اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

كأن لبنان لا يكفيه ثقل ملف النازحين السوريين وخطرهم على الكيان اللبناني، لتضاف الى مشاكله أزمة الخلاف التي نشأت اخيرا بين عدد من الوزراء مع المنظمات الدولية، حول طريقة إدارة الأزمة والتعامل مع خطة الاستجابة. وهذا ما كشفته المواقف الأخيرة لوزير الشؤون الإجتماعية هكتور حجار، وتأكد أكثر بتطيير الاجتماع التقني لخبراء وممثلي الوزارات، والدعوة العاجلة لاجتماع وزاري بعد بروز اعتراضات وزارية في هذا الشأن، إذ يبدي فريق من الوزراء تخوفا من أهداف البرامج الدولية، وتحسسا من المساعدات المالية والحوافز المقدمة الى النازحين لإبقائهم في لبنان.

ومن هذه النقطة بالذات اتضح ان ثمة صراعا خفيا يدور بين منسقية الأمم المتحدة ووزراء في الحكومة، اذ يبدو ان هناك توجها وزاريا لسحب اي تدخل من المجتمع الدولي ومحاصرته، او كف يده عن الملف وحصر خطة الاستجابة وإعادة النازحين الى بلادهم بالوزارات، بدلا من المسؤولين الأممين.

وما يعزز المخاوف من الجانب اللبناني، وجود إختلاف في النظرة لملف النزوح، فالجهات الدولية لديها مقاربة خاصة تتحفظ عليها ولا تطلع لبنان عليها، وتربط الأمم مسألة الاستجابة الواحدة لمنح لبنان برامج مساعدات مالية، بالمقابل يخطط فريق وزاري لإدارة ملف الاستجابة للازمة السورية وفق مقاربته الخاصة، مع الإصرار على فك المسارات.

المواقف اللبنانية كانت مؤخرا محط إهتمام من جهة المجتمع الدولي، وفي هذا الإطار أكدت مصادر مطلعة ان لا خطط سرية او ما شابه لدمج النازحين من قبل المجتمع الدولي، كما انه ليس صحيحا ان الوزراء لا يتم اطلاعهم على الاستجابة. ووفق المصادر فان الاستجابة الجديدة LRP مبنية على خطة لبنان للاستجابة للازمة LCRP، لكنها توسعت في الاستهداف لتشمل استجابة الجنوب ايضا. وتعتمد نفس الاهداف الاستراتيجية الكبرى، والى جانب النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين تشمل الخطة دعم الفئات الأكثر هشاشة، من اجل المحافظة على استقرار لبنان الإجتماعي والبيئي عبر دعم المجتمع المضيف.

في خطة الاستجابة كل وزارة تدير القطاع الخاص بها وتترأسه، وتضع الاستراتيجية الخاصة بها كإطار يلتزم به الشركاء في الامم المتحدة والمجتمع المدني كجهات تنفيذية، وتؤكد المصادر ان الأمم المتحدة قدمت مسودة خطة لبنان للاستجابة كنتيجة مشاورات بين وكالاتها مع المنسق المقيم للامم المتحدة، حيث انضمت OCHA في ترؤس الاستجابة الجديدة إلى جانب UNHCR وUNDP، وقد عملت الوزارات على وضع الملاحظات على المسودة وارسلتها إلى رئاسة الحكومة، لكن وزير الشؤون الإجتماعية امتنع عن ذلك، واتخذ موقفا سياسيا لأنه يريد ترؤس الاستجابة. مع العلم ان الوزير حجار رفض السنة الماضية ترؤس الاجتماعات الاستراتيجية لخطة LCRP، بعدما تم تكليفه القيام بالمهمة وتمثيل رئيس الحكومة في هذه الاجتماعات، التي تتخذ اهمية قصوى كي لا يتحمل لبنان اعباء مالية عن استضافته النازحين واللاجئين. وهذا الإجراء كما تقول المصادر، مبني على حيثيات معينة لها علاقة بالسياسة وحسابات أخرى، في حين ان الدور الأساسي لوزير شؤون اجتماعية يفترض الحماية الاجتماعية للفئات الأكثر ضعفا. علما ان الاستجابة كما تضيف المصادر تتبنى موقف الحكومة اللبنانية لجهة اعتبار السوريين كنازحين، بدل اعتبارهم لاجئين مع كافة المصطلحات الرافضة للاندماج والتوطين.

من هنا، تعتبر المصادر ان الإجتماع يوم غد الخميس سيكون حاسما، لبت المرجعية في الملف وتحديد المسارات المقبلة. فهل سيتمكن الوزراء من سحب التدخل الأممي، وتطويع المنظمات الدولية، واحكام السيطرة الكاملة على ملف النزوح السوري؟ والسؤال الأهم حول تأثير الكباش اللبناني الأممي على مسار برامج المساعدات، خصوصا ان المجتمع الدولي لا يثق بالجهات الرسمية في ما خص التمويل، بسبب تاريخ الساسة اللبنانيين في الفساد، علما ان هناك تراتبية أساسية يقوم عليها عمل المنظمات المانحة.

الأكثر قراءة

الأميركيّون "الاسرائيليّون"... العرب الأميركيّون