اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

إزاء التجربة المسرحية الطويلة والخصبة للفنان طلال الجردي، كنا على حذر في عملية جمعه بالفنان زياد عيتاني، لكن الواقع الذي فرضته المسرحية الجديدة "هل هالشي طبيعي"، كشف عن كيمياء جيدة جمعت الممثليْن، فظل طلال في إطاره وتميزه، ودخل عليه زياد من الباب العريض. لذا استفاد العمل من هذا التقارب الذي داراه الأول بخبرته وانخرط فيه الثاني بكياسة ورغبة في الاستزادة، لذا تحقق توازن مريح على الخشبة تنقصه فقط روح دينامية أشبه بحقل ألغام يتفجر تباعاً لتحريك النص.

نعم هذا الشيء نعتبره طبيعياً، وهو جواب على سؤال المسرحية التي تعتمد على فكرة آحادية لكنها متفرعة المعالجات، على أساس أنّ المرض النفسي قد يبدو محدود الأثر، لكن عند التبحّر فيه تظهر علامات فارقة كثيرة تصب في خانة الدلالة على المعاني الحقيقية لما يعاني منه المواطن اللبناني من تداعيات الأزمات المعيشية والسياسية والاجتماعية على سلوكه، وهو ما ترصده المسرحية من عناصر بين طلال وزياد ومعهما نيكول معتوق، محمد شمص، والياس الهبر.

ورغم أنّ الأمراض النفسية هي السمة الغالبة على المسرحية، إلّا أنّ ذلك لم يأسر النص في تعقيدات علم النفس والفلسفة المعتمدة غالباً في التعاطي مع أمراضه والتحليلات الهمايونية التي تدل في العادة على قصور في قدرات المعالحين، ما جعل المحسوبين على هذا التخصص من الأطباء في عداد المرضى. وعلى كل حال هكذا انتهت المسرحية بأنّ الطبيب طلال صار خاضعاً لجلسات علاج يديرها المريض زياد.

احتاجت المسرحية لدينامو يحركها يضع أزمات تحتاج إلى حل، لا أن تتحول في بعض مواقفها إلى مادة خطابية، بل كانت أقرب إلى المناخ الأكاديمي رغم جهوزية الشخصيتين الرئيسيتين للتفاعل ايجاباً مع هزّات ومطبات عديدة تعطي صورة من الحياة للأحداث. لكن في النهاية فزنا بعمل مسرحي عميق ومتدفق، مع بصمات إخراجية رشيقة أقرب إلى الملامسة والتأثير المباشر على المتلقي.

الأكثر قراءة

ابن عم نتنياهو يكشف مفاجآت مثيرة