اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


وحيث من جهة ثانية، فإنه اذا كانت مهنة المحاماة تساهم في تنفيذ الخدمة العامة وتحقيق رساة العدالة، وفقاً للمواد /1/ و /2/ من قانون تنظيم مهنة المحاماة، إلا ان ذلك يجب ان يتم ضمن نظاق القوانين والانظمة، بحيث يتعين على المحامي، ولو كان يتولى الى جانب ملفاته الخاصة والفردية – نشاطات اخرى في مجال العمل البلدي مثلاً، يهدف من خلالها الى حماية فئات معينة او الدفاع عن حقوق محددة، مثل ابناء بيروت، ان يسلك توصلاً لذلك، الاطر التي وضعها له القانون بصفته محامياً، فيضع خبرته في المجالين القانوني والقضائي في خدمة القضايا العامة والمجتمعية التي يهمه متابعتها، وذلك من خلال تقديم الطلبات او الدعاوى او الشكاوى او الاخبارات بالطرق المناسبة وامام المراجع المختصة.

وحيث انه اذا قرر المحامي عدم استعمال تلك الادوات او المعلومات وعمد الخروج عن تلك الاطر، وهو امر مشروع ومفهوم كون المحامي بالنتيجة مواطنا وفردا من افراد المجتمع يتأثر بما يحيطه ويكون قناعاته وآراءه الشخصية، فإنه لا يعد في هذا السياق محامياً يمارس مهنته بل يعتبر مواطناً عادياً له حقوق ومطالب".

1- وفي قرار صادر بتاريخ 16/5/2024 تحت الرقم 32/24، اعتبرت هيئة المحكمة المؤلفة من القضاة عويدات وعطالله ومعماري وعضوي المجلس لحود ويونس ان قرار المجلس التأديبي قد جاء في محله لجهة الادانة المسكلية ولجهة مدة العقوبة، ومما جاء في القرار:

"وحيث انه بصرف النظر عن مدى جدية ادعاء المستأنف بتزوير الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف المذهبية الدرزية العليا، كما وبمعزل عن طبيعة العلاقة الاجتماعية السابقة التي تربطه بالقاضي الموجهة له الرسالة ومدى إرتضاء الاخير التواصل معه عبر الهاتف، إلا ان طبيعة العبارات الواردة في الكتاب إنما تتخطى اصول التخاطب مع مطلق شخص وبالاخص مع قاضي ناظر في نزاع يخص المرسل، كما انها تتجاوز حدود الدفاع التي يجب ان يلتزم بها المحامي سواء بمعرض دفاعه عن موكل او عن نفسه.

وحيث ان العبارات المشار اليها آنفاً، والتي لم يكتف المستأنف بتوجيهها الى القاضي نفسه بل بعث بها لسواه، إنما تتضمن شكاً بنزاهة القاضي وحيادته واستقلاليته ما يشكل إهانة قصوى وتعرض غير مقبول لشخص اي قاض، ومساً خطيراً بشرفه وكرامته، ونسبة جرم جزائي له، وبالفعل فإنه قياساً على ما ورد في المادة /74/ من قانون تنظيم مهنة المحاماة، فإنه اذا كان لا يُسأل المحامي، ولا يترتب عليه اي دعوى بالذم او القدح او التحقير من جراء المرافعات الخطية او الشفهية، التي تصدر عنه ما لم يتجاوز حدود الدفاع وآداب المرافعة، فكيف اذا كان التخاطب خارج هذا الاطار او اذا كان موجهاً لقاضٍ.

وحيث على صعيد آخر، فإن إرسال اوراق المحكمة من لوائح ومذكرات بواسطة الكتاب المضمون، وإن لم يكن محظراً بشكل صريح في القانون، إلا انه يخرج عن التعامل والاعتيادي المعتمد اصولاً الذي يفرض تسليم الاوراق لايداعها ملف النزاع في القلم للتأكيد على وصولها والتمكن من ايرادها اصولاً على المحضر وتحديد هوية الشخص الذي احضرها، كذلك فإن المطالبة بالاطلاع على الاوراق والقرارات والاحكام عبر الهاتف يخرج هو الآخر عن الاساليب القانونية المتبعة، وهي امور تعتبر غير مهنية وغير محبذة ولو تجاوب الموظفون معها من وقت الى آخر لياقة او تسهيلاً للامور في ظل الاوضاع الاقتصادية والصحية التي شهدها البلد.

وحيث انه تبعاً لمجمل ما تقدم، فإن الافعال المنسوبة الى المستأنف تعد مخالفة للمواد موضوع الإحالة ما يعرض المستأنفة للمساءلة المسلكية.

وحيث انه لناحية العقوبة، فإنه يجب ان تتناسب مع طبيعة الفعل وخطورته وان تتلاءم مع حجم المخالفة مع الاخذ في الاعتبار نية الفاعل وظروفه.

وحيث انه في ضوء الاوضاع العامة السائدة خلال المحاكمة الجارية امام المحاكمة المذهبية والاقفال شبه المتواصل الناجم عنها، وبالنظر لكون الملف الحاصل بمعرضه الفعل خاص بالمستأنف بموضوع طلاق وحضانة اولاد وما ينجم عن ذلك من اضطرابات ومشاكل شخصية، فإن المحكمة ترى ان العقوبة الملقاة على المستأنف تتناسب مع الفعل المرتكب منه.

وحيث تبعاً لما تقدم يقتضي رد الاستئناف اساساً وتصديق ما قضى به الحكم المستأنف، لا سيما وان الحكم المذكور لا يعتبر متمتعاً بالصفة التنفيذية إلا من تاريخ صيرورته مبرماً بعد تصديقه من قبل محكمة الاستئناف".

 

الأكثر قراءة

عمليات اسرائيلية مكثفة في رفح والاستعدادات لحرب موسعة تتواصل! التيار والقوات في سجال «الوقت الضائع»