اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


جاك نيريا، الديبلوماسي "الاسرائيلي" المخضرم، سأل اذا كان قادة الائتلاف تماثيل الملح أم تماثيل الدم . لقبه "اللبناني" لحنينه الى البلد الذي ولد فيه، والذي غادره يافعاً. هو من أولئك المعلقين، الذين يعتبرون أن الحرب انتقلت من غزة الى الداخل "الاسرائيلي"، بعدما باتت جليّة حساسية الصراع بين بنيامين نتنياهو وقادة الأجهزة الأمنية، بالصورة التي تشي بأن الانفجار آت لا محالة.

أحد المواقع نقل عنه أن "تلك العاصفة من الهذيان، بالتداعيات الكارثية في الداخل وفي الخارج، تعني شيئاً واحداً، وهو أن ساعة السقوط في الهاوية قد أزفت. هذا بعدما ظن البعض أننا أوصياء على الغرب، وحيث ضجيج الدم قد أحدث هزة هائلة لدى الأجيال الجديدة. هذه الأجيال التي تقترب يوماً بعد يوم من السلطة". ألم تقل بعض النخب المؤثرة "... لم نعد عشاق اسرائيل". بالضرورة عشاق فلسطين...

نصيحة بعدم الرهان على "صراع الديكة"  في الولايات المتحدة على أبواب الانتخابات الرئاسية. "النيويورك تايمز" تحدثت عن "صراع الأحصنة الهرمة، ما يحعلنا نتوجس من وصفنا بـالأمبراطورية الهرمة".

جو بايدن ودونالد ترامب يلهثان معًا وراء العربة "الاسرائيلية". اذ يرفض الثاني أي حديث عن "الدولة الفلسطينية"، باعتبار ذلك "كمن يعلّق الملك داود على حبل المشنقة"، يقول الأول بحل الدولتين، دون التخلي عن ديبلوماسية الممالأة، بالأحرى ديبلوماسية المراوغة حين يربط بين قيام الدولة الفلسطينية والمفاوضات، لنسأل اذا كانت الدولة العبرية قد ولدت في القاعات الديبلوماسية لا في الخنادق، ولا في السيناريوات الكبرى.

هكذا يعترض على اعتراف كل من النروج واسبانيا وايرلندا بالدولة الفلسطينية، مع أنه موقف أخلاقي فرضته الأوضاع التراجيدية الراهنة، وحيث التداخل بين ما تقوله الخنادق وما تقوله القبور.

لا غرابة في أن كل ذلك الخراب الأبوكاليبتي، الذي لم يزعزع الارادة الفلسطينية بصناعة الحياة، لم يؤثر البتة في من دعاهم المؤرخ ايلان بابيه "ذئاب جهنم". واذا كان وزير التراث عميحاي ايلياهو قد دعا الى القاء القنبلة النووية على غزة، وقال وزير الأمن القومي ايتامار بن غفير بترحيل أهلها، وأهل الضفة الى خارج "أمبراطورية يهوه"، رأت وزيرة الاستيطان أوريت ستروك، كممثلة لصرخة راحيل، في مدن وقرى الضفة والقطاع، مستوطنات فلسطينية تتوخى "العودة بنا الى التيه"، لتقترح ازالتها، ولو اقتضى ذلك عمليات جراحية، وهذا ما تتكفل بها دبابات الميركافا التي سبق لشاوول موفاز ووصفها بـ "أبقارنا المقدسة".

للنتصور مدى السقوط الأخلاقي لدى تلك الوزيرة التي ترى أن الحكومة "التي تضحي بكل شيء (بأي شيء تضحي؟) من أجل استعادة 22 أسيراً لا تستحق البقاء".

نعلم أن الثقافة التوراتية تقضي بقتل الأغيار(الغوييم)، ولكن أن تقول الوزيرة بقتل اليهود فهذا انعكاس لتلك الايديولوجيا المجنونة، ما حمل بابيه على القول ان كلام ستروك، وهي عضو في حزب "الصهيونية الدينية" الذي يتراسه وزير المالية بسلئيل سموتريتش، تؤكد بما لا يقبل الشك، أن "من يقودون الدولة انما فقدوا رؤوسهم".

ما يرد من معلومات استخباراتية الى بعض الجهات العربية، لا سيما المصرية، يشير الى أن "اسرائيل" تقترب من حدث كبير، لم يحدث في أي بلد في العالم أن كانت الحكومة في مكان، وكانت الأجهزة الأمنية في مكان آخر، ليرى الأميركي آرون ميلر أن من الطبيعي أن يغضب الجنرالات، ويسألوا "الى اين تذهب بنا هذه المتاهة"؟ ولكن من غير الطبيعي ألاّ يوجد بين أقطاب المؤسسة السياسية من لديه الجواب.

السناتور بيرني ساندرز يستخدم تعبيراً مثيرأ "الحلفاء الأعداء"، على شاكلة "الاخوة كارامازوف" لفيودور ديستويفسكي، ليرى ليسلي غليب أنه "فيما نخوض صراعاً حول البنية الفلسفية الاستراتيجية للقرن، يوجد بين الحلفاء من يغرز السكين في الخاصرة".

استاذ العلاقات الدولية في جامعة "هارفارد" ستيفن والت يقول: "لعل ذروة السريالية أننا حين نعتقد أننا بسياساتنا ننقذ "اسرائيل" من استراتيجية القاع، نجد أنفسنا في الطريق الى القاع"، ليضيف "بعد تلك التجربة في غزة، لا بد لقادة "اسرائيل" التوقف عن رقصة التانغو بساق واحدة مع المستحيل، لأن المشكلة لم تعد فقط بين "الاسرائيليين" والفلسطينيين، بل هي بين "الاسرائيليين" و "الاسرائيليين"!

الأكثر قراءة

عمليات اسرائيلية مكثفة في رفح والاستعدادات لحرب موسعة تتواصل! التيار والقوات في سجال «الوقت الضائع»