اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


تحيا سورية أيها الرفقاء أردت أن أخاطبكم بعد انقطاع دام ثلاثة أرباع القرن، قررت أن أتحدث اليكم معاتبا وعاهدت نفسي ألا أغضب إلا عندما أصل الى خاتمة الرسالة.

منذ انكفائي عن الحضور الشخصي معكم وأنا أتجرّع الألم جرعة جرعة، وأصمت على أمل أن أراكم يوما ما تنفضون غُبار الأوساخ أو تنتفضون على أولئك الذين جعلوا مني قميص عثمان وأودعوني سلعة في أسواق البيع والشراء.

كنت أعلم أنهم سيحاولون قطع شعرة معاوية بيني وبينهم وسيحجبونني عنكم، لأنهم كانوا يخافون من أن تُصبح هذه الشعرة طوفانا من التواصل يمنعهم من تحقيق أغراضهم.

كنت أعلم انهم ينتظزون موتي، ينتظرون رحيلي، لأن غايتهم أن لا أكون بينهم، فهم يعلمون أن العمارة التي بنيتها وأشركتهم في بعض تفاصيلها بغاية الاقتراب من جوهر النهضة لا يستطيعون الخروج منها لأنها وسيلتهم الوحيدة لتحقيق مراميهم، ولن يكون لهم ما يريدون في وجودي.

تحدثوا عن موتي قبل اعتقالي، ألبسوني ثوب الشهادة قبل وقوع المصيبة، وأنا ايها الرفقاء عندما أعادتني المؤامرة الى لبنان كان في خاطري أمران:

الأمر الأول محاكمتي عبر جلسات أدافع فيها عن نفسي وعن القضية السورية القومية الاجتماعية، والأمر الثاني هو استشهادي، وقد غلب الأمر الثاني لأن فيه مصلحة للجميع دون استثتاء، ولكن كنت أظن أن دمي يغسل وساويس النزعة الفردية والانسياق خلف المشاريع الخارجية والانخراط في منظومات الأحلاف والجبهات.

حاولت ايها الرفقاء أكثر من مرة أن أكون عضوا فاعلا في هذا الحزب بعد أن أتعبتهم زعامتي، لكنني لم أشعر يوما أنني في الحزب الذي أسسته واستشهدت من أجله وأجل

الأمة، كنت أشعر دائما بالغربة.

قد تسألونني لماذا قررت اليوم أن أخاطبكم؟

أخاطبكم في هذا الأول من آذار لأنني أرى في ربوع الوطن قوميين ولا أرى حزبا سوريا قوميا اجتماعيا، أرى بعض قوميين في تنظيمات أخرجتني من مجالسها المركزية والمحلية.

وأعجب كيف تصمتون على جريمة إعدامي كل يوم، كيف توافقون على طردي من التنظيمات. أيها الرفقاء أصبح فايز صايغ كل التنظيمات.

قررت أن أخاطبكم في هذا الأول من أذار كي أقول لكم أهجروا هذه الدكاكين وعودوا.

الحزب القومي ليس مؤسسات لأذكركم بأن ما يربطني بكم تعاقدا وقسما، ولأذكركم أن وقيادات، والمؤسسات لا تهبط من السماء ولا تصنعها القيادات هي أمانة في أعنافكم، أنتم أصحابها أنتم تبنونها، فهي وسيلة وليست غاية ويستطيع كل واحد منكم أن يكون وسيلة إنشاء المؤسسات.

أنا عاتب عليكم، وأخجل من أفعالكم، لأن ما تفعلونه داخل التنظيمات لن يكون سوى افتعال أزمات جديدة، أما قرأتم ما كتبته لكم عن الانتخابات، أما قرأتم ما كتبته لكم عن خطر المعارضة داخل الحزب، أما قرأتم: كل عقيدة عظيمة تضع على أتباعها المهمة الأساسية الأولى التي هي : انتصار حقيقتها وتحقيق غايتها، كل ما دون ذلك باطل، وكل عقيدة يصيبها الاخفاق في هذه المهمة تزول ويتبدد اتباعها. المحاضرة الأولى ايها السوريون القوميون الاجتماعيون لم تعد المهمة الأولى عند قيادات التنظيمات انتصار حقيقة العقيدة وغايتها، وأنا أعلم انكم جميعا ترددون ذلك، لكن بعضكم سرا وبعضكم علنية، فإذا بقيتم على هذه الحال من الشرذمة والخوف وعدم تسمية الأشياء بأسمائها فسيصيب العقيدة الاخفاق وتزول ويتبدد أتباعها، وتكونون السبب في ذلك.

