اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


طمأن المسؤولون الامنيون النواب في اجتماع "لجنة الدفاع" النيابية امس، " ان الوضع الامني ممسوك، ولا خوف على الاستقرار العام في البلاد، رغم الحوادث التي احدثت مؤخرا اهتزازا امنيا ، لا سيما بعد جريمة اغتيال منسق "القوات اللبنانية" في جبيل باسكال سليمان، والحوادث الاخرى في مناطق متفرقة .

اما بالنسبة لجريمة اغتيال المواطن محمد سرور فهي جريمة من نوع آخر، في ظل تأكيد الجهات الامنية المعنية مسؤولية "الموساد الاسرائيلي" عنها، تخطيطا وتنفيذا بالتعاون مع عملاء في الداخل ، ما يطرح علامات استفهام مجددا عن حجم الخرق الامني "الاسرائيلي" للساحة اللبنانية.

وفي ضوء هذه الحوادث والجرائم التي نفذت عدد منها مجموعات سورية، ارتفعت الاصوات مجددا وبوتيرة عالية تدعو الى المباشرة بمعالجة ازمة النازحين السوريين، نتيجة تزايد سلبياتها وتداعياتها على الصعد الامنية والاجتماعية والاقتصادية والديموغرافية وغيرها . وترافق ذلك مع مبادرة رئيس حكومة تصريف لبنان نجيب ميقاتي الى الوعد بمعالجات قريبة لازمة النازحين ، تلته زيارته مؤخرا الى باريس واثارته هذا الموضوع مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي وعد ، وفق البيان الرسمي للأليزيه، بالسعي لدى الاتحاد الاوروبي لمساعدة لبنان في حل هذه القضية .

وتقول مصادر مطلعة ان مرونة طرأت مؤخرا على الموقف الفرنسي تجاه هذه القضية ، بالاضافة الى مرونة مماثلة لدول اوروبية اخرى منها ايطاليا . وتضيف المصادر ان ميقاتي لمس هذه المرونة تجاه فكرة الاقرار بوجود مناطق آمنة في سوريا، يمكن ان تستقبل نازحين سوريين عائدين من لبنان قبل توجهه الى فرنسا .

وتشير المصادر نفسها الى انه في ضوء الخطوط المفتوحة مع باريس وزيارة رئيسة الوزراء الايطالية والرئيس القبرصي للبنان، تعزز الاعتقاد لدى ميقاتي بامكانية حصول تعديل ايجابي في الموقف الاوروبي في مؤتمر بروكسيل حول النازحين السوريين والوضع السوري، الذي سيعقد في اواخر ايار المقبل . ويعول ميقاتي على مثل هذا الموقف للدفع في تنفيذ خطة للحكومة اللبنانية لاعادة النازحين السوريين غير الشرعيين في مرحلة اولى الى المناطق الآمنة في سوريا بالتعاون مع الحكومة السورية .

وتقول المصادر ان اتصالات جرت وتجري على المستوى الامني بين الجانبين اللبناني والسوري تتناول قضايا عديدة، منها ما يتعلق بموضوع السوريين الذين يتسربون عبر الحدود الى لبنان حتى الآن عبر معابر غير شرعية في الشمال والشرق .

ورغم هذه الجرعة من التفاؤل التي ابداها ويبديها ميقاتي، فان هناك شكوكا في حول حصول تطور ايجابي جدي في موقف الاتحاد الاوروبي، لجهة الاجماع على الاقرار بوجود مناطق آمنة في سوريا خلال مؤتمر بروكسيل المرتقب، كما يعول ميقاتي .

ووفقا لما تسرب من مصادر دبلوماسية، فانه لا يزال هناك حتى الآن تباين داخل الاتحاد حول هذه النقطة ، عدا الضغوط التي تمارسها الادارة الاميركية على بعض الدول، واضعة "الفيتو" على اي موقف في الوقت الراهن يتناول فكرة الاعتراف بوجود مناطق آمنة في سوريا.

وقد ترجم هذا "الفيتو" في الموقف الذي صدر عن الدول السبع مؤخرا، وتأكيده على لاءات ثلاث : لا لعودة النازحين السوريين في الوقت الحاضر في سوريا ، لا تطبيع مع النظام السوري ، ولا لاعادة الاعمار قبل حل الازمة السورية من وجهة نظر هذه الدول .

