اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


"لا حصانة لأحد... القاضي ماهر شعيتو يفتح معركة استرداد الأموال المحوّلة ويمنح مهلة شهرين لإعادتها إلى المصارف اللبنانية". ويتابع المصدر القضائي الرفيع المستوى المطلع ويقول إن القرار اتخذ لبناء الدولة بدءاً من رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون وتنفيذ خطاب القسم، ورئيس مجلس النواب الرئيس نبيه بري الحريص على الدولة والمواطن ومؤسسات الدولة كما هو معروف عنه.

ونتيجة تنسيق بين الرؤساء، وفي لحظة حاسمة من تاريخ لبنان المالي، خرج النائب العام المالي القاضي ماهر شعيتو بقرار وطني وقانوني جريء، يضع مصلحة الدولة والمواطن في المقدمة، ويؤكد أن العدالة لا تعرف المحاباة ولا تخضع لحسابات النفوذ.

القرار، الذي جاء نتيجة تحقيقات دقيقة، يلزم الأشخاص الطبيعيين والمعنويين، ومن بينهم مصرفيون، بإيداع مبالغ في المصارف اللبنانية تعادل ما حوّلوه إلى الخارج خلال الأزمة المالية والمصرفية التي عصفت بالبلاد، وبالعملة نفسها، وذلك خلال مهلة شهرين، تحت إشراف مباشر من النيابة العامة المالية ووفق شروط واضحة.

القاضي شعيتو لم يكتفِ بوضع آلية التنفيذ، بل أرسل رسالة واضحة وصريحة: القرار سيُطبَّق على أي شخص معني، مهما كان موقعه أو شأنه أو حجم نفوذه، ولا مجال لأي استثناءات أو خطوط حمراء. من أخرج أمواله في عزّ الانهيار عليه أن يعيدها، ومن استفاد من الفوضى المالية عليه أن يشارك في إعادة التوازن إلى النظام المصرفي.

من الناحية القانونية، يشكّل القرار سابقة مهمة في تحميل المسؤولية لمن استفاد من تحويل الأموال في فترة الأزمة، وربط هذه التحويلات بحقوق المودعين والحق العام. المهلة الزمنية المُلزمة، والإيداع بذات العملة، والرقابة المباشرة من النيابة العامة المالية، جميعها تدابير تضمن الجدية وتمنع أي محاولة للتهرّب أو الالتفاف. أما من يتخلّف عن التنفيذ، فهو معرّض لملاحقات قضائية وإجراءات رادعة، بما يرسّخ سلطة القضاء ويعيد هيبته في الملفات المالية الكبرى.

أما على المستوى الوطني والاقتصادي، فإن ضخ هذه الأموال مجدداً في المصارف اللبنانية سيعني تعزيز السيولة القابلة للسحب، تقليص فجوة الودائع، تحسين القدرة على الإيفاء بالالتزامات تجاه المودعين، وتخفيف الضغط على سوق الصرف، فضلاً عن دعم قدرة الدولة على تمويل حاجاتها الأساسية عبر القنوات الشرعية، لا عبر الأسواق الموازية. إنها خطوة تعيد الدورة الاقتصادية إلى داخل البلاد وتمنح الاقتصاد جرعة أوكسجين يحتاجها بشدة.

إن قرار القاضي ماهر شعيتو لا يمكن قراءته كإجراء مالي بحت، بل هو إعلان إرادة سيادية بأن لبنان لن يكون بعد اليوم أرضاً سائبة يتقاسمها أصحاب النفوذ والمصالح. فالقضاء المالي، عندما يمارس صلاحياته كاملة بلا تردد، يثبت أنه الحصن الأخير أمام الانهيار الشامل، وأنه قادر على فرض احترام الدستور والقوانين على الجميع مهما كانت أسماؤهم أو ألقابهم أو مواقعهم، موجهاً بذلك صفعة لكل من راهن على ضعف الدولة واستسلامها أمام منظومة المحاصصة السياسية والطائفية، ومرسخاً قاعدة أن الحق العام لا يسقط بالتقادم ولا يخضع للمساومة.

الأكثر قراءة

خطة الجيش لحصر السلاح... جانب سياسي وآخر تقني ــ عسكري؟ القرار القضائي يهز الوسط المالي: بداية رحلة استعادة الودائع؟