اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

اتهمت زعيمة حزب «التجمع الوطني» في فرنسا الرئيس بالسعي لتنفيذ «انقلاب إداري» يهدف إلى منع رئيس الحكومة المقبل، والذي يتوقّع أن يكون هو رئيس حزبها، والإليزيه يرد مؤكداً ضرورة «تحليها بالهدوء والمسؤولية».، في وقت حددت فيه أسماء المرشحين للجولة الثانية من الانتخابات التشريعية بعد انسحاب العشرات من مرشحي اليسار واليمين، لمحاولة منع وصول اليمين المتطرف إلى السلطة رغم الانقسامات العديدة.

فقد أكدت مارين لوبان، زعيمة حزب «التجمع الوطني» الفرنسي، الذي ينتمي إلى أقصى اليمين، أنّ الرئيس إيمانويل ماكرون يسعى لتنفيذ «انقلاب إداري» في الهياكل الحكومية، موضحةً أنّ ذلك يتم من خلال «إجراء تغييرات في اللحظة الأخيرة، بهدف منع رئيس الحكومة المعارض المستقبلي من الحكم».

وجاء ما أدلت به لوبان خلال حديثها إلى إذاعة «France Inter»، حيث شدّدت على أنّ ماكرون يعتزم إجراء تغييراتٍ عديدة وتعيين أشخاص جدد «يكون هدفهم منع رئيس حزب التجمع الوطني، جوردان باديلا، من حكم البلاد عبر الطريقة التي يريدها».وأشارت لوبان إلى أنّها قرأت أنّ الرئيس يستعدّ الأربعاء، أي قبل 4 أيام من الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية، لتعيين قائد جديد للشرطة، علماً بأنّه من المفترض أن يبقى في منصبه حتى نهاية الألعاب الأولمبية، في آب المقبل.وأضافت السياسية الفرنسية خلال حديثها أنّ ماكرون ينوي أيضاً تغيير مديري الدرك، إلى جانب عشرات حكام المناطق، والعديد من الأشخاص في مناصب أخرى.

ووصفت زعيمة «التجمع الوطني» هذه الإجراءات بأنّها تمثّل «شكلاً من أشكال الانقلاب الإداري.

في الوقت نفسه، أعربت لوبان عن أملها في أن تكون هذه المعلومات «مجرد شائعات»، لكنها لفتت أيضاً إلى أنّه «تم إجراء تعيينات قبل الجولة الأولى من الانتخابات، كانت أكثر بكثير مما تكم إجراؤه خلال الاجتماعات العادية لمجلس الوزراء». وتوجّهت إلى الرئيس الفرنسي بالقول: «إذا قمت بحل البرلمان، وتقول في الوقت نفسه إنّه ينبغي ألا يأتي معارضوك إلى السلطة، فلم يكن هناك أي داع لحلّ البرلمان على الإطلاق».

يُذكر أنّ ذكرت صحيفة «لو جورنال دو ديمانش» الفرنسية ذكرت سابقاً أنّ ماكرون «بتغييرات كبيرة في الهياكل الحكومية من أجل الحد من نفوذ بارديلا، إذا فاز بمنصب رئيس الوزراء».

الإليزيه يردّ

بدوره، رد قصر الإليزيه على الاتهامات التي أطلقتها لوبان بشأن «الانقلاب الإداري»، حيث أكدت الرئاسة الفرنسية في بيان، نقلته صحيفة «لوفيغارو»، أنّ «المسؤولية تتطلّب الهدوء والاعتدال».ولدى حديثه عما قالته لوبان بشأن تعيين مديرين عامين جدد للشرطة والدرك، أشار الإليزيه إلى أنّ «المادة الـ13 من الدستور تشير إلى أنّ رئيس الدولة يعيّن المناصب المدنية والعسكرية خلال مجلس الوزراء الذي يترأسّه».وتابع: «كانت هناك تعيينات وتحركات كل أسبوع منذ 66 عاماً، خصوصاً في فصل الصيف، بغضّ النظر عن اللحظات السياسية التي تمرّ بها مؤسساتنا، ومن غير المتوقع بأي حال من الأحوال أن يتغيّر أي من هذه الأحكام في الأشهر المقبلة».

كذلك، أصرّ الإليزيه على امتياز آخر للرئيس، حيث لفت إلى أنّ المادة الـ8 من الدستور تنصّ على أنّ الشخص الوحيد القادر على تعيين رئيس الحكومة ووزرائه هو رئيس الجمهورية.كما أشار إلى أنّه سيفعّل ذلك بعد الانتخابات التشريعية، بحيث يكون على أساس تركيبة الجمعية الوطنية التي سينتخبها الفرنسيون.

الى ذلك حددت امس فرنسا أسماء المرشحين للجولة الثانية من الانتخابات التشريعية بعد انسحاب العشرات من مرشحي اليسار واليمين، لمحاولة منع وصول اليمين المتطرف إلى السلطة رغم الانقسامات العديدة. وحسب تعداد أولي أجرته وكالة فرانس برس، انسحب 155 مرشحا من اليسار ومعسكر الرئيس إيمانويل ماكرون مؤهلين لخوض الجولة الثانية من السباق الانتخابي المقرر يوم الأحد المقبل.

والهدف من سلسلة الانسحابات هذه هو تشكيل «جبهة جمهورية» لمواجهة حزب التجمع الوطني برئاسة جوردان بارديلا (28عاما)، الذي تصدّر حزبه الجولة الأولى من الانتخابات بفارق كبير.

وفي حال أصبح بارديلا رئيسا للحكومة، ستكون هذه أول مرة تقود فيها حكومة منبثقة من اليمين المتطرف فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية.

