اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


لم تَعُد سيادة "إسرائيل" على المِحَك فقط، وإنما تداعت كل الثقة بالكيان وقدرته على الحماية، رغم الإمكانات العسكرية والتدميرية الهائلة، بعد أن أصبح محور المقاومة على اختلاف جبهاته يَضرب بالداخل "الإسرائيلي"، كما كانت "إسرائيل " تضرب في كل الساحات العربية الأخرى، وهذا أبرز ما حققته جبهات الإسناد التي أرست معادلات جديدة، أقل ما يُمكن القول عنها إنها فرملت الكثير من الخطط الأميركية والغربية و"الإسرائيلية" وعرب التطبيع، وأعادت رسم المشهد من جديد...

لا يختلف أحد على أن "إسرائيل" لديها قدرة تدميرية كبيرة، لكن بالمقابل محور المقاومة لديه نَفَس طويل وعمق استراتيجي، ونجح بعدم توسعة الصراع خارج حدود "إسرائيل" ، أي نقل المعركة الى مكان آخر. صحيح تعددت الجبهات، لكن بقيت مركزية المعركة في فلسطين المحتلة عند "الإسرائيلي"، خاصة بعد أن كان الكيان يخوض الصراع بعواصم أخرى، اليوم بات هناك نوع من التقابل، مما يطرح سؤالاً: الى أي مدى يستطيع "الإسرائيلي" أن يتحمّل هذا النوع من الصراع؟ خاصة وأن طبيعة مجتمعه والبنية الثقافية والفكرية، لا تُخوِّله أن يخوض صراعات يكون مجتمعه منكشفاً فيها كما المجتمعات الأخرى. من هنا يُمكن القول إن رسالة اليمن تأتي في سياق أن الكيان والمجتمع "الإسرائيلي"، و "تل أبيب" بالأخص، باتت مكشوفة مثل أي عاصمة في المنطقة.

جبهة اليمن التي تحوّلت من جبهة إسناد الى جبهة إحتكاك مباشر، بعد أن كان الأميركي يتولى بالنيابة الدفاع عن "إسرائيل" التي عادت وتولّت المهمة، لتَغرَق أكثر وتجد نفسها مُحاصَرة بين عدة جبهات، لم تستطع بعد ١٠ أشهر حسم واحدة منها فقط، بل تزيد عقدة حساباتها خاصة في جنوب لبنان، الذي يرفع كل يوم تكلفة الحرب معه، ومما يزيد الأمور تعقيداً عليها وأكثرها احتدام المواجهة المباشرة مع اليمن، خاصة وأنها تأتي بعد التدخل الأميركي وليس قبله، فما عجزت عنه واشنطن.. هل تستطيع "تل أبيب" فعله؟

صحيح أن "إسرائيل" أقدر على القتل والتدمير، خاصة عندما يأتي كتعويض عن الإخفاقات والفشل، لكن المقاومة أقدر على قتل المشروع السياسي الصهيوني. فالمعادلة مع "الإسرائيلي" ليست معادلة تدمير بتدمير .. وإنما تدمير أبنية وقتل ومجازر، يُقابله قتل لمشروعه السياسي الذي يؤدي الى تدميره وانهياره. فالتدمير بالتدمير ليست القاعدة التي يرتكز عليها مشروع المقاومة، الذي يُريد قتل المشروع الصهيوني وقتل الأمل عند المجتمع الصهيوني بالإستمرار وقتل الفكرة السياسية.. وهي تُحقِّق ذلك.

إذاً، من الواضح أن المشروع المقاوِم يعمل على المدى الطويل، فهو يمتلك الكثير من عناصر القوة، باعتباره إبن هذه الأرض ولديه بنية ثقافية قوية، ويستطيع أن يخوض المعركة على مسار طويل، ويتعامل معها لسنوات ويُصعّد بمستوى تدريجي كما يفعل حالياً. لكن يبقى السؤال هل الكيان ممكن أن يتحمل هذا المسار بكل عناصره على المدى البعيد؟!  

الأكثر قراءة

الضفة الغربيّة... إن انفجرت