اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

أمل سيف الدين

 بعدما حظرت الولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول الأوروبية  منصة "تيك توك" لأسباب سياسية، عازية الأمر الى مخاوف من أن تستخدم السلطات في بكين تطبيق مشاركة "الفيديو" للوصول الى بيانات حساسة على هاتف المستخدم، ارتفعت الأصوات اليوم في لبنان مطالبةً بحظر هذه المنصة، بعد القاء القبض على شبكة من المنحرفين استغلوا شهرتهم على "تيك توك" للإيقاع بالأطفال واستغلالهم جنسياً.

قصة توقيف المؤثرين في تطبيق "تيك توك" أثارت غضبًا شديدًا في لبنان، خصوصاً بين الأهالي الذين يشعرون بالقلق على سلامة أبنائهم. تطرقت هذه الحادثة إلى تساؤلات مهمة حول دور التطبيقات الاجتماعية في تسهيل مثل هذه الجرائم وتسهيلها.

المجتمع اللبناني تفاعل بشكل ملحوظ عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث غمرت التغريدات والتعليقات المناقشات حول دور التطبيق ومسؤوليته في الحد من هذه الظواهر الضارة.

ووسط هذا الجدل الواسع، تختلف الآراء حول الإجراءات التي ينبغي اتخاذها. فهناك دعوات لحجب التطبيق وتشديد الرقابة، بينما تتردد أصوات تدعو للتحلي بالحذر ورفع مستوى الوعي للحد من هذه الجرائم.

تأتي هذه التطورات في سياق نقاشات مستمرة حول فعالية الحظر المحتمل، وسؤال إذا كان سيؤثر فعلًا في السلوكيات الضارة عبر التطبيقات. البعض يعتقد أن الحلول الحقيقية تكمن في تعزيز الوعي وتشديد الرقابة وتحسين عمليات التحقيق في مثل هذه الجرائم.

هذا الطرح من المتوقع أن يلقى صدى نيابياً على وقع كلام عن ورشة إصلاحية تتناول بعض القوانين المرتبطة بتنظيم وسائل التواصل. في وقت تحدثت معلومات أخرى عن اتجاه البعض الى تقديم قانون لحظر التعامل بـ "التيك توك" في لبنان.

فهل حجب المنصة هو الحل؟

حجب "التيك توك" ليس حلا، لأن حجب أداة معينة لا يغير شيئا لأنه لدينا آلاف الأدوات غيرها، و "الويب" في متناول الجميع فهو فضاء مفتوح لأطفال والكبار، والجدير بالذكر أن الهاتف أصبح من أساسيات الحياة اليومية والتعليمية.

فاذا كانت أساليب المنع غير مجدية وسط زحمة مواقع التواصل وأمام مخاطر بعض المحتوى المقدم على "تيك توك" يبقى السؤال الأبرز: على من تقع مسؤولية الحماية من تداعيات ما يقدم، وخصوصاً حماية القاصرين الذين باتوا عرضة للوقوع بشباك بعض العصابات والاستغلاليين؟

هناك مسؤولية على عدة مستويات، فاذا تكلمنا على الصعيد الشخصي هناك مسؤولية على المستخدمين، من خلال إضافة تطبيقات حماية على حساباتنا الخاصة، وهناك مسؤولية على الأهل، فيجب عليهم أن يعرفوا أطفالهم الى التكنولوجيا ويدربوهم كيف يتعاملون معها، بالإضافة الى مسؤولية على الشركات من خلال كيفية تقديمها لهذه التكنولوجيا، وتعليم الأشخاص كيف يمكنهم حماية أنفسهم، وحظر الأشخاص الذين يستخدمون هذه المنصات كأداة للجريمة، وهناك مسؤولية كبيرة جداً على الدولة، فيجب عليها حماية مواطنيها سواء ان كانوا قصرا او غير قصر.

وهنالك عدة طبقات للحماية، ومنها التوعية المجتمعية الذي ينقسم الى توعية الأهل للطفل ومراقبته، والمستوى التقني من خلال تحكم أولياء الأمور بتطبيقات أطفالهم وخاصة قبل عمر ال 13 سنة، من خلال ربط حسابات أطفالهم بحساباتهم الخاصة ويمكنهم حتى تقييد بعض المشاهدات، والاطلاع على الرسائل التي تتم من تطبيقات أطفالهم مع أشخاص مجهولين، ويمكنهم تحديد وقت المشاهدة على "تيك توك".

