اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

5- صلاحية أُخرى مهمة للمحكمة وهي النظر في استئناف القرارات المتعلقة باذن التوكل.

وبالفعل. تنص المادة 94 من قانون تنظيم المهنة على ما يأتي:

1- لا يحق للمحامي ان يقبل الوكالة بدعوى ضد زميل له او ان يقيم هو عليه دعوى شخصية قبل استحصاله على اذن من النقيب.

2- يقدم طلب الاذن الى النقيب الذي يبته اذا لم يستطع التوفيق بين المتنازعين في مهلة لا تتعدى الثلاثين يوما من تاريخ تسجيل الطلب في قلم النقابة.

وفي حال انقضاء المهلة دون البت بالطلب يعتبر الاذن قائما عفوا، ويحق لكل من الفرقاء الاعتراض على قرار النقيب الصريح او الضمني امام مجلس النقابة ضمن مهلة عشرة ايام من تاريخ تبلغ القرار الصريح، او من تاريخ صدور القرار الضمني. وعلى مجلس النقابة البت بالاعتراض في مهلة ثلاثين يوما من تاريخ وروده والا اعتبر الاعتراض مردوداً.

3- يقبل قرار مجلس النقابة الصريح او الضمني بهذا الخصوص الاستئناف وفقا للاصول المنصوص عليها في الفقرة الاخيرة المعدلة من المادة /79/.

4- خلافا للفقرة الاولى من هذه المادة يجوز للمحامي بصورة استثنائية كلية قبول الوكالة في الدعاوى المدنية لاتخاذ التدابير الاحتياطية على الاموال للمحافظة على الحقوق المعرضة للضياع وذلك قبل الاستحصال على اذن من النقيب، على ان يتقدم بطلب الاذن ضمن مهلة لا تتعدى عشرة ايام من تاريخ اتخاذ مثل هذه التدابير.

يتبين مما تقدم:

أ‌- انه لا يحق للمحامي ان يقبل الوكالة بدعوى ضد زميل له او ان يقيم عليه دعوى شخصية قبل استحصاله على إذن من النقيب. وفي العام 2012 طُرحت قضية امام مجلس النقابة تتعلق بما اذا كان يحق للمحامي ارسال إنذار لزميله المحامي في مسألة شخصية. وهل هو بحاجة الى الاستحصال على اذن من نقيب المحامين؟ فاعتبر المجلس بعد نقاشات مستفيضة، بالاكثرية، انه يجب عليه الاستحصال على اذن من النقيب.

ب‌- ان طلب الاستحصال على اذن من النقيب يقدم من المحامي طالب الاذن، يشرح فيه الاسباب. فيبت النقيب الطلب إما بالموافقة او برد الطلب وذلك ضمن مهلة ثلاثين يوماً من تاريخ وروده. فإذا لم يبت النقيب الطلب يعتبر الاذن قائماً عفواً. ويقبل قراره الصريح او الضمني الاعتراض امام مجلس النقابة ضمن مهلة عشرة ايام من تاريخ التبلغ، وعلى المجلس بته خلال مهلة ثلاثين يوماً من تاريخ وروده وإلا اعتبر الاعتراض مردوداً.

عندما يقدم المحامي المعترض الاعتراض، يجب ان يُقدم بوجه زميله المعترض عليه، وليس بوجه النقيب او بوجه النقابة. كما ان استئناف القرار لاحقاً يجب ان يقدم ضد زميله المحامي وليس ضد النقيب او مجلس النقابة. وقد اصدرت محكمة الاستئناف في قرارها رقم 18 تاريخ 18/12/2000 قراراً قضى برد الاستئناف شكلاً والموجه ضد نقابة المحامين معللة قرارها ان موضوع الاستئناف هو الطعن في قرار النقابة القاضي بعدم اعطاء الاذن بملاحقة المحامي. فتكون النقابة غير معنية بهذا الاستئناف ولا صفة لها لتوجيهه ضدها.

لدى تقديم الاعتراض من قبل المحامي ضد زميله امام مجلس النقابة، يعرض امين السر الوقائع ويعرض تقريره. ويقرر المجلس بالتصويت ما اذا كان يصدق قرار النقيب او يفسخه. وكما اسلفنا، قرار المجلس قابل للاستئناف امام محكمة الاستئناف النقابية، ويوجه من المحامي طالب الاذن او من المطلوب الاذن ضده ضد زميله وليس ضد النقابة او مجلس النقابة او النقيب. وذلك ضمن مهلة عشرة ايام، ولنركز جيداً ضمن مهلة عشرة ايام وليس 15 يوماً. وهذا ما اكدته محكمة الاستئناف في احد قراراتها وخصوصاً ان التباساً حصل في الفقرة 3 من المادة 94 حيث وردت عبارة وفقاً للاصول المنصوص عليها في الفقرة الاخيرة المعدلة من المادة 79.

وبما اننا آلينا على انفسنا شرح النقاط بصورة عملية لا نظرية، والتوغل في النقاط الخلافية التي لا تجد جواباً شافياً، نضيف ان إذن التوكل هو اذن شخصي، بمعنى انه معطى للمحامي طالب الاذن شخصياً. من هنا طُرح السؤال: هل يحق للمحامي تنظيم وكالة لزميل له لحضور ومتابعة الملف ضد الزميل الذي تم الاستحصال على الاذن ضده؟

سؤال دقيق، طُرح عدة مرات، وكانت الآراء مختلفة بشأنه، خصوصاً متى كانت الوكالة منظمة لاحد المحامين الذي يتعاون معه المحامي الذي استحصل على الاذن في المكتب ذاته. او كأن يحضر محام متدرج من مكتبه الجلسات ويتابع الاجراءات.

انقسمت الآراء حول هذا السؤال:

- منهم من قال انه، وإن كان الاذن شخصياً للمحامي، إلا انه يحق له على مسؤوليته الخاصة تنظيم وكالة لزميل له، خصوصاً اذا كانا ينتميان الى المكتب ذاته، لحضور الجلسات ومتابعة الاجراءات، لانه لا يستطيع متابعتها شخصياً.

