اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


امام لجنة من اصحاب الفكر والقانون مؤلفة من الرئيس والمشرف الدكتور مروان قطب والاعضاء الدكاترة: عباس نصرالله، وحسن محيدلي وميسا، ومحمد خليفة، ناقشت الباحثة السيدة بولين جرجس ديب اطروحة الدكتوراه في القانون العام بعنوان: "مبادئ اعداد الموازنة العامة بين النصوص والتطبيق في لبنان" (دراسة مقارنة). وذلك صباح يوم الجمعة الواقع فيه 8 آذار 2024 في احدى قاعات الجامعة الاسلامية في لبنان، في حضور الاهل ووسائل الاعلام.

قد تبدو الدراسة امرا عاديا لو كنا في الزمن الجميل بيد انها وصلت الينا على اجنحة التحدي مستخفة بالازمات المتنوعة والمتلاحقة اذ شكلت عرسا ثقافيا ومعرفيا صفق لها الحاضرون باتنظار ان تأخذ مكانها المميز في المكتبات القانونية وفي اذهان الباحثين الاكاديميين والطلبة الدارسين.

تلك الدراسة تناولت فيها الباحثة الموضوعات الاتية: المبادئ التقليدية المتبعة عند اعداد الموازنة العامة، لا سيما مبدأ الوحدة ومبدأ السنوية ومبدأ التوازن والاستثناءات الواردة في كل منها.

ثم عرضت المبادئ المتعلقة بمضمون الموازنة العامة وماهية مبدأ الشمول ومبدأ الشيوع وعرجت على الاساس القانوني لمبدأ تخصيص النفقات العامة بعدها انتقلت الى المبادئ المتعلقة بتكريس موازنة البرامج والاداء.

كما تناولت كيفية رقابة الاداء وفق منظمة الانتوساي ثم انتقلت الى المبادئ المستحدثة بعد صدور قانون لولف lolf في فرنسا ومسوغات صدور القانون وابرز دوافع الاصلاح. وقد ذكرت ايضا ابتكارات قانون لولف lolf ولا سيما مبدأ الشفافية والمصداقية... وبحثت في الاصلاحات الجوهرية في الادارة العامة الفرنسية لجهة تفعيل المسؤولية الادارية وتطوير الرقابة المالية. ومن خلال تحليل النصوص القانونية والتنظيمية القائمة التي تحكم اعداد الموازنة العامة وربطها بالواقع العملي والتطبيقي ومن خلال المقارنة بين النصوص القانونية اللبنانية والعربية والفرنسية والتدقيق في مختلف المراجع والكتب والاراء الاستشارية الصادرة عن ديوان المحاسبة والتقارير الخاصة والاحكام القضائية والاجتهادات...

وقد قدمت الباحثة في نهاية الاطروحة توصيات واقتراحات عامة تسهم في تحسين اعداد الموازنة العامة في لبنان وانتظام المالية العامة مؤكدة ضرورة الاستفادة من التجارب الدولية في هذا الاطار كما اكدت ان الموازنة العامة تعتبر الاداة الرئيسة في تمكين الحكومات من تطبيق السياسات المقرة... وشكل مدخلا لاصلاح المالية العامة للوصول الى تحقيق الحكم الرشيد والعدالة الاجتماعية، والحفاظ على الاموال العمومية، وتفعيل الرقابة والمساءلة والمحاسبة.

لقد افتتح الدكتور مروان قطب الجلسة، فاعطى الكلام الى الطالبة بولين، فذكرت اهمية الموضوع، واسباب اختياره كونه يكشف عيوب المبادئ التقليدية في اعداد الموازنة العامة، ويعرض للتوجه الحديث في كيفية اعداد موازنة الدولة، التي يقتضي ان تعكس عمليا سياستها المعتمدة في ادارة الانفاق العام وتأثيره في خطط الانماء، كما يبرز اهمية التعرف الى التجارب الدولية والعربية في الاجراءات والآليات التي اعتمدت لاعادة هيكلية الموازنة العامة، لتصبح على درجة عالية من الشفافية والمرونة والمصداقية والكفاءة في معالجة تطوير النصوص القانونية القائمة. اما الدافع المباشر لاختيار هذا الموضوع، فهوعدم انتظام في وضع المالية العامة، وفي واقع الموازنة العامة، التي تعاني من فوضى عارمة اعدادا وتنفيذا واقرارا...

يضاف الى ذلك، عملي كمراقب اول في ديوان المحاسبة منذ اكثر من خمسة عشر عاما، من خلال تدقيقي ودراستي للملفات في اطار الرقابة الادارية المسبقة، والرقابة الادارية المؤخرة. ثم جاءت اشكالية البحث فاوردت: ما مدى فعالية النظام القانوني المحدد للاحكام والنصوص القانونية والتنظيمية القائمة التي تحكم اعداد الموازنة العامة في تحقيق الاهداف العامة للدولة، وهل يساهم في الحفاظ على الاموال العمومية في تفعيل الرقابة والمساءلة والمحاسبة، وبالتالي، في تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي، وفي ضبط الانفاق العام بصورة صحيحة؟ وقد اعتمدت الباحثة على المنهج التحليلي والمنهج المقارن التاريخي.

