اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


شحنة الاسلحة التي جمدتها واشنطن لـ "إسرائيل"، نتيجة غضب الرئيس الاميركي جو بايدن من العمليات الاسرائيلية في رفح، دون ان تترافق مع اي خطة لحماية اللاجئين، لن تحمي هؤلاء من آلة القتل "الاسرائيلية"، وربما هذه الشحنة سيعاد ارسالها بعد وقت قصير الى الدولة العبرية، لتكمل ابادتها للشعب الفلسطيني.

انه لامر جيد ان تعلق الادارة الاميركية ارسال شحنة سلاح لـ "اسرائيل"، انما المطلوب وقف تدفق السلاح الاميركي للكيان الصهيوني ليكون سكان رفح المدنيون واللاجئون في امان. فالمضحك المبكي في الامر، ان سقوط 36 الف شهيد فلسطيني وجرح 75 الف فلسطيني حصل بسلاح اميركي وقرار اميركي واضح منذ بداية العدوان "الاسرائيلي" على غزة.

الـ 36 الف شهيد فلسطيني معظمهم مدنيون، هم عائلات فلسطينية، هم اطفال، هم امهات، هم آباء، هم فلسطينيون عزل لا يملكون سلاحا. ولكن واشنطن لم تبد اي اهتمام باستشهاد هذا العدد الهائل من الفلسطينيين في قطاع غزة في عدة مناطق في قلب القطاع.

كل هذا القتل وجرائم الحرب والتطهير العرقي والابادة الجماعية التي نفذها الكيان الصهيوني بأهل غزة، لم يحرك ضمير الولايات المتحدة الاميركية للمطالبة بحماية المدنيين، وبحصر المعارك والضربات بين حماس والجيش "الاسرائيلي". لم نر البيت الابيض يستنكر المجازر التي حصلت في مستشفى الشفاء في غزة وفي اماكن اخرى، ولم يصدر عنه أي تعاطف مع المدنيين منذ بدء الصراع بين حماس و "اسرائيل".

واشنطن لم يصدمها مقتل 36 الف فلسطيني وجرح 75 الف آخرين، لا بل وضعت ذلك في اطار حق "اسرائيل" في الدفاع عن نفسها وضمان امنها. ومن ثم لنعود لنسأل انفسنا: لماذا ستهتم واشنطن لحياة الفلسطينيين المدنيين والحرب حربها؟

وفي هذا الاطار، صحيح انه يبرز الى العلن بعض التباين بين التوجه الاميركي والتوجه "الاسرائيلي" في ادارة العدوان على غزة، لكن هذه الخلافات تحلّ خلف الابواب المغلقة بسلاسة وديبلوماسية، والحلول دائما تصب في مصلحة "اسرائيل" طبعا.

على سبيل المثال، لوحت الادارة الاميركية بانها قد تعاقب كتيبة "نيتسح يهودا" في الجيش "الاسرائيلي"، لارتكابها انتهاكات ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة. ولكن ماذا حصل بعد هذا الاعلان؟ لا شيء على ارض الواقع. فقد تبين ان تلويح اميركا بعقوبات على كتيبة "اسرائيلية"، ما هو الا نفاق واستغباء للرأي العام الاميركي والعالم برمته، بهدف اظهار واشنطن انها لا ترضى بالقتل والتعذيب غير القانوني، في حين الولايات المتحدة تحمي وتبرر كل الفظائع التي ارتكبها ويرتكبها الجيش "الاسرائيلي" في الضفة الغربية المحتلة او في غزة.

واليوم يريد بايدن تخفيف الغضب عند الجمهور الاميركي، وبخاصة بعد الاحتجاجات الطالبية التي شملت معظم الجامعات الاميركية، مطالبة بوقف العدوان على غزة والتنديد بالجرائم "الاسرائيلية". وعليه، اعلن البيت الابيض انه تم تعليق ارسال شحنة من السلاح لـ "اسرائيل" من جهة لوجود تباين بين بايدن ورئيس حكومة الحرب بقيادة بنيامين نتنياهو حول العملية العسكرية في رفح، ومن جهة اخرى لاحتواء التوتر في الشارع الاميركي الرافض للحرب في غزة.

ولكن في الوقت ذاته، تجميد ارسال السلاح الى الدولة العبرية هو موقت حتى اشعار آخر. وهنا سؤال يطرح نفسه: الى متى "ستعلق" اميركا شحنة القنابل التي تزن 3000 طن لـ "اسرائيل"؟ فهل ستقوم واشنطن هذه المرة باتخاذ خطوات عملية وفعلية تعبيرا عن رفضها لدخول الجيش "الاسرائيلي" الى رفح دون حماية اللاجئين؟ ام ان الخلاف بين ادارة بايدن وحكومة نتنياهو حول رفح سيحل في الاروقة المغلقة، على غرار مسألة معاقبة كتيبة في الجيش الصهيوني؟

هناك في رفح مليون واربعمئة الف لاجىء فلسطيني مهددون بالموت، وسط توغل جيش العدو داخل معبر رفح البري، الذي يقع على الحدود المصرية. بيد ان الخوف والرعب يعتري قلوب الاطفال، الذين يخشون ان يكون مصيرهم كاطفال مناطق عديدة من القطاع قتلوا لانهم لم يتمكنوا من الهروب من وحشية الجيش الصهيوني. جميع اللاجئين المدنيين الذين اتوا الى رفح هربا من الحديد والنار، اصبحوا اليوم معرضين للعدوان "الاسرائيلي"، ولن يكونوا بمنأى عن الصواريخ والقذائف "الاميركية" التي يضرب بها جيش الاحتلال المباني والخيام التي يقطنها اللاجئون.

وكما تشير الامور للاسف، ان حكومة نتنياهو عازمة على ارتكاب المجازر في رفح ضد اللاجئين العزل، اذا لم يتحرك المجتمع الدولي ويضغط فعليا على الكيان الصهيوني لوقف غزوه لرفح. ولكن هل الدول الاوروبية والولايات المتحدة بصدد الضغط على "اسرائيل" بهدف حماية اللاجئين المدنيين في رفح؟ وهل سيعود بايدن عن قراره ويعطي "اسرائيل" شحنة القنابل الثقيلة لتدك رفح بها؟

كم نتمنى ان يحصل اللاجئون المدنيون على حماية، وان يكونوا في ملاذ آمن بعيدا عن قذائف الحقد وصواريخ الكراهية لجيش الاحتلال، فينحصر القتال بين جيش العدو وبين المقاومة الفلسطينية التي تتوق لمواجهة العدو ولتكبيده خسائر جمة، الا ان التجربة المريرة التي استهدفت المدنيين في شمال غزة وعاصمة غزة وخانيونس ومناطق اخرى في القطاع لا تبشر بالخير ، ولا تشير الى ان واشنطن ومعها بريطانيا وفرنسا وغيرها من الدول الاوروبية ستقوم باجراءات فعلية، لمنع سفك الدماء ووقف التطهير العرقي الذي يمارسه الكيان الصهيوني الوحشي والارهابي ضد اللاجئين الفلسطينيين في رفح.

الأكثر قراءة

عمليات اسرائيلية مكثفة في رفح والاستعدادات لحرب موسعة تتواصل! التيار والقوات في سجال «الوقت الضائع»