- ومنهم من قال انه لا يحق له إجراء توكيل لزميله لمتابعة الملف، لان الاذن شخصي، ولان النقيب يكون قد وافق على منحه الاذن شخصياً، وإلا ما الفائدة من طلب الاذن من النقيب، ما دام المحامي يطلبه فيستحصل عليه، فينظم وكالة لزميله. فلا يعود من فائدة من نص المادة 94 من القانون. اذ مَن يكفل عدم تنظيم الوكالة من قبل المحامي طالب الاذن لزميل له قد لا يكون بالمستوى المناقبي ذاته مثلاً. ونحن نميل الى هذا الرأي، مع الاخذ بعين الاعتبار امرين:

الاول: اننا لا نرى مانعاً من وضع نص يجيز لمن يتعاون معه في المكتب ذاته حسب قيود النقابة، حضور الجلسات ومتابعة الاجراءات بإشراف مباشر منه.

الثاني: اننا لا نرى مانعاً من حضور المحامي المتدرج الجلسات ومتابعة الاجراءات وخصوصاً انه يعمل بإشراف المحامي المتدرج المباشر، لا بل يستطيع حضور الجلسات لمجرد انه مسجل على اسمه ودون ان يكون اسمه وارداً في نص الوكالة.

أستئناف القرارات الصادرة عن المجلس التأديبي

6- كما ان صلاحية مهمة ايضاً تعود لمحكمة الاستنئاف الناظرة في الدعاوى والقضايا النقابية وهي استئناف القرارات الصادرة عن المجلس التأديبي، والتي تُستأنف من المحامي ضد نقابة المحامين وليس ضد مجلس النقابة او النقيب او هيئة مجلس التأديب التي حكمت في الملف.

وبالفعل.

تنص المادة 96 من قانون تنظيم مهنة المحاماة على ان مجلس التأديب في نقابة المحامين، يتألف من النقيب العامل او من ينتدبه رئيساً، ومن عضوين يختارهما النقيب لمدة سنة من مجلس النقابة، ويجوز ان يكون احد العضوين من المحامين المقيدين في الجدول العام منذ عشر سنوات على الاقل.

كما تنص على ان هيئة المحكمة ترتدي رداء المحامين الخاص، ومثلها المحامي الماثل امامها ووكيله.

وتنص المادة 97 من القانون عينه على انه يجوز رد اعضاء المجلس التأديبي او احدهم عند وجود سبب من اسباب رد القضاة المنصوص عليها في قانون اصول المحاكمات المدنية. وان مجلس النقابة هو الذي ينظر في طلب الرد ويفصل فيه وفقاً لاصول رد القضاة.

وتضمن القانون مواد تتعلق بالعقوبات، واخرى تتعلق بأصول المحاكمة وطرق المراجعة.

ما يهمنا هنا هو التركيز على كيفية عمل المجلس التأديبي بصورة مبسطة ومختصرة وواضحة.

وبالفعل:

1- يؤلف نقيب المحامين العامل مجلس التأديب، الذي قد يكون مؤلفاً من غرفة واحدة او عدة غرف.

2- يترأس النقيب مجلس التأديب او ينتدبه رئيساً. ويجب ان يكون الرئيس قد مضى على تسجيله في جدول المحامين العاملين عشرون سنة على الاقل.

3- يتألف مجلس التأديب من الرئيس ومن عضوين يختارهما ايضاً النقيب لمدة سنة من مجلس النقابة. ويجوز ان يكون احد العضوين من المحامين المقيدين في الجدول العام منذ عشر سنوات على الاقل. يتبين مما تقدم ان المبدأ هو ان يكون العضوان من مجلس النقابة. والاستثناء ان يكون احدهما عضواً في المجلس. من هنا برز اجتهاد جديد لمحكمة استئناف بيروت برئاسة القاضي أيمن عويدات، والتي اكدت على وجوب حضور جلسات مجلس التأديب بشكل دائم، عضو مجلس النقابة المكلف من قبل النقيب. وبات النقباء يعينون عضواً اصيلاً وعضواً رديفاً في المجلس التأديبي، يكون عضواً ايضاً في مجلس النقابة، ليتسنى لعضو مجلس النقابة حضور جميع جلسات المجلس التأديبي. وفي حال غيابه يحضر العضو الرديف.

4- ترتدي هيئة مجلس التأديب رداء المحامين الخاص، ومثلها المحامي الماثل امامها ووكيله. وبالتالي جاء النص واضحاً حول وجوب ارتداء روب المحاماة من قبل المحامي المحال امام المجلس التأديبي وليس كما يعتقد البعض من انه لا يحق له ذلك.

5- كيف يضع المجلس التأديبي يده على الملف؟

الجواب واضح، وهو ان النقيب هو الذي يحيل المحامي امام مجلس التأديب. ولكن ضمن شروط.

- عندما يرى النقيب ان هناك مخالفة مسلكية مرتكبة من قبل محامٍ، او عندما يرد إخبار مقدم له او شكوى، يحيل الشكوى او الإخبار، او الكتاب من قبله امام عضو مجلس نقابة حالي او سابق. وقد يستمع للمحامي المشتكى منه شخصياً دون إحالته امام محقق آخر. وبعد الاستماع للمحامي من قبل المحقق، ينظم تقريراً موضوعياً يرفعه الى النقيب الذي إما يحفظ الشكوى او الإخبار، او يوجه تنبيهاً شفوياً او خطياً للمحامي، او يحيله امام المجلس التأديبي.

6- يترأس رئيس مجلس التأديب الجلسة، ومعه العضوان. وتجري المحاكمة امامه بصورة سرية. وتبلغ الدعوات والاحكام وفقاً للاصول. ويحضر المحامي المحال امام المجلس إما وحده او يحضر معه محامٍ وكيل. والمفارقة المهمة انه لا يحق للشاكي الحضور شخصياً او بواسطة وكيله. ولا يحضر إلا بناء على قرار المجلس بالاستماع اليه كشاهد.

7- يصدر مجلس التأديب قراره إما باعلان براءة المحامي. او بتوجيه تنبيه او لوم او منع من مزاولة المحاماة مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات. او الشطب من جدول النقابة.

8- تقبل الاحكام التأديبية الصادرة بصورة غيابية الاعتراض في مهلة عشرة ايام تلي تبليغه الحكم شخصياً او بكتاب مضمون مع اشعار بالوصول.

