اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


عقب الحديث الذي أدلى به آموس هوكشتين لمؤسسة "كارنيغي" الأميركية، شاعت حالة من الهلع لدى القوى، والشخصيات، السياسية الصديقة لواشنطن "هل يبيعنا الأميركيون لـحزب الله ؟" .

 وقيل "لن يكتفي الأميركيون بتقديم مفاتيح القصر الى سليمان فرنجية، بل انهم سيقدمون رؤوسنا الى السيد حسن نصرالله . ما العمل في هذه الحال ...؟" . مشتقاتهم في واشنطن مثل وليد فارس، وتوم حرب، يتوقعون أن يرفض الاسرائيليون أي "صفقة" تعقدها ادارة جو بايدن مع الحزب . ولكن، أي اسرائيل الآن، بعدما تعرّت حتى من عظامها أمام الأداء الأسطوري للمقاومين؟

 انهم يعلمون أي أزمة، أو أي أزمات . بنيوية تواجهها اسرائيل . الأهم أن الأميركيين هم الذين يعلمون مدى قابلية "القوة التي لا تقهر" للانكسار، ليعتبروا أن تقديم تنازلات في الداخل اللبناني، وتثبيت الحدود التي نصت عليها اتفاقية الهدنة في أذار 1949، قد يشكل عاملاً أساسيًاً في انقاذ الدولة العبرية، واعادة ترميم وحدتها الداخلية، بعدما أدت ارتدادات الحرب في غزة الى زعزعة كل مقومات القوة لديها.

 قيادة "حزب الله" التي ترى أن ثمة واقعاً آخر "ينتظرنا"، تدرك أن الأزمة البعيدة المدى لا تقتصر على اسرائيل.  أميركا، أيضاً، في أزمة على امتداد الشرق الأوسط، وقد باتت بحاجة الى مراجعة الكثير من سياساتها في المنطقة، وحيال المنطقة، بعدما تغيّر، على الأرض، الكثير من قواعد اللعبة (لعبة اللاعب الواحد) . هذا سيحصل حتماً أبقي جو بايدن في البيت الأبيض أم عاد اليه دونالد ترامب.

 كما تدرك أن ادانة الرئيس السابق في جرائم جنائية في قضية "أموال الصمت"، لا بد أن تحدث صدمة لدى قاعدته الشعبية، تحديداً لدى حملة البنادق الذين يهددون، هذه المرة، بتحويل اليوم الانتخابي (5 تشرين الثاني) الى حمامات دم، بعدما كانوا قد اقنحموا مبنى الكابيتول منذ نحو 4 سنوات، وكادوا يعلقون جثث الشيوخ والنواب على نوافذ المبنى الذي يعتبر مركز "العظمة الأميركية".

 قد يكون مصير دونالد ترامب وراء القضبان بعد صدور الحكم في 11 تموز، أي قبل أيام من انعقاد مؤتمر الحزب الجمهوري، في 15 تموز، لاعلان اسم مرشحه للرئاسة والذي قد يستأنف، مع توقع أن تتبنى محكمة الاستئناف هذا الحكم.

 بديهي أن يبيع الأميركيون أصدقاءهم في لبنان، على غرار ما فعلوه في بلدان أخرى. الولايات المتحدة أمام أيام عاصفة، لكنها أيضاً أيام الانتظار التي ستكون طويلة، ومملّة، ومضنية، مع انعكاس ذلك، بصورة دراماتيكية، على الأستراتيجيات ألأميركية في أنحاء الأرض.

 لكن المقاومة، كظهبر للجيش اللبناني، والتي تحمل القضية اللبنانية، كما تحمي قضية لبنان، ليست من النوع الذي يستجلب دبابات الخارج لتأمين للاستيلاء على السلطة وتكريس التبعية (المطلقة) الآخرين، ودائماً في ظل ذلك الشعار الكاريكاتوري ...استعادة السيادة.

 ليس ببغاءات، أو أرانب، واشنطن من يطمئنون خصوم الحزب، أو حتى أعداءه، في الداخل. الحزب هو الذي يطمئنهم، ونحن الأدرى بأجوائه . وليقل هوكشتين ما يقوله. المقاومة باقية، دون أن تكون هناك أي مساومة، أو أي مقايضة، على أي حبة تراب من ترابنا.

 في لبنان ـ كدولة طوائفية ـ دأبنا على أن نبيع للآخرين رؤوس بعضنا البعض . الآن من يستطيع ضنين بكل الرؤوس. من لا يستطيع يراهن على الآخرين لقلب المعادلة رأساً على عقب.

لطالما رددنا، ونردد، أن المنطقة أمام مفترقات وجودية. الحل بثورة على الذات، وظهور كل القوى في خندق واحد لأن بقاءنا، في تبعثرنا الراهن، وفي ظل تراكمات قاتلة، يعني أننا في طريقنا، جميعأ، الى الهاوية.

 لا مجال لوصول هذا الصوت الى الرؤوس الصدئة. رؤوس في المزاد العلني ...

 اذاً، لنكمل مسلسل التفاهات (وكم تغزونا ثقافة التفاهة) على الشاشات. اجترار ميكانيكي للمواقف الميتة، وللأفكار الميتة، كما لو أن بقاءنا لا يستدعي الانتقال، وفي الحال، الى الدولة ـ الوطن لا البقاء، وان على وقع العتابا والميجانا، في الدولة ـ المقبرة.

الأكثر قراءة

عمليات اسرائيلية مكثفة في رفح والاستعدادات لحرب موسعة تتواصل! التيار والقوات في سجال «الوقت الضائع»