وقد قسمت الدراسة الى بابين وفصلين لكل باب وثلاثة مباحث لكل فصل، فتناولت في الباب الاول: المبادئ التقليدية المتبعة في اعداد الموازنة العامة، وفي الباب الثاني: المبادئ الحديثة في اعداد الموازنة العامة.

اما ابرز النتائج فجاءت على الشكل الاتي:

- النظام القانوني المحدد للاحكام والنصوص القانونية التي تحكم اعداد الموازنة العامة لم يعد كافيا لتحقيق الاهداف العامة للدولة.

- المبادئ التقليدية التي تتسم بها الموازنة العامة لم تعد تحقق الغاية المرجوة.

- من الضروري والملح اعتماد مبادئ اضافية جديدة.

بينت الدراسة ان موازنة البنود المتبعة حاليا في لبنان من شأنها ان تؤثر سلباً في فاعلية المساءلة البرلمانية.

ومن ابرز التوصيات:

- ضرورة العمل على اعداد موازنة عامة تتضمن رؤية اقتصادية، وبرنامجا اصلاحياً واستراتيجية شاملة.

- ضرورة الابقاء على المبادئ التقليدية واضافة مبادئ حديثة.

- ضرورة احترام المهل الدستورية.

- العمل على اعداد واقرار قطع الحساب.

- العمل على اصدار موازنة خالية من فرسان الموازنة.

وغب الانتهاء، عقب الدكتور قطب بالقول: "ان كلمتك تصلح ان تكون محاضرة متكاملة في الموضوع المعالج". ثم اعطى الكلام الى الدكتور عباس نصرالله، الذي نوّه بالدراسة واعتبر ان العنوان يمكن ان يكون". "مبادئ اعداد الموازنة بين الواقع والمرتجى" بدلا من العنوان المعتمد؟ كما اعتبر ان اهم عمل على الاطلاق اصدار مجلس النواب والحكومة الموازنة السنوية في الوقت المحدد. وقد اشار الى ان الملاحظات سواء في الشكل او لامست المضمون، لا تقلل من قيمة الاطروحة واهميتها، وانه من المفيد التناسق في الحجم بين الفصول والمباحث، وركز على اهمية الاصلاح السياسي قبل الاصلاح المالي، لان النظام السياسي العقيم- الطائفي شكل عائقا امام كل اصلاح.

اما الدكتور سامي علوية، فقد حلت مكانه الدكتورة ميسا، فوافقت ايضا على انه يقتضي تعديل العنوان وحذف موقع wikipedia، وهي تفضل الا يكون في المقدمة اي مرجع، وختمت كلامها بتوجيه سؤال الى الطالبة: "ما رأيك في موازنة 2024".

اما الدكتور حسن محيدلي، فقد اشاد بالمقدمة التي ابرزت شخصية الطالبة، مع ضرورة وضع عناوين لكل فصل وتعليل التوصيات. وقد طرح السؤال: ما هو الفرق بين عجز الموازنة وعجز في الميزانية؟ وايضا: ما هو المطلوب لتطبيق موازنة البرامج والاداء؟

ثم جاء دور الدكتور محمد خليفة، فاشاد بالاشكالية الاساسية، بيد انه رأى ان معلومات قوانين البرامج غير كافية، وقد تم الحديث عن رقابة الانتوساي دون شرح تفصيلي، وقد شارك من سبقه لجهة تعديل العنوان واعادة ترتيب المعلومات، ومعتبرا ان النتائج والمقترحات مهمة وجيدة.

يستنتج ان اللجنة اشادة بالدراسة وبمضمونها، ولا سيما اعتمادها المراجع الاجنبية (الفرنسية) التي رفدتها معلومات جوهرية، واساسية؟ وان الملاحظات القيمة في الشكل والمضمون، لم تقلل من اهمية الاطروحة لكونها سعت الى سدّ بعض الثُغر والهنات ولسان حالها يردد كلاما للفيلسوف اليوناني ارسطو aristo اذ رد بعض اراء استاذة افلاطون platon النظرية. وقال ارسطو: "افلاطون صديق والحق صديق ولكن الحق اصدق".

وبعد الخلوة والمناقشة والمداولة قررت اللجنة منح الطالبة بولين جرجس ديب شهادة الدكتوراه بدرجة جيد جدا بمعدل 100/88 مبروك.

وفي الختام يسعدني ويشرفني ان اكون قد حضرت جلسة المناقشة للسيدة بولين التي بدت فيها واثقة ومتأهبة للرد على كل الاسئلة بموضوعية وبتواضع وبايجابية وبرحابة صدر ولسان حالها يردد قول العماد الاصفهاني المتوفي عام 967م:"اني رأيت انه لا يكتب انسان كتابا في يومه الا قال في غده لو غير هذا لكان احسن ولو زيد كذا لكان يستحسن ولو قدم هذا لكان افضل ولو ترك هذا لكان اجمل وهذا من اعظم العبر وهو دليل على استيلاء النقص على البشر.

فالكمال لله وحده وجل من لا يخطئ. وانهي كلامي بالاتي: "عندما سئل فرويد Freud ذات مرة عن الاساتذة الذين اثروا في تكوينه فكان جوابه اشارة من يده نحو مكتبته حيث اصطفت روائع الاداب العالمية".


الأكثر قراءة

صرخة معلولا: أيّها الأسد أنقذنا