أما الاحكام الوجاهية فتقبل الاستئناف من قبل المحامي او النيابة العامة الاستئنافية خلال عشرة ايام تلي التبليغ. وذلك امام محكمة الاستئناف في بيروت (او في طرابلس للاحكام الصادرة عن مجلس التأديب في نقابة المحامين في طرابلس)، الناظرة في الدعاوى النقابية، والتي ينضم اليها عضوان من مجلس نقابة المحامين شرط الا يكونا قد نظرا في القضية بداية ضمن مجلس التأديب. وللمحكمة ان تنظر في الملف بقبول الاستئناف شكلاً ام لا، وفي الاساس إما تصدق قرار مجلس التأديب او تفسخه وتحكم مجدداً في الملف. وقرارها لا يقبل التمييز.

9- طُرحت نقطة مهمة كانت مدار بحث معمق حول ما اذا كانت قرارات مجلس التأديب معجلة التنفيذ ام لا. وبعد ان كان اجتهاد المحاكم يأخذ بما جاء في المادة 110 من النظام الداخلي للنقابة حول صدور القرار معجل التنفيذ عن المجلس. إلا ان محكمة الاستئناف برئاسة القاضي أيمن عويدات في عدة قرارات حديثة، اعتبرت انه على المحاكم التقيد بمبدأ تسلسل القواعد عملاً بأحكام المادة 2 من قانون اصول المحاكمات المدنية. وان المادة 110 من النظام الداخلي التي نصت على تعجيل نفاذ القرار الصادر عن المجلس التأديبي، لا يمكن ان تتجاوز نص قانون اصول المحاكمات المدنية الذي يتقدم في التطبيق على نص النظام الداخلي لنقابة المحامين. وان نص المادة 570 اصول مدنية يعتبر معجل التنفيذ اي حكم او قرار ينص القانون على تعجيل تنفيذه.

10- يحق للمحامي الذي صدر قرار تأديبي بشطب اسمه نهائياً من جدول النقابة، ان يطلب بعد مضي خمس سنوات كاملة على صدور ذلك الحكم الى مجلس النقابة اعادة تسجيل اسمه في جدول المحامين. فاذا رأى المجلس ان المدة التي مضت كافية لازالة اثر ما وقع منه، قرر اعادة تسجيل اسمه، واذا رفض المجلس الطلب فلا يجوز تجديده الا بعد مرور سنتين ولا يجوز تجديد الطلب بعد رفضه مرتين.

11- يبقى ان اسباب الإحالة امام مجلس التأديبي، الذي تعتبر المحاكمة امامه محاكمة عائلية كما جاء في الاجتهاد الفرنسي Familiale، تتعلق بالاخلال بالواجبات المهنية، او إقدام المحامي اثناء مزاولة المهنة او خارجاً عنها (المادة 99 من القانون) على عمل يحط من قدرها او يسلك مسلكاً لا يأتلف وكرامتها.

فرسالة العدالة لا تتحقق إلا بسلوكية معينة ايجابية الطابع، اذ يعتبر المحامي من نخبة المجتمع ومن حماة القانون، وتبعا لذلك يتعين عليه ان يتمتع بحسن الآداب وطيب السمعة في كل الاعمال ويفترض عليه ان يسلك الطرق والوسائل القانونية في كافة الظروف، بحيث انه اذا اخل بتلك المبادئ سواء في معرض ممارسة المهنة او خارجها تعرض للمساءلة المسلكية.

* * *

وبتاريخ 21/1/2022، وكنت نقيباً عاملاً اصدرت التعميم الآتي:

تعميــــــــــــــم

من : نقيب المحامين في بيروت.

الى: الزميلات والزملاء رؤساء وأعضاء المجالس التأديبية.

بالإشارة الى الاجتماع الذي عقد نهار الاثنين في 10/1/2022، نرى توضيح بعض المسائل الذي عرضت فيه وجرى التوافق على مراعاتها في المحاكمة التأديبية.

أولاً: في وضع يد المجلس التأديبي على الملف.

يستفاد من المادة 102 من قانون تنظيم مهنة المحاماة أن النقيب يطّلِع على المخالفة المسلكية إما عفوياً أو بموجب شكوى إخبار يقدما اليه. وأن الإجراء الأول الذي يتخذه النقيب هو الاستماع الى المحامي المنسوبة له المخالفة أو تكليف أحد أعضاء مجلس النقابة العاملين أو الدائمين أو السابقين للقيام بهذه المهمة عملاً بالمادة 106 من النظام الداخلي.

بعد الاستماع الى المحامي المنسوبة له المخالفة، يكون للنقيب إما حفظ الملف أو الاكتفاء بتوجيه تنبيه اخوي له أو تقرير إحالته الى المجلس التأديبي.

وعليه، فان المجلس التأديبي يضع يده على الملف بموجب قرار النقيب مع تسجيل الملاحظتين الاتيتين :

الأولى: أن أي خلل في الإجراءات أعلاه، وخاصة لجهة الاستماع للمحامي ، يؤدي الى بطلان قرار الإحالة الى المجلس التأديبي.

الثانية: إذا تجاهل المجلس التأديبي الخلل، فأن قراره سيكون عرضة للإبطال من قبل محكمة الاستئناف في حال طعن فيه. وهذا هو الرأي الراجح في الاجتهاد.

ثانياً: في مرحلة ما بعد الإحالة الى المجلس التأديبي.

بعد صدور قرار النقيب بالإحالة الى المجلس التأديبي، ترتفع يده عن الملف، ولا يعود له أي حق بالتدخل فيه بعد ان يصبح في عهدة المجلس. وحول ما ورد في الفقرة الأخيرة من المادة 102 من قانون المحاماة التي تنص:

" وعلى النقيب أن يسهر على سرعة الفصل في القضية "،

نرى أن التفسير الصحيح يجب الا يثير أي إشكال، اذ المقصود هو ان يحرص النقيب على إصدار الحكم في مهلة معقولة، وبالتأكيد لا يعود للنقيب ولا يحق له التدخل للتأثير في قناعة المجلس أو الطلب منه إصدار حكمه بمضمون معين أو بنتيجة معينة. في حال توافر أي استحالة مادية أو قانونية تحول دون مباشرة إجراءات المحاكمة أو إصدار الحكم، يحيل النقيب الملف الى غرفة أخرى .

