اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

استغرق ضُعف الرد "الإسرائيلي" على ما يبدو وقتاً لاستيعابه وتقييمه، تماماً كما استغرقت قوّة الرد الإيراني وقتاً لاستيعابها، لناحية ترقّب الإعلان عنه رسمياً من قبل العدو أو إلحاقه بردود أخرى، لكن من الواضح أن "الإسرائيلي" هدفه الأول من تدنّي مستوى الرد وعدم الإعلان عنه رسمياً، حرصه على عدم حصول رد إيراني جديد، وبذلك تكون الجولة انتهت بانتصار كاسح لإيران كتتويج لإنجازات محور المقاومة، ولإخفاقات المحور الأميركي- "الإسرائيلي" في هذه الحرب.

قبل طوفان الأقصى، كان رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو يدّعي أنه جاهز لمواجهة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، باعتبارها وفق قوله العدو الأول والأساسي للكيان، جاء السابع من تشرين الأول وحصلت العملية وبقيت عين نتنياهو على إيران، الى أن جاءت لحظة المواجهة، وكان تاريخ الفضيحة الصهيونية الثانية بعد عملية طوفان الأقصى، التي شنّت "إسرائيل" أشرس حروبها بعدها لإستعادة صورتها بالدرجة الأولى، فوجدت نفسها بعد أكثر من ستة أشهر من عدوانها على غزة أمام صورة أسوأ مما كانت عليه، فبدل تحقيق الإنجازات، حَصَدَ الكيان المزيد من الإخفاقات التي وضعته فعلاً أمام أزمة وجودية...

كرّست إيران صورة "إسرائيل" الضعيفة والمُربَكة والتي تحتمي بأميركا وتستقوي بها، الى درجة انها تُريد أن تخوض الحروب عنها، وأجاب الرد "الإسرائيلي" على الرد الإيراني على سؤال: كيف سيواجِه نتنياهو إيران؟ ألا وهو: بأيدٍ أميركية وليست "إسرائيلية"، ففشِل أيضاً بتوريط أميركا بحرب مباشرة مع إيران حتى اللحظة، الى درجة أن واشنطن خاضت مع "تل أبيب" حرب إعادة الصورة "الإسرائيلية" السابقة، لأن بقاء "إسرائيل" القوية يخدم مصالحها في المنطقة، إلا أنها عادت وَضَحَّت بها لأن عدم توسعة الحرب يخدم مصلحتها أيضاً.

ترك الأميركي "الإسرائيلي" يتمادى مع الإيراني إنطلاقاً من قناعته أن طهران لن ترد، فعندما ردّت أظهرت أن "إسرائيل" تحتاج الى مَن يُدافع عنها، وعندما تقاعس الأميركي تماشياً مع مصلحته أراد التعويض على "الإسرائيلي"، فأحدث ضجة إعلامية لردّه وروّج أنه استطاع تحقيق إنجاز، فصدّقه جزء من الرأي العام "الإسرائيلي"، بينما جزء كبير من الخبراء والمحللين لم يقتنعوا به، واعتبروا أن ما حصل عمل هزيل استطاعت إيران من خلاله خلق معادلة بوجه "إسرائيل"التي ظهر عجزها بالدفاع عن نفسها، أما على الصعيد السياسي والعسكري فالتزم بأغلبه الصمت باستثناء بن غفير، باعتبار أنه لم يتم تبني العملية رسمياً.

بين السلبية والصمت تراوحت آراء الداخل "الإسرائيلي" على الجولة التي لا ترقى لمستوى عبارة "المواجهة مع ايران"، فشعروا بأن كيانهم مكشوف أمام تحديات كبيرة وخطيرة، عدا عن شعورهم بإحباط ثلاثي الأبعاد:

١- في غزة لم يستطيعوا تحقيق الأهداف.

٢- في جنوب لبنان مقيّدون بالحركة.

٣- بعد كل ما حصل، يسألون:كيف ستذهب "إسرائيل" لمواجهة مع إيران؟!..

إذاً.. أخطأت "إسرائيل" بحساباتها، وبدل أن تُظهِر قدراتها أظهرت قدرات وإمكانات إيران بضربة واحدة، ولأول مرة منذ أكثر من أربعين عاماً تحصل مواجهة مباشرة بينهما، لعلّها تعي واقعها الحالي وقدراتها مهما أعادت أميركا ملء مخازنها بالأسلحة والصواريخ، بعد أن أفرغتها في حرب مستمرة منذ أكثر من نصف سنة دون جدوى...

الأكثر قراءة

كيف منعت إيران الحرب ضدّ لبنان؟