لا تخجلوا من الفاسدين ولا من أولئك الذين رافقوا مسيرة الفساد منذ استشهاد الزعيم حتى اليوم.

دعوا لهم التنظيمات، دعوا لهم محاولات الوحدة والتوحيد، باركوا لهم تنظيماتهم وأعيدوا بناء الحزب واستكمال تأسيسه.

لا تجعلوا من الاصلاح قميص عثمان فستزيدون على خيبات القوميين خيبة جديدة.

من قال إن عباءة الصلح تعيد النهضة الى الحزب.

أقول للرفقاء الذين قلبهم على حزبهم إن وحدة التنظيمات عملية تجميعية، وإن فكرة الاصلاح من الداخل عملية انتحار جديدة.

أقول لهم أعجب منكم كيف تطلبون اجتماع الصالح مع الطالح أما قرأتم ما كتبثه لكم عن غلبة الفاسدين على الصالحين، كيف ستتحاورون مع أولئك الذين طردوني من تنظيماتهم، أقول لهم إن تأسيس مجلس يمثل جميع الأطراف ويبحث في موضوع النهضة هرطقة يحاول الاستفادة منها الفاسدون والمفسدون والذين جعلوا الحزب مطية لتحقيق أغراضهم الشخصية.

ايها الرفقاء

أنا لم أعد ألوم الفاسدين والمفسدين من القيادات، أنا ألومكم أنتم لأنكم تعاقدتم معي وأقسمت يمين الانتماء الى حزبي، فكيف تقبلون أن تكونوا في أحزاب فايز صايغ ونعمة تابت وورثتهما من الجيل الثالث والرابع.

لا يمكن لمن رفع يده بتحيا سورية أن يكون بثقافة واحدة مع أحزاب الطوائف وأنظمة الكيانات، لا يمكن له أن يكون فصيلا تحت قيادة الطوائف، ولا يمكن ان يكون حليفا استراتيجيا لأصحاب الصيغة والميثاق وأنظمة الأمر الواقع.

ألتقي بكم في هذا الأول من أذار والغضب يسكنني لأني أراكم تهتمون بأمور كثيرة والمطلوب الاهتمام بالنهضة والحزب، أراكم لا تتصارحون ولا تثيتون في موقف، أراكم تنساقون الى تدمير حزبكم وانتم تعتقدون أنكم تكتبون له الخلاص والنجاة، إني أدعوكم وللمرة الأخيرة ان تتصالحوا، أن تتكاتفوا، أن تتصارحوا ولا تنقلبوا على بعضكم، ألم أقل لكم:

أيها السوريون القوميون أنكم ارتبطتم بعضكم ببعض وربطتم أرواحكم بعضها ببعض، لأنكم تعملون في سبيل المبادىء التي جمعتكم بعضكم الى بعض.

بقدر ما أنا فخور بنضالكم في ميادين المعارك الحاسمة وبقدر ما أنا معتز بضرباتكم على

رأس الحية عندما دعاكم الواجب القومي، أنا غاضب منكم لأنكم مارستم بطولة الدفاع عن الأمة ولم تمارسوا بطولة الدفاع عن الحزب مما جعله يدور على محور غير محوره.

أنا غاضب منكم لأنكم لا تصدِقون الوعد بينكم، أنا غاضب منكم لأنكم تنتظرون من يعيد

النهضة الى الحزب لتقولوا أعدناها أعدناها.

ضاقت المسافة بينكم وبين إعادة البناء واستكمال التأسيس، فإذا لم تبادروا الى ترك الأموات يدفنون موتاهم في معارك طواحين الهواء وترتبطون بعضكم ببعض من أجل المبادىء التي جمعتكم بعضكم الى بعض، الخسارة تنتظركم.

أراني في هذه اللحظات أقرب الى الخيبة من الاعتزاز، ولن يبعد المسافة بيني وبينها سوى رؤيتي لكم وأنتم تشبكون اليد باليد وتسيرون معا نحو بعث النهضة وتحقيق غاية الحزب.

الأكثر قراءة

حجب الثقة عن رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق بسبب "انتهاك الحرية الجامعية"