ثالثاً: في أصول المحاكمة لدى المجلس التأديبي.

1- من خصائص المحاكمة التأديبية أنها سرية (المادة 106 مهنة).

2- أي أصول يطبق المجلس التأديبي؟ الجزائية، المدنية ، الإدارية...؟

يبدو من نص المادة 105 من قانون المحاماة أن المجلس ليس مقيداً بأي أصول باستثناء ما يتعلق منها بحقوق الدفاع وحسن سير العدالة.

والمهم في الموضوع هو تحديد وتفسير المقصود بعبارة " ضمانة حقوق الدفاع وحسن سير العدالة " ، لأنها عبارة واسعة المدى من حيث التطبيق.

فتأمين حقوق الدفاع يعني:

 إبلاغ المحامي المحال أو وكيله في حال طلب ذلك، نسخة عن كل الأوراق الموجودة في الملف وبوجه خاص: الشكوى أو الإخبار (في حال وجودهما) محضر الاستماع اليه من قبل النقيب أو المنتدب من قبله، قرار الإحالة. محضر استجواب المحامي من قبل المجلس، محضر استماع شاهد ...الخ.

 إعطاء المحامي المحال أو وكيله المهلة المعقولة لتقديم دفاعه أمام المجلس أو أي تعليق على الاستجواب أو شهادة الشاهد أو أي مستند يبرز في الملف.

 أن للمجلس الحرية التامة في اعتماد أي وسيلة إثبات وإجراء أي تحقيق يراه مناسباً لجلاء الحقيقة، كما له أن يحدد الأصول التي يراها مناسبة في المحاكمة وإجراءاتها.

3- في حال كان المحامي حاضراً في الجلسة الأخيرة، يعطى له الكلام الأخير ويعلن رئيس المجلس ختام المحاكمة وتحديد موعد لإفهام الحكم. أما في حال لم يكن حاضراً، فيعلن رئيس المجلس ختام المحاكمة ويحدد موعد إفهام الحكم.

4- يستحسن أن تتضمن الفقرة الحكمية في القرار التأديبي النهائي أنه معجل التنفيذ عملاً بالمادة 116 من النظام الداخلي وسنداً للمادة 572 أ.م.م. باعتبار أن التأديب هو من القضايا التي تتوافر فيها العجلة. مع لفت النظر الى أن من الأفضل أن يتضمن القرار التأديبي تعليلاً لهذه الجهة مفاده أن استمرار ممارسة المهنة من المحامي المحكوم عليه تأديبياً من شأنه أن يلحق الضرر المادي بموكليه والضرر المعنوي بمهنة المحاماة. والسبب لذكر ذلك رغم وجود المادة 116 من النظام الداخلي هو أن اجتهاد محكمة استئناف بيروت مستقر على القول ان القرار التأديبي ليس معجل التنفيذ لأن النظام الداخلي لا يمكن أن يعلو على القانون.

5- نرى أنه ليس ما يمنع أن يصدر الحكم التأديبي مع منحة وقف تنفيذ العقوبة.

رابعاً: في وصف الفعل.

هل المجلس التأديبي مقيد بقرار الإحالة وما اذا كان يشكّل مخالفة مسلكية ام لا؟

بالتأكيد، للمجلس الحرية الكاملة وهو ليس مقيداً بقرار الإحالة. إنما لا يمكن المجلس، وإذا ثبت له في معرض استثبات الوقائع والتحقيقات التي يجريها وجود فعل آخر يشكل مخالفة مسلكية أن يرتكز على هذا الفعل الجديد للحكم على المحامي المحال، بل يعلم النقيب بما تبين له ويكون للنقيب اتخاذ ما يراه مناسباً.

وبالنتيجـــــــــــــــــــــــــة،

ان المجلس التأديبي له الحرية الكاملة في اتخاذ القرار المناسب في ضؤ قناعته القانونية والواقعية.

* * *

يبقى ان نشير الى ان القرار الذي يتخذه النقيب بخصوص السماح او عدم السماح للمحامي الاجنبي بالترافع امام المحاكم اللبنانية في قضية معينة، مع شرط المقابلة بالمثل، غير خاضع لاي طريق من طرق المراجعة.

7- كما نشير الى ان القرار الذي يتخذه نقيب المحامين طبقاً لنص المادة 93 من القانون، غير قابل للاعتراض امام مجلس النقابة، وغير قابل للاستئناف او لاي طريق من طرق المراجعة.

مفهوم المادة 93 من قانون تنظيم مهنة المحاماة:

تنص المادة 93 من قانون تنظيم مهنة المحاماة على ما يأتي:

"على المحامي، عندما يعهد اليه بالوكالة في دعوى كان احد زملائه وكيلاً فيها ان يرفض

قبول الوكالة، ما لم يسمح له زميله بذلك، او يستأذن النقيب".

هذه المادة، وعلى الرغم من ظاهرها الواضح، لا تزال مدار تفسير وتحليل، وتطرح بشأنها عشرات الاسئلة. ومنها:

1- إذا عزل الموكل وكيله المحامي، فهل يحق لزميله المحامي قبول الوكالة ومتابعة الدعوى؟

2- إذا اعتزل المحامي الوكيل الوكالة، وابلغ موكله بذلك، فهل يحق لزميله المحامي قبول ومتابعة الدعوى؟

3- من الذي يتقدم بالطلب امام النقيب هل الموكل ام المحامي الذي يرغب بالتوكل؟

4- هل لدى النقيب مهلة للبت بالطلب؟. وهل قراره قابل للاعتراض امام مجلس النقابة؟

* *

1- إذا عزل الموكل وكيله المحامي. وعلى الرغم من العزل، لا يحق لمحامٍ زميله ان يقبل الوكالة، وعليه ان يراجع نقيب المحامين ليأذن له بالتوكل ومتابعة القضية. وفي حال مخالفته هذا الامر يخضع للمساءلة المسلكية .

