اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


قطعاً لا نستبعد أن تضرب القاذفات الأميركية الضاحية، وكذلك المواقع المفترضة لصواريخ حزب الله في الجبال، تماماً مثلما فعلت بالمفاعلات النووية الايرانية، ما دامت الغاية الالهية اقامة "أمبراطورية يهوه" على أنقاض الشرق الأوسط. ولكن لمن يسلم الحزب ذلك السلاح؟ وهل من دولة قادرة على حماية الحزب، وما يدعى "البيئة الحاضنة"؟ اذا أخذنا بالاعتبار ما حدث للعلوييين وللدروز في سوريا، حيث بات حملة السواطير على أرضنا. أجل على أرضنا.  تريدون الدليل...؟

على مدى 77 عاماً لم تبذل الولايات المتحدة أي جهد لحل أزمة الشرق الأوسط (وهي بالدرجة الأولى صناعة أميركية). جورج بوش الأب، وكذلك بيل كلينتون، وكذلك باراك أوباما، تحدثوا عن حل الدولتين، ولكن ليبقى الكلام بين الجدران. لا خطوة واحدة على الأرض، أو على الورق، ليبدو الاتفاق الذي وقعه ياسر عرفات مع اسحق رابين في حديقة البيت الأبيض، صك الاستسلام الذي أتاح للمستوطنين تقطيع الضفة على ذلك النحو اللولبي، ليجد الفلسطينيون أنفسهم داخل الأسلاك الشائكة.

الآن، لا دولة فلسطينية ولا فلسطينيون. هذا هو القرار الأميركي. ولكن ألم يرفض فرنكلين روزفلت استقبال وفد من المؤتمر اليهودي الذي عقد عام 1941 في فندق بلتيمور النيويوركي، لينقل اليه صورة الوضع اليهودي ابان الرايخ الثالث في ألمانيا ؟ هاري ترومان قال في يومياته التي نشرها موقع "مكتبة ترومان" على الانترنت، "حين يمتلك اليهود السلطة المالية أو السياسية، لا يدعون هتلر أو ستالين يتفوقان عليهم بالفظاظة وسؤ المعاملة حيال الآخرين". لم يتسنّ له آنذاك الكتابة "حين يمتلكون السلطة العسكرية يتفوقون على هولاكو".

أضاف في يومياته أن "اليهود بعيدون عن الاحساس وعن التفاعل، وكذلك عن تقييم الشؤون الدولية، دون أن يكترثوا باعداد القتلى من الشعوب الأخرى". الرئيس الأميركي الثالث والثلاثون كان معارضاً لاقامة الدولة اليهودية، حتى أنه امتنع عن استقبال حاييم وايزمان  موفداً من اليهود، الذي ما لبثوا أن استعانوا بصديقه وشريكه القديم في تجارة الخردوات ادوارد جاكسون، الذي كان باستطاعته الدخول الى المكتب البيضاوي دون موعد. المؤرخون يقولون ان ترومان بقي للحظات يتأمل من النافذة حديقة الورود، قبل أن يضرب الطاولة بيده، ليتوجه بالكثير من التوتر الى صديقه قائلاً: "لقد كسبت الرهان يا ابن العاهرة"، لتكون الولايات المتحدة أول دولة تعترف بـ "اسرائيل" بعد دقائق من اعلان قيامها.

جون جوريس نقل في كتابه "تكوين اليهود الأميركيين"، قول ترومان "حين كان المسيح على الأرض لم يتمكن من ارضائهم ، كيف لأحد أن يتوقع أن تكون لي هذه الفرصة"؟ ليصرخ "أنا قوروش، أنا قوروش"،  في اشارة الى الأمبراطور الفارسي الذي أنقذ اليهود من السبي البابلي...

ولكن ألم يكن جون آدامز، أول نائب رئيس، وثاني رئيس أميركي، أول من تمنى اقامة دولة لليهود في فلسطين، برسالة بعث بها الى صديقه اليهودي ايمانويل نواه عام 1816؟ ناحوم غولدمان، الرئيس السابق للمؤتمر الصهيوني العالمي وللوكالة اليهودية، كتب في أوراقه "لولا الرئيس الأميركي وودرو ويلسون لما كان وعد بلفور".

منذ البداية صنعت "اسرائيل" لتكون المطرقة البريطانية، ثم المطرقة الأميركية على رؤوس العرب، الذي يفترض أن يبقوا داخل الزمن القبلي، دون الدخول لا في الزمن الصناعي ولا في الزمن التكنولوجي، كما هي حال اليابان وكوريا الجنوبية. ولكن لا بد من التذكير بأن العرب لم يكونوا هم من صنعوا الهولوكوست (المحرقة). أدولف هتلر الذي يختزل ويختزن  الضجيج الفلسفي لثقافة القوة على مدى قرون في القارة العجوز، هو مَن فعل ذلك. ولكن ألا يتصرف دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو ضد الفلسطينيين (وضد اللبنانيين)، كما لو أنهم قتلة اليهود؟

بكل ذلك الصلف الأمبراطوري، يجعل الرئيس الأميركي الفلسطينيين أمام خيار الاستسلام أو الموت، نافياً وبصورة تثير التقزز وتثير الذهول، أن يكون أهل غزة، لا سيما أطفال غزة، يقضون جوعاً أو يأكلون الرمل. حقاً ألا يتابع ترامب المشاهد التلفزيونية التي تظهر الأطفال وهم يحملون الطناجر الفارغة، أو وهم يُحتضرون على أسرّة المستشفيات؟

هذا هو عصر دونالد ترامب. مبعوثه الذي أصله من لبنان، فاجأنا بذلك النوع من الديبلوماسية، حيث تصريحاته أشبه ما تكون بالرقص على الحبال. إما أن تجثوا أمام نتنياهو أو الفناء، ليقنعنا بأن ما تبقى من صواريخ حزب الله الذي علّمته التجربة الأخيرة والمريرة الكثير الكثير وعلى المستويات كافة، تشكل خطراً على الأمن الاستراتيجي للشرق الأوسط بل وللعالم.

بعد كل الذي عرضناه، يحق لنا التساؤل هل الولايات المتحدة، في زمن الصواريخ العابرة للقارات، والاسترتيجيات العابرة للقارات، وبوجود القواعد الأميركية على الأراضي العربية، وحاملات الطائرات العملاقة، بحاجة الى الدولة العبرية لحماية مصالحها في المنطقة؟

لكنها الاستراتيجية الخاصة بابقاء العرب ـ وهم باقون ـ تحت خط الزمن، لكي تظل ثرواتهم في القبضة الأميركية. لا يابان عربية، ولا كوريا جنوبية عربية. مثالكم الأعلى، حتى ولو كنتم في الأبراج، دولة تدعى... الصومال!!

الأكثر قراءة

إذا لم يُسلّم حزب الله سلاحه