تعتبر البترون واحدة من أقدم المدن التاريخية والسياحية في العالم، والتي يعود التاريخ فيها الى حوالي خمسة آلاف سنة، فهي مدينة ساحلية وتقع في شمال لبنان، وتبعد حوالي 50 كيلومتر عن العاصمة بيروت، كما تبعد حوالي 30 كيلومتر عن غرب مدينة طرابلس.
وتضم المدينة عددا من المعالم التاريخية، والعديد من الحانات والنوادي الليلية، ممّا يجعل منها منتجعا شاطئيا رئيسيا يتمتع بأنشطة ليلية نابضة بالحياة. فقد أصبح اقتصاد البترون يعتمد في الآونة الأخيرة على عائدات الخدمات الترفيهية والسياحة.
مرفأ البترون
منذ أن فتح التاريخ عيناه على البترون كان المرفأ، وهو اشبه بالخليج الطبيعي. فقد نشطت المراكب الشراعية فيه، محملة بالبضائع ابتداء من العام 1903. وكانت هذه المراكب تنقل الخشب والقمح من حيفا وعكا في فلسطين ومن مصر، والبطيخ والتين والشعير من صور وقبرص وفلسطين. وكان كل مركب يخصص أجود وأكبر بطيخة لمار اسطفان تعلق على السارية وتباع بالمزاد العلني، حيث يصل ثمنها احيانا الى 5 ليرات.
وذكر المؤرخ ديودوروس الصقلي "أن مرفأ البترون كان مركزا مهما لصناعة السفن من خشب الارز، الذي كان يقتطع من الغابات القريبة. وفي منتصف القرن التاسع عشر حققت البترون ازدهارا عبر مرفئها، وكان الناس يسافرون منه الى بعض المرافئ الاوروبية، وكانت الحركة التجارية ناشطة، اضافة الى صناعة الملح وصيد الاسماك واصطياد الاسفنج...
ومن المحطات الأثرية التي تلفتكَ في البترون السور الكنعاني الذي يلف المدينة. وهو سور بحري كبير طبيعي تكون من الكثبان الرملية المتحجرة على الشاطئ. وقام الكنعانيون في القرن الأول قبل الميلاد بتدعيمه وتقويته عن طريق استعمال الصخور، حتى أصبح بالشكل الذي هو عليه اليوم. ويمتد هذا السور البحري على طول 225 متراً، وهو بسماكة مترٍ إلى مترٍ ونصف تقريباً، ورغم أن أقساماً منه تهدمت فإن معظمه ما زال صامداً. ويحلو لزوار البترون ممارسة رياضة المشي بموازاته، كونه يطل على البحر حيث الهواء العليل. وإلى جانب هذا السور أماكن دينية عديدة أشهرها «سيدة البحار» المشرفة على السور، وهي من أقدم الكنائس الموجودة في منطقة البترون ككل.
البترون عاصمة الشراع في لبنان
في كانون الثاني 2024، اعلنت اللجنة الدولية لألعاب البحر المتوسطية واللجنة الأولمبية اللبنانية عن مشروع "البترون عاصمة الشراع في لبنان"، الذي كان أطلقه الاتحاد اللبناني لليخوت بطلب من النادي اللبناني لليخوت، وقد اعترفت به اللجنة الأولمبية اللبنانية منذ اطلاقه في العام 2022، وأكدت اللجنة الدولية لألعاب البحر المتوسطية تبنّيها التسميّة، التي أطلقت على ساحل منطقة البترون وهو "البترون عاصمة الشراع في لبنان".
ويضع هذا المشروع منطقة البترون على الخارطة الدولية، ويعزز الحركة البحرية الرياضية والثقافية والسياحية في المنطقة المؤهلّة لاحتضان هذه النشاطات.
وفي حديثٍ لـ "الديار"، أكد رئيس الاتحاد اللبناني لليخوت الكومودور ربيع سالم أن اختيار مدينة البترون كعاصمة للشراع في لبنان، أتى جرّاء "استحقاقٍ انتخابي"، مشيداً بدور الاتحاد اللبناني لليخوت الكبير في انفتاح لبنان على القارة الأوروبية، وعمله على ترسيخ مكانته كبلد متوسطي سياحي بامتياز من خلال اليخوت الشراعية وغيرها.