الإجراءات الآمنة والصحية

ما هي الإجراءات التي تساعد في توجيه استخدام الأطفال لتطبيق "تيك توك"؟ هذه بعض الإجراءات للمساعدة في توجيه استخدام الأطفال لتطبيقات مثل "تيك توك" بطريقة آمنة وصحية:

- المراقبة والمشاركة:  من المهم أن يراقب الوالدان ما يشاهده وينشره الأطفال على "تيك توك"، يجب أن يكون هناك فهم مشترك للقواعد والتوجيهات حول السلوك الإيجابي عبر التطبيق.

- التوجيه العمري الملائم: ينبغي أن يكون هناك فهم لمحتوى التطبيق الذي يناسب عمر الطفل. يُحبذ تنزيل التطبيقات المخصصة للأطفال الصغار إذا كان الطفل في سن مبكرة.

- تعزيز الوعي الرقمي: يجب تعليم الأطفال حول الخصوصية على "الإنترنت"، وأهمية عدم مشاركة معلومات شخصية مثل العنوان أو أرقام الهواتف على منصات التواصل الاجتماعي.

- التواصل الدوري: يُشجع التحدث بانتظام مع الأطفال عن تجربتهم على "تيك توك"، والاستماع إلى أي مخاوف قد تنشأ أو أي محتوى قد يثير انتباههم.

- التنظيم الزمني: يُنصح بتحديد أوقات محددة لاستخدام "تيك توك"، وتحديد مدة معينة للتصفح، مع تشجيع الأنشطة البديلة خارج الشاشة.

- المثال الجيد: يجب على الوالدين أن يكونا نموذجا جيدا للاستخدام الآمن والمسؤول للتكنولوجيا، وأن يتبنيا سلوكًا إيجابيًا على الإنترنت.

ومن المهم الاعتماد على هذه النصائح وتكييفها مع احتياجات وتفضيلات كل عائلة، مع الحرص على إقامة حوار مفتوح ومستمر حول استخدام التكنولوجيا وأثرها في الأطفال.

في حال تم تطبيق الحظر

ولكن في حال تم تطبيق الحظر على المستخدمين: ماذا ينتظر تطبيق TikTok؟ إذا تم فُرض الحظر على التطبيق الصيني في أكبر سوق له في العالم، الولايات المتحدة، فسيجد ملايين المستخدمين الحاليين صعوبة في الحصول على التحديثات الجديدة أو إعادة تثبيت التطبيق في حالة حذفه أو تغيير الهاتف.

فمنع الوصول إلى التحديثات سيجعل التطبيق تدريجياً قديماً، لكن ذلك لن يعني توقف استخدامه على الفور. يمكن للمستخدمين الباحثين عن حلول بديلة استخدام الشبكات الخاصة الافتراضية، لتجاوز الحظر والوصول إلى TikTok...

ويؤكد خبراء أن هذا الحظر قد يدفع بعض محبي التطبيق إلى البحث عن بدائل، مع توقع تطور جيل جديد من المتسللين. وبالنسبة لمتاجر التطبيقات مثل "غوغل بلاي" و "أبل"، فمن غير الواضح تماما كيف سيؤثر الحظر في إمكانية تنزيل التطبيق، خاصة مع إمكانية تغيير موقع المستخدمين وإنشاء حسابات جديدة.

هذه الإجراءات قد تدفع بالمزيد من المستخدمين إلى تحميل البرنامج مباشرة أو اللجوء إلى نسخ غير رسمية مقدمة من قبل قراصنة.

ففي المحصلة ومع ارتباط حياتنا اليومية بشكل وثيق مع مواقع التواصل الاجتماعية، علينا جميعا أن نعمل معا لكي نحمي مجتمعنا من هذا الخطر الداهم. 

الأكثر قراءة

لعنة غزة تلاحق «إسرائيل» الى أمستردام هوكشتاين مودعاً وبولس مستطلعا خلال أسبوعين حزب الله يُكثّف عملياته و«تل ابيب» تقصف عشوائياً