اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


في خضمّ صراعٍ استراتيجيٍّ متنامٍ بين الولايات المتحدة والصين، تبرز حرب الرقائق الإلكترونية كساحةٍ جديدةٍ تُظهر إرادة الصين وإصرارها على التحدّي والصمود.

ففي الوقت الذي تحاول فيه الولايات المتحدة عرقلة تقدّم الصين الاقتصادي والتكنولوجي من خلال فرض عقوباتٍ صارمةٍ عليها، معتبرة أنّها بذلك تقوم بحماية أمن أميركا القومي؛ تُثبت الصين قدرتها على التكيّف والابتكار، وتواصل إبهار العالم عن طريق إنجاز شركة هواوي الرائدة في تصنيع معالجٍ بسبعة نانومترات، متخطّيةً بذلك توقعات الجميع ومشكّكةً في جدوى العقوبات الأميركية.

في عام 2019، فرضت الولايات المتحدة الأميركية عقوباتٍ قاسيةً على شركة هواوي الصينية العملاقة، التي كانت تسبق العالم بأميال في مجال التكنولوجيا.

هذه العقوبات أدّت إلى منع هواوي من تصنيع او شراء المعالجات 7 نانومترات والأجيال الأحدث التي تستخدم في الهواتف ذات امكانات ال 5G.

والمعروف ان الصين لا تستطيع تصنيع معالج 7 نانومترات لأن ذلك يحتاج الى ماكينات وآلات الطباعة الحجرية التي تستخدم الاشعة ما فوق البنفسجية المتطرّفة Extreme Ultra Violet ( EUV)، في حين أنّ الالات التي تمتلكها الصين تستخدم الأشعة فوق البنفسجية العميقة ‏Deep Ultra Violet (DUV). لذا فقد سددت الولايات المتحدة ضربات قاتلة للشركة الصينية عن طريق منع شركة ASML الهولندية، وهي الشركة الوحيدة التي تصنّع الآلات التي تستخدم ال (EUV) ، من بيعها للصين.

وعلى الرغم من الضغوط الأميركية التي اعتبرتها الصين أنّها تنتهك قواعد المنافسة العادلة، فقد استطاعت هذه الاخيرة أن تقفز فوق العوائق، وفاجأت العالم في آب 2023، عندما كشفت النقاب عن هاتفها الجديد الذي كان كـ "صاعقة" على اميركا، وذلك لأنهّ يحتوي على معالج 7 نانومترات، وبامكانات توازن امكانات هواتف ال 5G.

فكيف تمكنت الصين من تطوير معالجاتٍ متطورةٍ بآلاتٍ قديمةٍ؟

أكّدت شركة ‏بلومبرغ التي تعاقدت مع شركة techinsights لتفكيك الهاتف الصيني، أن شركة SMIC الصينية تمكنت من انتاج الشرائح بحجم سبعة نانومترات عن طريق تعديل أجهزة DUV البسيطة التي ما يزال بإمكانها شراؤها بحرية من ASML .

والأكثر من هذا أنّ الصين استطاعت خلال استة الاسابيع الأولى لاطلاق هذا الهاتف من أن تبيع 1.6 مليون من الهواتف، في حين تعثرت شركة Apple الاميركية عن منافستها، اذ أظهرت الاحصاءات انه في الربع الأول من سنة 2024 انخفضت حصة Apple إلى 15.7% بعد أن كانت 20% في الرّبع الأول من سنة 2023 ، بينما ازدادت حصة هواوي إلى 15,5% بعد أن كانت 9.3% في السنة الماضية؛ ما يؤكّد على أنّ العقوبات الأميركية لم تفلح في تحقيق هدفها.

والجدير بالذكر أنّ شركة Huawei مستمرّة في طريقها للانفراد بالصدارة واستعادة مجدها المسلوب بعد أن أنتجت سلسلة من الهواتف الذكية Pura 70، و 70 Pro، و +Pro 70، و 70 Ultra.

وعلى الرغم من زيادة تكلفة تصنيع الرقائق بالنسبة للصين، فإن اصرار الصين على تخطي القيود الأميركية وكسر الحصار الأميركي الشديد المفروض على قطاع التكنولوجيا الصيني هو الحلقة الأقوى.

مرة أخرى، تثبت الصين قوتها وقدرتها على التحدي في حرب الرقائق الإلكترونية، لتؤكد للعالم أنّ "الحاجة أمّ الابتكار"، ولتعطي الدول الأخرى درسا في الإرادة والثبات والاصرار والتحدي.

لقد برهن التنين الصيني أنه لا يعرف اليأس وانه بإصراره وعزيمته يصنع المعجزات. ويبقى السؤال: اذا وصلت الصين الى حالة الاكتفاء الذاتي في تصنيع الرقائق، فكيف ستتلقف الولايات المتحدة ذلك؟ وهل ستتمكن الصين على الدوام من تطوير تقنياتٍ جديدةٍ تُمكّنها التغلب على العقوبات الاميركية؟

الأكثر قراءة

عمليات اسرائيلية مكثفة في رفح والاستعدادات لحرب موسعة تتواصل! التيار والقوات في سجال «الوقت الضائع»