اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


كعادته، لم يَمر خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بسلاسة على مسامع الصهاينة من مسؤولين وجيش وإعلام ورأي عام، وإنما هزّ تهديده كيانهم ورأوا من خلاله هذه المرة دباباتهم وهي تحترق في الجنوب إذا فكّروا بالحرب المفتوحة على لبنان، فتوالت ردود الأفعال التي زادت فيما بينهم الإنقسام وتراشق الإتهامات والشكوك، وصولاً الى فقدان الثقة.

بعد خطاب السيد نصرالله الذي قال فيه للصهاينة بشكل واضح: "إذا جاءت دباباتكم الى جنوب لبنان لن تعانوا من نقص فيها، لأنه لن تبقى لكم دبابات"، بدأ توجيه اللوم للرقابة العسكرية داخل الكيان ومعه سؤال طُرِح عليها: كيف تسمح بكشف هكذا معطيات تتعلق بوضع الدبابات؟ خاصة وأن حزب الله استغلّها لصالحه وحوّلها أمينه العام الى تهديد لهم، مما يؤثر على المستوى الميداني وتحديداً على الجبهة الشمالية، باعتبار أن الإحتلال لا يُمكن أن يُهدِّد بشن حرب موسَّعة والجيش غير جاهز لهكذا نوع من العمليات، كما يفعل وزير الحرب يوآف غالانت دائماً، لذا فإن كشف هذه المعلومات هو رسالة للطرف الآخر أن "إسرائيل" غير مستعدة للحرب، وهذه القضية لها مفعول على المستوى الميداني والإجرائي والإستراتيجي...

يَعمل الإحتلال عبر الرقابة العسكرية على عدم تسريب جزء كبير من المعلومات، ويَحرص على عدم إعطاء المقاومة صورة متكاملة عن الداخل، وتحديداً الوضع الميداني وجهوزية القوات وانتشارها، لكن المقاومة تجاوزت هذه المرحلة ، وهذا ما أثبتته بهُدهُد واحد وإثنان بعد ما عرضته من معطيات، مما يؤكد قدرتها على جمع المعلومات. كما أن إختراق الهواتف وشبكات الإتصال ليست بالمسألة الجديدة، ففي عام ٢٠٠٦ وحتى قبله أظهر حزب الله قدرته على الدخول للهواتف والتقاط الرسائل والإتصالات، لذا أصبح هناك قناعة "إسرائيلية" أن لدى المقاومة قدرة عالية على جمع المعلومات، حتى بوسائل غير علنية تتعلّق بقضايا التنصت وإختراق الشبكات...

هناك ضغط يُعاني منه العدو من كل الإتجاهات، وهناك تسريبات حول نقص في الجنود والآليات والعتاد والدبابات، وهناك اتجاه مُعارِض لنتنياهو لأن الشكوك تتزايد حوله أن لديه أغراض خاصة، تتعلق ببرنامج اليمين المتطرف وحساباته الشخصية، تجعله يُريد إستكمال الحرب أو توسعتها. وبالمقابل نتنياهو يُشكك أيضاً بنوايا وزير الحرب ويتهم مَن يُريد الإتفاق ووقف الحرب، بأنه يتخلى عن "الإسرائيليين" ويمنع الكيان مِن ما يُسميه النصر المُطلق وهدفه إسقاط الحكومة.

في الكيان لقد بات هناك مَن يُشكِّك بالمعطيات التي تَصدر عن الجيش أيضاً، الذي بات ميّالاً الى اتفاق حول غزة، لأن هذه الحرب ليست من مصلحة "إسرائيل"، هذا ما يقوله الجيش لـ بنيامين نتنياهو ويُعبّر عن ذلك قادته في لقاءاتهم معه، وحتى رئيس "الموساد" تحدّث بشكل واضح عن أن الأسرى ليس لديهم وقت وإطالته أكثر ليس من مصلحتهم، وكذلك غالانت الذي قال إن أمامنا أسبوعين، وإلا قد لا نستعيد الأسرى بشكل مطلق، بهذا الواقع تُريد "إسرائيل" توسعة الحرب في جنوب لبنان؟؟!!...

واقع يعلمه "الإسرائيلي" جيداً، وأكثر ما يَستفز الرأي العام داخل الكيان أن مَن يتحكّم بوتيرة القتال في الشمال هي المقاومة وليس "إسرائيل"، لذا لم يعد يُوجد مَن يُصدِّق كل التهديدات التي يُطلقها المسؤولون الصهاينة أن الجيش "الإسرائيلي" سيُكمِل الحرب في الجنوب، فإذا أوقفت المقاومة عملياتها بعد وقف إطلاق النار في غزة، فالعدو سيلتزم بذلك لأن ليس لديه خيارات، والى حين اتخاذ قرار بشأن غزة ستبقى الجبهة الشمالية مشتعلة، وهذا ما يُشكِّل ورقة ضغط على الحكومة مما يضطرها للتنازل، خاصة وأن مسؤوليها رغم تهديداتهم يقولون إنهم غير مستعدين لمواجهة واسعة في الشمال.

الأكثر قراءة

دمشق بين الجيش التركي والجيش "الإسرائيلي"