اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

كتاب "صبح شام"، كان آخر ما كتب وزير خارجية ايران الشهيد حسين أمير عبد اللهيان بين عامي 2022 و 2023، وترجم الى العربية في العام 2024.

الكتاب فصّل الأزمة السورية باستفاضة، وفيه من المعلومات والأسرار والكواليس التي من شأنها شرح الكثير من الأحداث المهمة، وايجاد الحلقات المفقودة، لتحقيق فهم عام لمجريات الحرب السورية، والتي لم يعلن عنها في حينها. طبعا هذا الكتاب تمت كتابته بناء على رغبة الشهيد قاسم سليماني، الذي توجه الى عبد اللهيان في احد اللقاءات بالقول: "نريد منك ان تحكي قصتنا، في حربنا على الإرهاب."

وفي هذا المقال، لن نمر على كل فصول الكتاب، ولكن نتطرق الى بعض التفاصيل المهمة التي يجدر التوقف عندها، لفهم أوسع للحرب السورية.

لماذا كانت ايران أول من تدخل لدعم النظام السوري؟ بحسب الكتاب، ايران تعتبر أن سوريا أهم الدول في الاقليم، وقد تعرضت لحرب كونية من دول عديدة على رأسها الولايات المتحدة الاميركية، من أجل إسقاط نظامها بهدف تقسيمها (خطة بندر)، كما ان شخصية الرئيس السوري بشار الأسد وصلابته وقدرته على إدارة المعركة، كانت احد الأمور المهمة التي دفعت ايران الى مساندته ودعمه للحيلولة دون سقوطه، هذا فضلا عن البعد الديني المتمثل بكون سوريا تحتوي على مقام السيدة زينب ومقامات عديدة للأولياء من آل البيت عليهم السلام، فضلا عن الخشية من أن أي نجاح للعملية في سوريا، قد يساعد الجماعات الإرهابية للانتقال نحو الدول الأخرى ومنها ايران. وتعد سوريا إحدى أهم الدول التي تدعم المقاومات في فلسطين ولبنان والمنطقة عبر تمرير السلاح، وهذا ليس خافيا على أحد.

دوافع روسيا الحقيقية للدخول

على خط الازمة في 2015؟

بعد ما يزيد على خمس سنوات من الحياد، قررت روسيا الدخول للدفاع عن النظام السوري، وهنا يذكر عبد اللهيان الفارق بين التدخل الايراني والتدخل الروسي ، هو أن التدخل الايراني كان من أجل نصرة أحدى دول محور المقاومة وهي سوريا، أما التدخل الروسي فكان لمصالح برغماتية، وذكر الكتاب بعضها:

1ـ مواجهة المصالح الأميركية (سوريا منطقة نفوذ روسية تاريخيا).

2ـ التقييم الروسي الذي يقول ان سقوط النظام السوري قد لا ينتج بعده نظام يتوافق مع الرؤى الروسية، وبالتالي خسارة روسية منطقة نفوذ، وهذا ما لم ترد تكراره هنا، كما حصل معها في ليبيا مع نظام القذافي.

3ـ اسباب استراتيجية.

4ـ خشية من انتقال الإرهاب الى روسيا.

تباينات مواقف بعض الدول

العربية في الحرب السورية

ورد في كتاب عبد اللهيان حديث عن مواقف أربع دول عربية من الأزمة السورية، وهي السعودية، الكويت، قطر ومصر... ومر على البحرين بشكل سريع جدا وخاطف.

السعودية

خطة سعودية – اميركية لاحتلال دمشق (ص 137) . ان الخطة السعودية الاميركية تقوم على حفر أنفاق وخنادق حول العاصمة دمشق، وتقوم جماعات "الجيش السوري الحر" التي تم دعمها بالمال والسلاح، وتم دفع مبالغ مالية خيالية من أجل الانشقاق عن الجيش السوري، بالتمركز في هذه الأنفاق حول العاصمة دمشق ، وتستعد لـ "اللحظة صفر".

واللحظة صفر هي حين يعلن الرئيس الأميركي آنذاك كخطوة أولى، أنه لو استخدم الرئيس الأسد السلاح الكيماوي فإن اميركا سوف تضطر الى التدخل. ثم بعد ذلك تأتي الخطوة الثانية وهي تثبيت التهمة على النظام السوري بأنه استخدم براميل كيماوية متفجرة ضد المدنيين، وهنا تنطلق هذه الجماعات من أجل السيطرة على دمشق واسقاط الحكومة.

وقد حاولت السعودية أن تشرك روسيا في خطتها المشتركة مع اميركا، عبر ايفاد رئيس جهاز الامن المركزي السعودي بندر بن سلطان الى موسكو من أحل إقناع بوتين، وخلال اللقاء لنقاش الخطة مع الروس، جرى حوار مهم بين بوتين وضيفه. (الحوار ص 137):

- بوتين لبندر: ما هو برنامجكم وطريقة عملكم في سوريا؟

أجاب: برنامجنا هو إسقاط الأسد.

-بوتين: كيف؟

- البندر: عملنا على تنظيم المنشقين عن الجيش السوري في "الجيش الحر"، وجمعنا عددا كبيرا من المجموعات المسلحة (الإرهابيين) من كافة أقطار العالم.

- بوتين: يعني تريدون إسقاط الأسد بأسلوب عسكري؟

- بندر: نعم، لا يوجد حل سياسي في سوريا، ويجب إسقاطه بواسطة العسكر.

- بوتين: ما الذي يمنع المسلحين من الانتقال الى الرياض في هذه الحالة.