2- اما السؤال الادق الذي يطرح، فهو في حال اعتزل المحامي الوكالة، وارسل كتاباً بهذا الخصوص لموكله بأنه اعتزل الوكالة ولم يعد يرغب بمتابعة القضية. فهل يحق لزميله المحامي قبول الوكالة والحلول محله في متابعة القضية ام عليه استئذان نقيب المحامين؟

نقطة دقيقة جداً وتطرح بشكل دائم وتعطى آراء مختلفة بشأنها، اذ من جهة يكون المحامي الوكيل قد اعتزل الوكالة من تلقاء نفسه، ولم يعد يرغب في متابعة الملف، ومن جهة اخرى لم يسمح لزميله بقبول الوكالة والحلول محله حسب ما جاء في حرفية المادة 93 من قانون تنظيم مهنة المحاماة. فما هو الحل؟

برأينا الخاص، وهو رأي قابل للمناقشة، ما دام الوكيل السابق قد اعتزل من تلقاء نفسه الوكالة، ولم يتم عزله من قبل موكله، فإنه يحق لزميله قبول الوكالة. اذا لا يمكنه بعد الاعتزال منع زميله من قبول الوكالة ومتابعة القضية. هذا في التفسير الواسع. اما اذا اعتمدنا التفسير الضيق، فقد ورد في المادة 93 من القانون عبارة" ما لم يسمح له زميله". مما يعني انه حتى ولو اعتزل الوكالة يبقى انه هو من سيسمح لزميله بقبول الوكالة ام لا. ونحن نميل الى اعتماد التفسير الواسع للمادة.

3- اما الطلب الذي يقدم امام نقيب المحامين، فيكون من قبل المحامي الذي يرغب في التوكل في القضية. وعليه ان يرفق صورة عن كتاب العزل وصورة عن تبلغ المحامي كتاب العزل. فالطلب لا يقدم من قبل صاحب العلاقة الموكل. بل من المحامي لانه هو من يرغب بالتوكل والحلول محل زميله في الملف.

4- عندما يقدم الطلب امام النقيب، يدرسه ويتخذ القرار المناسب بشأنه، وليس لديه مهلة للبت به، كما ان قراره غير قابل لاي طريق من طرق الطعن لا للاعتراض امام مجلس النقابة ولا للاستئناف اما محكمة الاستئناف النقابية. وغالباً ما يوافق النقيب على الطلب الا اذا سبق للمحامي الذي يطلب الترخيص له ان قَبلَ الوكالة او استعملها او تدخل في الملف.

* * *

يبقى ان المادة 93 ق.ت.م. من ضمن المواد في القانون التي تؤمن للمحامي استقراراً في العلاقة مع موكله، وتمنع دخول آخرين على الملف إلا بعد موافقته او اعتزاله الوكالة او تقرير نقيب المحامين ذلك.

8- قرار الشطب الإداري الذي يتخذه مجلس نقابة المحامين:

تعليقات كثيرة كُتبت حول مفهوم قرار الشطب الاداري الذي يتخذه مجلس نقابة المحامين حيال محامٍ مخالف ومرتكب. وما اذا كانت الصلاحية تعود اليه ام الى المجلس التأديبي الذي يوقف مزاولة المهنة للمحامي. واكثر التعليقات تأتي ممن يدعون حرصهم على الحريات العامة وحقوق الانسان، وكأن هذه الحريات لا حدود لها حتى ولو مست بكرامة الآخرين وبكرامة النقابة التي ينتمي اليها المحامي.

فما هي طبيعة القرار والقواعد المطبقة عليه؟

عن هذا السؤال اجابت محكمة الاستئناف في بيروت الناظرة في قضايا النقابات والمؤلفة من الرئيس ايمن عويدات والمستشارين حسام عطالله وكارلا معماري وعضوي مجلس النقابة الاستاذين عبدو لحود وميسم يونس، في قرارها رقم 3/2024 تاريخ 18/1/2024 فقالت:

أ_ في مسألة طبيعة القرار المستأنف والقواعد المطبّقة عليه

وحيث ان المستأنف يطعن بان القرار المستأنف هو قرار تأديبي ضده، مدلياً بانه ليس لمجلس النقابة سلطة إلقاء تدابير وعقوبات تأديبية، بل ان اختصاص ذلك يعود للمجلس التأديبي للنقابة، فيكون مجلس النقابة قد تجاوز اختصاصه المحدد قانوناً.

وحيث ان نقابة المحامين في بيروت تدلي بان القرار المستأنف هو قرار شطب إداري تنظيمي يختص مجلس النقابة بإتخاذه وليس قراراً بالشطب التأديبي الذي يصدره المجلس التأديبي للنقابة.

وحيث لهذه الجهة يقتضي الإشارة الى ان الإجتهاد الفرنسي المتعلق بقرارات مجالس نقابات المحامين في فرنسا لا يمكن تطبيقه في لبنان، كون القرارات المذكورة قد صدرت في معرض كون مجالس نقابات المحامين في فرنسا هي نفسها مجالس تأديبية للمحامين وقد صدرت القرارات المدلي بها عن مجالس النقابات بصفة مجالس تأديبية وبعد محاكمة تأديبية، الامر المختلف في لبنان حيث مجلس نقابة المحامين لا يتمتع بسلطة تأديبية بل يعود ذلك الى هيئة خاصة هي المجلس التأديبي للنقابة.

وحيث يتبين ان القرار المستأنف قد صدر عن مجلس نقابة المحامين في بيروت متضمناً شطب قيد المستأنف المحامي من الجدول العام، بالإستناد الى انه من حق مجلس النقابة السهر على مسلك المحامين ومناقبيتهم وتصرفاتهم وان يتخذ التدابير المناسبة في مثل هذه الحال بما فيها عند اللزوم التدابير الاستثنائية التي تقتضيها الظروف التي تستدعيها.

وحيث لهذه الجهة فان المادة 59 من قانون تنظيم مهنة المحاماة نصّت على انه يختص مجلس النقابة بإدارة شؤونها ويعود له بنوعٍ خاص:

1-البت في طلبات الإنتماء الى النقابة وطلبات التعيين في الوظائف النقابية.

11-السهر على مسلك المحامين.

12-إصدار تعليمات للمحامين تتعلق بممارسة مهنتهم.

