يتجرأ على زيارة دمشق اذا تذكرنا المخالب الأميركية؟) لكنه رئيس الدولة الكبرى التي تستوطن منذ طفولتنا قلوبنا وعقولنا. كل شيء انكسر فينا. ما نهاية تلك الشظايا؟!

الأكثر قراءة

مبادرة رئاسية فرنسية شرطها هدنة في غزة... «الرباعي» في الديمان: لن نورط سيدنا في الزواريب ونحن جزء من معادلة الرئاسة اجتماع اميركي ــ «إسرائيلي» افتراضي حول لبنان واستهداف موظفي اليونيفيل قيد المتابعة