- بندر: نعم نعلم ذلك، ولكن خططنا لهذا أيضا، بعد إسقاط بشار سنعمد الى قصفهم وتدميرهم، لتعم الفوضى في البلاد.

وهذه كانت بحسب عبد اللهيان، الخطة من أجل تقسيم سوريا.

قطر

الموقف القطري يقول عبد اللهيان، كان مخيبا للآمال، حيث أفسحت قطر المجال أمام الشيخ يوسف القرضاوي، الذي أسهم في الدعوة الى الجهاد (الارهاب)، وكان له تأثير كبير في دفع شباب كثر للانحراط في صفوف الجماعات الارهابية، الى أن وصل الى نقطة شعرت معها قطر أن أمنها مهدد بسبب القرضاوي، لذا فرملت الخطة، وعادت الى رشدها خصوصا بعد المقاطعة الخليجية لها في 2016. وعلمت أن كثيرا من الإجراءات التي اتخذتها ضد سوريا لن تصل الى نتيجة، هذا فضلا عن بروز مشاكل عديدة بينها وبين السعودية بعد الأزمة الخليجية، وتمتين ايران علاقتها مع الدوحة ودفعها الى العدول عن قرارها، وهذا ما حصل.

مصر

الموقف المصري مرّ بمرحلتين في عهد الرئيس الراحل محمد مرسي كان خطأ استراتيجيا ضخما بحسب عبد اللهيان، أما في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي فاختلف الموقف المصري، وذلك كان مباشرة قي اليوم التالي لتنصيب السيسي منتصف العام 2014، حيث حضر عبد اللهيان حفل التنصيب.

وفي اليوم التالي التقى بعمر موسى بدعوة منه ، لابلاغه موقف مصر بشأن الأزمة السورية، وأن مصر لن تكون في جيب الآخرين، وأنها رفضت أن تصف الاسد بالديكتاتور، وبالتالي رفضت الإملاءات الأميركية والخليجية كافة.

الكويت

لم توافق الكويت على موقف السعودية وعارضتها في ما يتعلق باسقاط الرئيس الأسد، وكانت تعتقد بأن هذه الحرب سوف تؤثر سلبا في الأمن الإقليمي. ويؤكد عبد اللهيان في كتابه أرجحية مواقفها، واقتصر دورها على المساعدات الإنسانية.

عملية فرنسية - اميركية - بريطانية

يقول عبد اللهيان ان العملية  الفرنسية - الاميركية - البريطانية بالصواريخ الذكية في عهد ترامب 2018 تم إبلاغنا بها قبل انطلاقها، والرسالة التي وصلتنا تضمنت أربع نقاط هي:

- حفظ هيبة الرئيس الأميركي الذي قال أنه اذا استخدم الأسد السلاح الكيميائي فسوف تتدخل اميركا، حتى لو كان التدخل شكليا.

- طمأنة سوريا وايران ان لا أهداف لها من قبيل اسقاط الأسد.

- الطمأنة لناحية عدم استهداف مراكز حساسة للحكومة السورية.

- ايصال رسالة للعالم حول معارضة استخدام السلاح الكيميائي.

وبالتحليل تعد هذه العملية محاولة لاستعادة ماء الوجه، بعد الخسارة المدوية للحلف "الانكلوساكسوني" المدعوم اميركيا.

الأسباب الكامنة وراء

فشل الحرب على سوريا

بالطبع، فشلت الحرب على سوريا فشلا ذريعا، ولم تحقق أيا من أهدافها سوى قتل الأبرياء، وتدمير سوريا...

ويعدد الكتاب سبعة منها (ص 7)، وهي على الشكل الاتي :

1ـ تحالف غربي - عربي - عبري، وهذا التحالف لا يمكن أن يكتب له أي نجاح.

2ـ صمود بشار الاسد بصفته الرئيس المنتخب للدولة السورية.

3ـ روحية واستقامة الشعب السوري وايمانه بأن الثورة مصطنعة.

4ـ تضحيات المقاومين والمدافعين عن الحرم الزينبي من مختلف الجنسيات والدماء.

5ـ ما بذله الشهيد قاسم سلماني لإفشال هذه التظاهرات والحركات الإرهابية.

6ـ دور حزب الله المميز الذي دخل بمقاومين لمؤازرة الجيش السوري.

7ـ تدخل القوات الروسية الجوية لحسم المعركة (ايلول 2015)، وكان عبد اللهيان من اوفد الى روسيا لاقناعها وقد نجحت المهمة.

كل الخطط لم تستطع

أن تنهي الدور المقاوم لسوريا

طبعا هذه الاسباب التي عرضها عبد اللهيان في كتابه، كانت كفيلة باسقاط كل تلك الخطط والمؤامرة الكونية على سوريا، التي هدفت الى الإطاحة بالرئيس الأسد، ولم تستطع أن تنهي الدور المقاوم لسوريا. واليوم غزة ميزان جديد يقاس فيه من استفاد من دروس الماضي، ومن ما زال يعتقد أنه يستطيع أن يقضي على المقاومة بالقوة هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى هي ميزان لتحديد من هي الدول التي تسعى لحماية أمن المنطقة، ومن هي التي تسعى الى تخريبها. وهذا الأساس هو الذي يجب أن يحكم الاصطفافات، خصوصا بعد تسعة أشهر من الاخفاق الاميركي – "الاسرائيلي" في غزة.

الأكثر قراءة

الأميركيّون "الاسرائيليّون"... العرب الأميركيّون