وحيث يتبين انه من الواضح والصريح ان التعداد الوارد في المادة 59 الآنفة الذكر أتى على سبيل المثال، بدليل ان مطلع المادة المذكورة نص على ان إختصاص المجلس هو إدارة شؤون النقابة بشكل عام، ومن أوجه هذه الإدارة البنود المدرجة فيها كأمثلة على سبيل الذكر وليس على سبيل الحصر.

وحيث ان ما يعزِّز هذه الوجهة ورود إختصاصات أخرى لمجلس النقابة لم يرد ذكرها في التعداد الوارد في المادة 59 المشار اليها آنفاً.

وحيث إعمالاً لذلك فان بعض اختصاصات المجلس قد وردت في النظام الداخلي للنقابة دون وروده في قانون تنظيم المهنة، كمثل الشطب للإنقطاع عن ممارسة المهنة مدّة من الزمن أو عدم إتخاذ مكتب ضمن النطاق الجغرافي للنقابة.

وحيث انه ضمن هذا الإطار فان المادة 5 من قانون تنظيم مهنة المحاماة إشترطت في البند الرابع منها لمزاولة مهنة المحاماة ان يكون من ينوي مزاولة هذه المهنة متمتعاً بسيرة توحي الثقة والإحترام، وأعطت المادة 7 من القانون المذكور مجلس النقابة إختصاص التثبت من توافر شروط المادة 5 الآنفة الذكر.

وحيث عملاً بذلك وعملاً بِكَون مجلس النقابة مختصاً بإدارة شؤون المهنة والسهر على مسلك المحامين، فانه يكون للمجلس التحقق دائماً من إستمرار توافر شروط المادة 5 الآنفة الذكر طوال فترة إنتساب المحامي الى النقابة، وليس فقط عند تقديم طلب التسجيل في النقابة، وذلك بمعزل عن أي ملاحقة تأديبية، إذ ان التثبت المشار اليه نابع من واجبات مجلس النقابة بمراقبة شؤون النقابة والمنتسبين إليها والتحقق من توافر شروط الإنتساب بشكل دائم ومستمر.

وحيث ضمن هذا السياق، فانه لمجلس النقابة ان يتخذ تدبير تتعلق بقيد المحامين في جدول المحامين العاملين عند تحقق شروط ذلك، وشطب هذا القيد عند زوال احد هذه الشروط، لاسيما وانه بموجب المبدأ القائل بتوازي الاجراءات

Paralellisme des formes فإن من له إجراء القيد عند تحقق الشروط له شطبه عند زوال هذه الشروط.

وحيث كذلك فانه بموجب البند 11 من المادة 59 من قانون تنظيم المهنة يختص مجلس النقابة بالسهر على مسلك المحامين، الأمر الذي يؤكد إختصاص المجلس بالإشراف المستمر إدارياً على توفر شروط المادة 5 من قانون تنظيم المهنة لا سيما شرط التمتع بسيرة توحي الثقة والإحترام.

وحيث ضمن هذا التحليل يتبين ان المادة 15 من النظام أجازت لمجلس النقابة شطب المحامين من الجدول الثاني، أي جدول المحامين العاملين (وفق المادة 12 من النظام الداخلي للنقابة) إنفاذاً لقرار صادر عن مجلس النقابة، فيكون إختصاص المجلس المذكور في المادة 15 من النظام الآنفة الذكر مطلقاً ضمن إختصاص المجلس بإدارة شؤون النقابة وتنظيمها وإستمرار تحققه من توافر شروط المادة 5 من قانون تنظيم المهنة في المنتسبين اليها، فيكون ما تضمنته المادة 15 من النظام الداخلي للنقابة منطبقاً على القانون وواجب التطبيق.

وحيث ان هذا الحق المعطى لمجلس النقابة مردّه الى ان المجلس المذكور هو السلطة الوحيدة التي أناط بها القانون إعلان صفة المحامي وتسجيله على جدول المحامين عند توافر الشروط المفروضة.

قرار محكمة إستئناف بيروت الغرفة السادسة رقم 17 تاريخ 18/7/1973

حصانة المحامي في الاجتهاد اللبناني، المحامي نبيل طوبيا، ص 82.

وحيث بالتالي يكون القرار المستأنف متخذاً بالإستناد الى سلطة مجلس نقابة المحامين الإدارية في الإشراف على شؤون النقابة ومراقبة توافر شروط الإنتساب الى النقابة بشكل مستمر ودائم، ما يستتبع إعتباره متمتعاً بالصفة الإدارية، وليس بالصفة التأديبية ونتيجة محاكمة تأديبية محددة أحكامها في المواد 96 وما يليها من قانون تنظيم المهنة، ولا أثر لعدم إيراد الصفة المذكورة في متن القرار على نفاذه.

وحيث تبعاً لما تقدم يقتضي إستبعاد كافة قواعد وأصول المحاكمة النقابية التأديبية التي يدلي بها المستأنف لعدم إنطباق هذه القواعد والأحكام على موضوع النزاع الراهن.

وحيث سنداً لما تقدم يقتضي تكريس سلطة مجلس نقابة المحامين الإدارية في الإشراف على شؤون النقابة ومراقبة توافر شروط الإنتساب الى النقابة بشكل مستمر ودائم لا سيما لجهة توافر شروط المادة 5 من قانون تنظيم مهنة المحاماة طوال فترة إنتساب المحامي الى النقابة.

وحيث تبعاً لكون القرار المستأنف متمتعاً بالصفة الإدارية، فان إجتهاد محكمة التمييز إعتبر ان قرار المجلس هو قرار اداري، ولا تأثير لاستئنافه على قوته التنفيذية بإعتبار ان مجلس النقابة لا يتمتع بالصفة القضائية، ولا يؤلف محكمة من محاكم الدرجة الأولى، وبالتالي فان قرار الشطب الإداري هو قرار معجل التنفيذ وإستئنافه لا يوقف التنفيذ إلّا إذا قررت محكمة الإستئناف ذلك، وذلك خلافاً للقرارات الصادرة عن المجلس التأديبي التي لا تعتبر معجلة التنفيذ وفق إجتهاد المحكمة (قرار هذه المحكمة تاريخ 25/6/2012 رقم أساس 222\2003، المحامي محمد مغربي ضد نقابة المحامين في بيروت، غير منشور)

بهذا المعنى:

