اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

مريم نسر

استمرار الحرب لن يُعيد الأسرى الصهاينة، ولن يَقضي على حركة حماس، ووقفها من الممكن أن يُحقِّق مكاسب لـ "إسرائيل" في الجنوب ويؤمِّن الهدوء في الشمال... هذا ما قاله الرئيس الأميركي جو بايدن للكيان، بعد أن أعلن عن المقترح الأميركي الذي هو في الحقيقة "إسرائيلي"، بطريقة أربكت رئيس وزراء الإحتلال بنيامين نتنياهو وأحرجته أمام حلفائه في الحكومة وتحديداً اليمين المتطرف، الذين تفاجأوا به بحيث عبّر وزير الأمن القومي الصهيوني إيتمار بن غفير بالقول: "إن رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو وعد باطلاعي على مسودة مقترح صفقة التبادل لكنه يُماطل"...

توعّد بن غفير بإسقاط الحكومة إذا وافق نتنياهو على صفقة "غير مسؤولة وسيئة"، وأكثر من ذلك لقد بات معروفاً أن اليمين المتطرف ضد أي شكل من أشكال وقف الحرب، فهذا الفريق يريد الإستمرار بها حتى تحقيق هدف القضاء على حماس، الذي يعتبره الأميركي لن يتحقق بعد أن أصبحت الحرب على مشارف شهرها التاسع، بحيث بات متيقناً بأنها لن تُولِّد سوى المزيد من الفشل والهزائم، تماماً كما يعلم "الإسرائيلي" ذلك، لكن الفرق أن واشنطن تحاول إنقاذ "تل أبيب" التي تريد إغراق نفسها أكثر في مستنقع غزة، وبالتالي تُغرِق معها الأميركي.

كان الهدف "الإسرائيلي" من العدوان على غزة إعادة ترميم الثقة التي فُقدت في السابع من تشرين الأول وإذ به يُدمِّرها أكثر، وبعد أن كان هناك إجماع لدى الرأي العام داخل الكيان وتأييد دولي له، بدأ يفقده شيئاً فشيئاً، وخرجت أصوات تُنادي بوقفه، وبأن استمراره بات دون جدوى، وأكثر من ذلك باتت تتكوّن قناعة أن حُكم اليمين المتطرف وإصراره على الحرب سيأخذ الكيان الى الهاوية، لذا يستمر الأميركي بمحاولاته لإنقاذ "إسرائيل"، ومنها الإعلان عن المقترح بهذا الشكل.

لقد قصد بايدن الإعلان بهذه الطريقة لتلمّس ردود الفعل "الإسرائيلية" على المقترح، رغم معرفته إياها مسبقاً، إلا أنه يُحاول تهييء المناخات وتدوير الزوايا من أجل إقناع "إسرائيل" بوجهة النظر الأميركية، باعتبار أن الولايات المتحدة لا تستطيع كسرها، لذا ستبقى تُمارِس الضغوط عليها للوصول الى نتيجة. في المقابل، كل ما يريده نتنياهو من خلال المحتوى المُقدَّم في المقترح، حتى لو كان لصالح الكيان ورفضت استلامه حماس باعتباره ورقة "إسرائيلية"، أن يتخلّص من الضغوط الأميركية فقط، وليس بنية وقف الحرب.

إذاً... يُمكن القول إن ما أعلنه بايدن وأحدث كل هذا الجدل ليس إتفاقاً، باعتبار أن الورقة بأساسها ومضمونها مُلتبسة، ولا تُفضي الى تغيير جوهري يؤدي الى وقف إطلاق نار، لا في التسمية ولا في الشروط ولا حتى في الإنسحاب الواضح والكامل. لكن بغض النظر عن أن الولايات المتحدة هي مَن يُدير الحرب من بدايتها، وتريد أن تنتهي بانتصار الكيان، وترعى اتفاقات تسعى من خلالها لتحقيق ما عجز عنه "الإسرائيلي" في الميدان، كما تُكمِل محاولاتها للضغط على المقاومة. لكن اللافت هذه المرة مع ثبات كل ما ذُكِر، أن أميركا أرادت خرق الوعي "الإسرائيلي" في سياق الضغط الذي تُمارسه على نتنياهو وحكومته للتسليم بوجهة نظرها، وبالتالي تحافظ على وجود الكيان ومصالحها في المنطقة.

الأكثر قراءة

عمليات اسرائيلية مكثفة في رفح والاستعدادات لحرب موسعة تتواصل! التيار والقوات في سجال «الوقت الضائع»