اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

إحتلّت الليرة اللبنانية وفقاً لتصنيف بلومبرغ صدارة قائمة العملات الأسوأ أداء هذا العام، إذ تراجعت أمام الدولار بأكثر من 83%، وتلتها الليرة النيجيرية بتراجع يناهز 42% منذ بداية 2024.

لم يستسغ مصرف لبنان ومعه الكثير من اللبنانيين وبعض الاقتصاديين تصنيف وكالة "بلومبرغ" لموقع الليرة السيىء إزاء العملات الدولية الأخرى، وتحديداً إزاء الدولار الأميركي، إذ اعتبروا أن التصنيف الذي صدر عن الوكالة ظالم في مقاربة واقع النقد اللبناني وموقع الليرة راهناً في السوق اللبنانية بعد مسار من الانهيار الدراماتيكي القاسي طوال سنوات أربع، والذي لم تكن لتسلم منه أي عملة وطنية في ظل الظروف والأوضاع عينها التي كان ولا يزال يمر بها لبنان.

في السياق يرى الخبير الاقتصادي الدكتور بلال علامة في حديثه للديار أن الاستغراب من تصنيف "بلومبرغ" مردّه إلى أن الليرة اللبنانية تعيش منذ سنة تقريباً في دائرة من الاستقرار، بعدما نجحت نسبياً استراتيجية سحب الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية (السيولة) من السوق مع قرار سياسي حازم بمنع المضاربين من ممارسة عمليات المضاربة على سعر الصرف منذ استلام حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري دفة المصرف المركزي8586، ومع استمرار المصرف المركزي وبتوافق كلّي مع وزارة المال، في دفع رواتب وأجور جميع موظفي القطاع العام والمتقاعدين بالدولار "الفريش" ما أفقد السوق احتمالات تفلت سعر الصرف .

لكن يعتبر علامة أن هذا الاستغراب في غير موضعه لأن ما أتت به "وكالة بلومبرغ" هو ربما نتيجة مجموعة من التقييمات العلمية التي تعتمدها الوكالات والمؤسسات المالية والاقتصادية العالمية، والتي تختلف معايير التقييم والمقاييس والأداء لديها من وكالةِ إلى أخرى. "فمنها مَن يعتبر عدم استقرار العملة على سعر صرف ثابت أحد ملامح السقوط والانهيار، وأخرى تجد أن خسارة العملة الوطنية من قيمتها عامل سلبي جداً ومحبط لأي عملية نمو وتطور إيجابي مستقبلاً في الاقتصاد، إلى آخرين يرون أن فقدان أي عملة وطنية موقعها كعملة ادخار لأجل، كافٍ لخروجها من المربع الآمن وخسارتها الثقة التي تعدّ أحد أركان عوامل قوة العملات الوطنية".

ووفقاً لعلامة فإن المعايير المعتمة في التصنيف لدى الوكالات جميعها تجعل من التصنيف واقعاً حقيقياً "فالعملة اللبنانية ومنذ قرار إعتماد الدولرة في لبنان أصبحت منقوصة السيادة على الأراضي اللبنانية ولم تعد تحوز الثقة باعتبارها عملة جديرة صالحة للاستعمال في العمليات الاستهلاكية وعملة إدخار لأجل".

ويؤكد علامة انه لا يمكن لأي عملة أن تستعيد قوتها وثباتها وقيمتها إلا بعد عودة سيادتها النقدية على أراضي الدولة اللبنانية باعتبار أن قوة العملة تكمن في قدرتها على جذب الثقة وإعطاء المدخرين والمستهلكين الأمان لاستعمالها أو حيازتها "وهذا ما يعتبر غير متوافر حتى الآن".

في المقلب الآخر أشار علامة الى أن الليرة اللبنانية كعملة للتداول في العمليات التجارية والاستهلاكية هي غير مسهلة نظراً لعدم توافر كتلة نقدية مناسبة في السوق اللبناني بشكل عام وعدم وجود طلب عليها نظراً للتعقيدات التي تحيط بعملية حيازتها واستعمالها من الناحية الكمية ومن الناحية النوعية، متخوفاً انه ما دام بقي الوضع على هذا المنوال ستبقى الليرة اللبنانية خرساء ولن تستعيد هيبتها و قيمتها ودورها .

ويلفت علامة إلى ان الامر بحاجة الى إعادة برمجة وتخطيط لكل العوامل الاقتصادية التي تؤثر في السوق لا سيما النظام المصرفي القادر على ضخ الليرة في الأسواق مع ضرورة تقاطعها مع العوامل المؤثرة في النقد لكي يتم إنتاج معادلة جديدة تعيد الليرة الى سابق عهدها ولكي تعود الى صيغة الليرة "بتحكي ذهب".


الأكثر قراءة

«اسرائيل» تواصل التهويل: انسحاب حزب الله او الحرب الشاملة تعديلات بالشكل لا بمضمون «الورقة الفرنسية» لا بروفيه وامتحان موحد لـ«الثانوية»