- تمييز جزائي غرفة ثالثة قرار رقم 166\2003.تاريخ 2\7\. 2003 كساندر ص: 1207

- تمييز جزائي غرفة سادسة قرار رقم 178\2002 تاريخ 11\7\2002 كساندر ص:878

وحيث على ضوء ما تقدم ترد إدلاءات المستأنف المناقضة لما تقدم، ويقتضي تكريس حق مجلس النقابة بإتخاذ القرار المستأنف بالشكل الإداري وفق ما صار بيانه،

* * *

أعادت سرد الاجراءات الواجبة لاتخاذ القرار المستأنف

إلا ان محكمة الاستئناف اعادت سرد الاجراءات الواجبة لاتخاذ القرار المستأنف، نظراً لخطورة التدبير الممكن ان يتخذ من قبل المجلس والذي يصل الى الشطب الاداري نهائياً من جدول المحامين. وبالتالي على المجلس تأمين حق الدفاع للمحامي، والاستماع الى اقواله وملاحظاته بشأن التدبير عن طريق دعوته للحضور امام مجلس النقابة.

واوردت حيثيات مهمة ومبدئية في القرار المذكور اعلاه بهذا الخصوص. فقالت:

ب_ في الإجراءات الواجبة لإتخاذ القرار المستأنف

وحيث ان المستأنف يطعن في القرار المستأنف مدلياً بعدم مراعاة أصول دعوته وعدم مراعاة حق الدفاع المقدس من قبل مجلس النقابة عند إتخاذ القرار المذكور.

وحيث لهذه الجهة، فإن الدستور اللبناني نصّ في الفقرة "ب“ من مقدّمته على ان لبنان عضو مؤسس وعامل في منظمة الأمم المتحدة وملتزم مواثيقها والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتجسِّد الدولة هذه المبادئ في جميع الحقوق والمجالات دون استثناء، علماً ان المقدمة المشار اليها تشكِّل جزءاً لا يتجزأ من الدستور وتتمتع بموقعه في تسلسل القوانين.

وحيث بالتالي فإن المعاهدات الدولية المشار اليها آنفاً تشكِّل كذلك جزءاً من الدستور عملاً بالفقرة "ب" الآنف ذكرها من مقدّمة الدستور.

وحيث ان المادة 10 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تنص على ان "لكل إنسان الحق، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، في ان تنظر قضيته أمام محكمة مستقلة نزيهة نظراً عادلاً علنياً للفصل في حقوقه وإلتزاماته وأية تهمة جنائية موجهة له".

وحيث ان المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية نصّت على ان "من حق كل فرد لدى الفصل في اية تهمة جزائية توجّه اليه أو في حقوقه وإلتزاماته في أي دعوى مدنية، ان تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية منشأة وفقاً للقانون".

وحيث ان المبدأ الآنف ذكره ينبثق عنه مبدأ التساوي في الوسائل امام المحكمة Egalité des Armes الذي يكرِّس حق كل طرف بتقديم حججه وأدلّته بصورة تخوِّله الدفاع عن نفسه والمثول على قدم المساواة امام خصمه.

وحيث ان حق الدفاع المكرّس في مختلف المواثيق الآنف ذكرها هو من الحقوق الطبيعية والمبادئ الأساسية أو المبادئ العامة وقد صنفته محكمة التمييز اللبنانية ضمن المبادئ القانونية الأساسية، كما أكد المجلس الدستوري على انه يتمتع بقيمة دستورية.

-تمييز لبناني غرفة أولى قرار 25 تاريخ 20\3\1973، العدل 1973 ص 328

-قرار مجلس دستوري رقم 5\2001 الجريدة الرسمية 2001 رقم 24 ص 1794، وحيث من الثابت ان الإتجاه الحديث في الإجتهاد والفقه الداخلي والعالمي يتشدد في تطبيق وإحترام حق الدفاع العائد لكل إنسان في إسماع دفاعه وواجب تمكينه من ذلك،

وحيث ان هذه الوجهة لاقت تكريساً لها في الإجتهاد الإداري امام مجلس شورى الدولة بالنسبة لموظفي القطاع العام ومستخدمي المؤسسات العامة التي تقدم خدمة عامة).

وحيث كذلك فانه حتى في فرنسا فإن إختصاص مجلس النقابة لجهة الإسقاط من اللائحة السنوية للمحامين وهو إختصاص إداري، فإنه يتوجب على المجلس المذكور ان يستدعي المحامي وفق أصول معيّنة وتمكينه من تقديم دفاعه قبل إتخاذ قراره،

وحيث ان نظرية المحاكمة العادلة وإحترام حقوق الدفاع يطبّقان أمام المحاكم العادية وكذلك أمام الهيئات الإدارية المخوّلة إتخاذ تدابير بحق المواطنين والمنتسبين اليها.

وحيث ان الإجتهاد والفقه الحديثين يتجهان الى توسيع نطاق حقوق الأفراد والحماية المتوفرة لهم إنطلاقاً من إعتبار مبادئ المحاكمة العادلة وحقوق الدفاع مبدأً عاماً منبثقاً عن حق طبيعي، بحيث يُفرض تطبيق هذه المبادئ بحدّها الأدنى على الأقل على أشخاص أو هيئات مخوَّلة إتخاذ قرارات أو تدابير مؤثرة بحقوق الغير.

« Aucune autorité ne semble a priori échapper au respect de ces exigences procédurales lorsqu’elle est amenée à prendre une décision au détriment d’autrui. Enfin, les puissances privées, qu’on désignera ainsi, faute de mieux pour l’instant, ne sont pas à l’écart de ce mouvement de proceduralisation de notre droit. En un mot, chaque fois qu’une personne, qu’elle soit publique ou privée, physique ou morale, exerce un pouvoir au détriment d’autrui elle est susceptible d’être contrainte dans son action par une exigence procédurale ».

-Droit Processuel, Droit Commun du Procès, Serge Guinchard, Monique Bandrac, Xavier Lagarde et Mélina Douchy, Précis Dalloz, Edition 2001, N 630.

وحيث ان تقدير مدى وجوب التقيّد بالمبادئ المومأ اليها أعلاه لا يستند فقط الى طبيعة الهيئة التي تتخذ القرار بل الى خطورة القرار الصادر ومدى تأثيره على حقوق الغير وطبيعة الحقوق التي يتم المساس بها.