أضاف سالم، العضو في نادي اليخوت في موناكو منذ 2012، التي تعتبر عاصمة اليخوت في العالم، أنه بقدرة "النادي المونيغاسكي"، وهو على استعداد لخلق تعاون بينه وبين نظيره اللبناني، وإقامة علاقة توأمة بينهما، مشيراً إلى أن نادي كان لليخوت قد سبق ووقع مع نظيره اللبناني اتفاق التوأمة، مؤكداً أن هذه الخطوة الرفيعة المستوى "ستدفع بالمنتسبين لنادي اليخوت بزيارة لبنان وحتى الاستثمار فيه، ما سيؤثر على الدورة الاقتصادية في البلاد بفضل سمعتهم وشهرتهم".
وعن النشاطات المرتقبة، أوضح سالم، وهو عضو بالهيئة العامة للاتحاد الدولي لليخوت، أن البترون ستستضيف للمرة الأولى أكثر 4 سباقات ضمن بطولة لبنان للشراع، مشيراً الى أن برنامج الاتحاد لهذا الموسم "سيضم أكثر من 6 أو 7 فئات لبطولة الشراع بينها فئة اليخوت والألواح والقوارب"، أملاً بمشاركة بين 100 و150 متسابق في جميع الفئات.
موانئ البترون
وأعلن سالم أن نادي اليخوت في لبنان يحاول تجهيز 3 من موانئ المنطقة حالياً، بحاويات عائمة لاستقطاب البلاستيك والنفايات التي عادةً ما تجرفها التيارات المائية باتجاه الموانئ وتتكتل في زواياها، مشيراً إلى أنه يمكن استخراج أكثر 30 كلغ من البلاستيك، في أي ميناء في لبنان. وأضاف أنهم يشجعون هذه الرياضة، أي رياضة الشراع، إذ انها "رياضة بيئية" بحيث لا تسبب أي تلوث.
وتابع أن العمل جارٍ على بناء 6 مراكب شراعية لصيد السمك مطابقة بجميع مواصفاتها، وسيستحدث الاتحاد اللبناني لليخوت فئة جديدة لسباقات الشراع وهي "الفئة التقليدية" المماثلة لنظيرتها الإماراتية، والمعترف بها في الاتحاد الدولي لليخوت.
المدن التاريخية "رئة" السياحة في لبنان
وفي ختام حديثه، رفع ربيع سالم الصرخة للحفاظ على البترون، التي كانت تعتبر منطقة نائية في فترة الحرب، وشاطئها الذي يعتبر رصيداً سياحياً بامتياز للمدينة، إذ يمكن مقارنته بشواطئ كرواتيا. فعلى غرار شواطئ كرواتيا البكر، حافظت شواطئ البترون على سحرها البكر وتركت دون تغيير، لذلك تعتبر البترون اليوم صلة وصل سياحية متوسطية، ولست متفاجئاً على الإطلاق من اعتبارها الوجهة السياحية الأولى في لبنان.
وحث سالم على الحفاظ على المدينة و"عدم السِكر" في مكانة المدينة السياحية و"الانجراف في انشاء المشاريع العشوائية التي تتعدى على الأملاك البحرية"، مشيراً إلى أن هذه التعديات تنعكس سلباً على محبي المدينة وعلى المستثمرين المستقبليين الراغبين في السكن في هذه المنطقة.
وأكمل سالم مناشدته بالحفاظ على مدينة البترون وجميع مدن لبنان التاريخية الكنعانية كجبيل وغيرها، إذ أن أوكسيجين لبنان وقوته مستمدة من "عذرية هذه المدن".
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
18:25
نتنياهو: هناك تقدّم فيما يتعلق بمفاوضات الرهائن
-
18:25
نتنياهو: لن نسمح بتهديد حدودنا مجددا
-
18:24
نتنياهو يرفض كشف تفاصيل صفقة التبادل أمام الكنيست
-
17:59
مساعد الرئيس الروسي: الرئيس بوتين سيلتقي ببشار الأسد ولكن لم يتم تحديد الموعد بعد
-
17:52
مصدر في الكرملين: روسيا تلقت مقترحات لاستضافة محادثات بين بوتين وترامب من دول مختلفة
-
17:51
الكرملين: موسكو تجري اتصالات مع السلطات السورية الجديدة على المستويين الدبلوماسي والعسكري