وبعد 3 أسابيع من الزلزال السياسي الذي أحدثه ماكرون بإعلانه حل الجمعية الوطنية، صوّت الفرنسيون بكثافة في الجولة الأولى من الانتخابات التي تثير نتائجها ترقبا كبيرا في الخارج.

وحل التجمع الوطني (يمين متطرف) وحلفاؤه في طليعة نتائج الجولة الأولى من الاقتراع، بنيله 33.14% من الأصوات (10.6 ملايين صوت)، وانتُخب 39 نائبا عن هذا الحزب في الجولة الأولى، وبذلك، تقدم على الجبهة الشعبية الجديدة التي تضم اليسار (27.99%)، فيما جاء معسكر ماكرون في المرتبة الثالثة بفارق كبير (20.8%)

وطالب اليمين المتطرف الفرنسيين بمنحه غالبية مطلقة في الجولة الثانية، وقال رئيسه الشاب إن الجولة الثانية ستكون «واحدة من الأكثر حسما في مجمل تاريخ الجمهورية الفرنسية الخامسة»، التي تأسست عام 1958.

من جهتها، قالت زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبان «نحن بحاجة إلى غالبية مطلقة». وتترأس لوبان كتلة نواب التجمّع الوطني في البرلمان الفرنسي، كما انتُخبت من الجولة الأولى في الشمال.

سيناريوهات

وفي ظل حيرة وغموض على كل الجبهات، هناك عدة سيناريوهات مطروحة، ومع تراجع احتمال قيام «الجبهة الجمهورية» التي كانت تتشكل تقليديا في الماضي بمواجهة التجمع الوطني في فرنسا، بات من المطروح أن يحصل حزب جوردان بارديلا ومارين لوبان على أغلبية نسبية قوية أو حتى أغلبية مطلقة الأحد المقبل.

غير أن سيناريو قيام جمعية وطنية معطلة بدون إمكانية تشكيل تحالفات تحظى بالغالبية بين الكتل الثلاث الرئيسية، يبقى ماثلا أيضا، وهو سيناريو من شأنه أن يغرق فرنسا في المجهول. وفي جميع الأحوال، خسر ماكرون رهانه على حل الجمعية الوطنية بعد هزيمة كتلته في انتخابات البرلمان الأوروبي، التي جرت في 9 حزيران الماضي. ومن المحتمل أن تُنتج الانتخابات التشريعية تعايشا غير مسبوق بين رئيس مناصر للاتحاد الأوروبي وحكومة معادية له، الأمر الذي يمكن أن يطلق شرارة خلافات بشأن صلاحيات رئيسي السلطة التنفيذية، وخصوصا في مسائل الدبلوماسية والدفاع.

وحذر رئيس الوزراء الفرنسي غابريال أتال من أن «اليمين المتطرف بات على أبواب السلطة»، داعيا إلى «منع التجمّع الوطني من الحصول على أغلبية مطلقة».

أما العضو اليساري في البرلمان الأوروبي رفاييل غلوكسمان فيؤكد «أمامنا 7 أيام لتجنب كارثة في فرنسا»، داعيا إلى انسحاب جميع المرشحين الذين حلوا في المرتبة الثالثة.

الأحمق المفيد

لكن حزب فرنسا الأبية، حليف غلوكسمان، فيرى أن هذه القاعدة لن تُطبّق إلا في الدوائر التي حل فيها مرشحو التجمع الوطني في المرتبة الأولى، بحسب رئيس كتلة اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون.

وفي المعسكر الرئاسي، لا يزال الخط غير واضح، ففي اجتماع لحكومته، أمس الاثنين، لم يصدر ماكرون تعليمات واضحة، حسبما أفادت عدة مصادر وزارية.

وقال أحد المشاركين في الاجتماع «إن الرئيس ماكرون أكد على ضرورة عدم ذهاب أي صوت لليمين المتطرف»، وذكّر بأن اليسار دعمه مرتين في 2017، ثم في 2022 ليصبح رئيسا. لكن ماكرون لم يدل بأي تصريحات علنية أمس.

وأعلن العديد من مرشحي معسكره بقاءهم في الجولة الثانية. لكن أغلبية المرشحين المنسحبين تبدي ترددا حين يتعلق الأمر بدعم مرشحي فرنسا الأبية، خصوصا أن حزب ميلانشون متهم بمعاداة السامية، ووصفه مسؤول نقابي بارز بأنه «الأحمق المفيد لجميع أولئك الذين لا يريدون التنحي».

العالم يراقب

وتراقب العديد من العواصم العالمية الأزمة السياسية في فرنسا، وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إن «ألمانيا وفرنسا تتحملان مسؤولية خاصة تجاه أوروبا المشتركة، ولا يمكن لأحد أن يظل غير مبالٍ».

من جهته، اعتبر رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك أن نتائج الجولة الأولى من هذه الانتخابات تعكس «اتجاها خطيرا» تسلكه فرنسا وأوروبا. وأعلنت روسيا أنها تتابع «الانتخابات في فرنسا عن كثب»، فيما أكدت واشنطن أنها «تعتزم مواصلة تعاونها الوثيق مع الحكومة الفرنسية حول مجمل أولويات السياسة الخارجية». في المقابل أشاد آخرون بالنتيجة التي حققها اليمين المتطرف الفرنسي، على غرار رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني، التي اعتبرت أن «شيطنة» اليمين المتطرف لم تعد مُجدية». 

الأكثر قراءة

الأميركيّون "الاسرائيليّون"... العرب الأميركيّون