ووفقا للمعلومات، فان فرنسا بدأت باتصالاتها وتحركها في هذا الصدد ، لكن اجواء الاتحاد الاوروبي غير مطمئنة، نظرا لتشابه موقف بعض الدول الاوربية وتأثره بالموقف الاميركي، مثل المانيا التي تتخذ موقفا متشددا تجاه هذا الموضوع . وتضيف المعلومات ان هناك عملا جديا باتجاه تعديل موقف هذه الدول ، لا سيما ان هناك دولا اوروبية اخذت في الآونة الاخيرة تواجه مشاكل متزايدة، جراء موجات النازحين السوريين اليها عن طريق البحر من لبنان وسوريا ودول النزوح الاخرى ، ومن بين هذه الدول ايطاليا واليونان وقبرص . وعكست هذا التخوف زيارة رئيسة الحكومة الايطالية مؤخرا للبنان، ثم زيارة الرئيس القبرصي الذي يحضر لزيارة ثانية لبيروت في غضون اسابيع قليلة ، حيث يتوقع ان يقوم بها في ٢ ايار المقبل، مصطحبا معه رئيسة المفوضية الاوروبية اورسولا فون ديرلاين .

ووفقا للمعلومات ايا، فان هناك مخاوف جدية من ان يتجه الاوروبيون مرة اخرى الى محاولة رشوة لبنان بما يوصف بحزمة مالية ، تحت عنوان تحمل اعباء الوجود السوري وكلفته على غير صعيد . وفي هذا الاطار، ايضا يبدو واضحا حتى الآن ان المنظمات الدولية المعنية ما زالت تتعاطى مع قضية النازحين السوريين في لبنان بالنسق نفسه الذي انتهجته منذ بداية الازمة، رغم اعترافها بالتداعيات الكبيرة والاعباء المتزايدة التي يتحملها لبنان جراء هذه القضية .

والاخطر من ذلك ما صدر بعبارات مقتضبة على لسان ممثل المفوضية السامية للامم المتحدة لشؤون اللاجئين السوريين في لبنان ايبو فيرايسن يوم الاربعاء الماضي امام "لجنة حقوق الانسان" النيابية، وقوله ان المفوضية لا يمكن ان تلتزم بمذكرة التفاهم الموقعة مع الامن العام اللبناني في العام ٢٠٠٣ والتي تحولت الى مرسوم، ونصت بوضوح على ان لبنان ليس بلد لجوء ، وعلى ان الحل باعادة توطين اللاجئين في بلد ثالث . واستندت ايضا الى ان لبنان لم ينضم الى الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين التي اقرت في جينيف عام ١٩٥١ والبروتوكول الملحق عام ١٩٦٧ .

وبرر المسؤول في المفوضية موقفه بعد اصرار النواب على الالتزام بها، بان اعداد اللاجئين في ذلك الوقت كان قليلا ( معظمهم من العراقيين ) وان اليوم يختلف الوضع . لكن "لجنة حقوق الانسان" برئاسة النائب ميشال موسى لم توافق على هذا التفسير، واكدت على مضمون مرسوم ومذكرة العام ٢٠٠٣ ، مشددة ان لبنان ليس بلد لجوء . وحصل هذا الموقف ايضا امس في "لجنة الدفاع" النيابية برئاسة النائب جهاد الصمد، الذي اكد لـ "الديار" على الالتزام وضرورة تنفيذ مضمون المرسوم والمذكرة ، وقال: "ان موقفنا واضح وسنعمل بهذا الاتجاه، ولا نقبل اي محاولة تملص تجاه هذه المذكرة والمرسوم الصادر بشأنها للعمل بها، مع مراعاة بعض المتغيرات التي طرأت" .

ومن جهة ثانية، لوحظ مؤخرا انتقال اعداد غير قليلة من النازحين السوريين من مناطق لبنانية الى مناطق لبنانية اخرى، نتيجة لجوء عدد من البلديات لا سيما في المناطق ذات الغالبية المسيحية، الى تطبيق القوانين والقرارات الصادرة عن وزير الداخلية او نتيجة تفضيل عدد من هؤلاء النازحين الانتقال الى مناطق اخرى، لاسباب متصلة بموجة الاحتجاجات ضد استمرار وجودهم في هذه المناطق . وقد جرى التطرق الى هذا الموضوع في اجتماع اللجنة، وفي اتصالات جرت وتجري مع الجهات المختصة بوزارة الداخلية وعدد كبير من البلديات .

وحذرت مصادر مطلعة من ان تخلق هذه الحركة للنازحين مشاكل اضافية في المناطق الجديدة التي انتقلوا اليها ، لا سيما ان لا احد منهم او ان عددا ضئيلا جدا انتقل منهم الى سوريا لا يزيد على العشرات، وقد يعود في اي وقت .

الأكثر قراءة

كيف منعت إيران الحرب ضدّ لبنان؟