وحيث ان المحاماة هي وفق المادة الأولى من قانون تنظيم المهنة مهنة ينظمها القانون وتهدف الى تحقيق رسالة العدالة بإبداء الرأي القانوني والدفاع عن الحقوق، وهي وفق المادة 2 من القانون الآنف الذكر تساهم في تنفيذ الخدمة العامة، ولا يمكن ممارسة مهنة المحاماة دون الإنتساب الى نقابة المحامين.

وحيث ان ممارسة مهنة المحاماة من قبل المستأنف، هي ممارسة لمهنته الأساسية والعمل الأساسي الذي مارسه سحابة فترة من الزمن.

وحيث إن الصلاحيات الممنوحة الى مجلس النقابة لجهة الإشراف على إدارة النقابة، لا سيما حق المجلس المذكور في التحقق دائماً من إستمرار توافر شروط المادة 5 الآنفة الذكر طوال فترة إنتساب المحامي الى النقابة، وخطورة التدبير الممكن ان يتخذ من المجلس المذكور الذي قد يصل الى الشطب الإداري نهائياً من جدول المحامين، وبالتالي الحرمان من ممارسة مهنة المحاماة تبعاً لما صار بيانه فيما سبق، تستتبع بالنظر لخطورتها ومدى تأثيرها على حق أساسي وجوهري التقيّد بالحد الأدنى من تأمين حق الدفاع أقلّه تأمين فرصة للإستماع الى المطلوب إتخاذ التدبير الإداري بحقه.

وحيث لا يرد على ما تقدم بأن قرارات مجلس النقابة لهذه الجهة تبقى خاضعة للرقابة اللاحقة من قبل القضاء بحيث تتوفر عندها الضمانات اللازمة التي من شأنها تغطية أي عيوب في الأصول المتبعة أمام مجلس النقابة، إذ ان ذلك لا يبرر عدم إحترام المبادئ المعروضة أعلاه خاصة وإن قرارات مجلس النقابة تطبّق فوراً وقد تكون ذات تأثير بالغ وتمادٍ على المحامي وقد تؤدي الى الحؤول دون تمكين موكليه من الدفاع عن حقوقهم المنازع بها ويدفعهم الى توكيل غيره ما قد يلحق به أضراراً لا تعوّض، بحيث تصبح المراجعة اللاحقة غير ذي جدوى، لا سيما في ضوء الوقت الذي تتطلبه إجراءات التقاضي العادية.

وحيث يقتضي على ضوء كافة ما تقدم على مجلس النقابة وقبل إتخاذ تدبير معيّن بحق محامٍ منتسب الى النقابة، كمثل القرار موضوع النزاع، تأمين حق الدفاع للمحامي المذكور أو أقلّه تأمين الحق له بإسماع أقواله وملاحظاته بشأن التدبير عن طريق دعوته، وكذلك لشرح الأسباب التي أدت الى اتخاذ التدبير ضده لتمكينه من الوقوف عليها والطعن في القرار لاحقاً.

وحيث يتبين ان مجلس نقابة المحامين قد دعا المستأنف لسماع دفاعه ولا اثر للخطأ الوارد في ورقة تبلغه لعدم تحقق اي ضرر التحق به نتيجة ذلك، قد حضر الى النقابة حيث تم استيضاحه من قبل مجلس النقابة حول الوقائع المشار اليها في القرار المستانف على مدى جلستين استغرقتا ساعات طويلة وفق قول المستأنف بالذات، وادلى المستانف باجوبته على الاسئلة التي طرحت عليه.

وحيث ان ما تقدم يثبت ان المستانف مُكّن من الدفاع عن نفسه امام مجلس النقابة مجتمعاً، وادلى بدفوعه ووجهة نظره كاملة حول الوقائع التي سُئِلَ عنها، بحيث تكون حقوق الدفاع التي تشكّل حقاً جوهريا واساسياً من حقوق الإنسان قد تحققت، ولا يستتبع حكماً ممارسة حق الدفاع امام المحاكم من اجراءات ومهل تتعلق بمحاكمة امام القضاء.

وحيث بالتالي فإن القرار المستأنف صدر بعد مراعاة حق الدفاع المكرّس للمستانف امام مجلس النقابة التي ينتمي اليها، ويُرد ما يدلي به المستانف لهذه الجهة.

* * *

كما تبحث المحكمة في الاسباب الموضوعية لاتخاذ القرار بالشطب الاداري. اذ لا يكفي ان يرتكب المحامي مخالفة او احياناً عدداً من المخالفات العادية، بل يتم التركيز على حصول عدة مخالفات كالقيام بأعمال مخلة بالآداب العامة، شيكات دون مؤونة واعمال احتيالية واساءة امانة، واطلاق نار، ودخول مؤسسات عنوة، بحيث تكون فداحة هذه الاعمال مجتمعة تؤدي الى استغلال المحامي حصانته النقابية، ليتغطى بها في النزاعات التي يتورط فيها، ويرتكب اعمالاً لا تأتلف وصفات الثقة والاحترام التي يجب ان يتحلى بها كل محام. مع ملاحظة مهمة، وهي انه اذا وردت عشرات الشكاوى الجزائية بحق المحامي امام مجلس النقابية للبت بطلبات اعطاء الاذونات، وكذلك عشرات الشكاوى المسلكية، ولا يزال المحامي ممعناً بارتكاب الافعال الجرمية الجزائية والمسلكية بشكل شبه يومي. فهل يمكن الاتكال على الاجراءات المسلكية امام المجالس التأديبية وهي التي تستغرق وقتاً طويلاً بالاضافة الى ان قراراتها حسب اجتهاد محكمة الاستئناف غير معجلة التنفيذ. فهل ينتظر مجلس النقابة السنوات حتى يتم اتخاذ القرار بعدم المزاولة من قبل المجالس التأديبية، في الوقت الذي يرتكب فيه المحامي الافعال الجرمية بصورة شبه يومية؟، ويحمل اللقب ويشير الجميع الى اعماله؟

                                                                     يتبع 

الأكثر قراءة

صرخة معلولا: أيّها الأسد أنقذنا