اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

ان الحضارات تحمل في طياتها أسباب موتها وفنائها

ارنولد توينبي

1 – قيام الحضارة:

ان نشأة الحضارة او سقوطها من الموضوعات التي أخذت جدلا واسعا بين الفلاسفة والمفكرين والباحثين وطرح العديد منهم العديد من النظريات حول قيام او هبوط الحضارات.

نذكر على سبيا المثال:

ابن خلدون ، ارنولد توينبي، غوستاف لوبون، ويل ديورانت، اوسفالد شبنجلر وغيرهم. بعد اكتشاف الكتابة بدأت الحضارات بالصعود لان قبل ذلك كانت تسمى ثقافات، لكن  كان يلزمها توافر عناصر معنوية وعناصر مادية.

من العناصر المعنوية:

العناصر الدينية، التاريخية، القانونية، المدنية، الأدبية، الفكرية والفنون.

ومن العناصر المادية: العناصر الجغرافية، السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، الطاقة المادية والعلمية.

والجدير ذكره ان تلك العناصر المجتمعة لها رابط واحد في غاية الأهمية الا وهو عنصر الاخلاق وهذا هو هدف منشورنا.

2 – سقوط الحضارة:

لان عنصر الاخلاق يعتبر من العناصر المهمة كونه يوازن ما بين العناصر المادية والعناصر المعنوية فان أي اختلال لعنصر الاخلاق يؤدي  الى الضعف وبالتالي الى الاضطرابات الداخلية او الغزو الخارجي، مما يؤدي حتما الى سقوط الحضارة، وان أردنا ان نضرب مثالا حيا، حيث كان سقوط الحضارة العثمانية هو سقوطها بالفساد الأخلاقي ثم عدم توازن عناصرها المادية والمعنوية مما أدى الى سقوطها.

3 – الحدث أولمبياد باريس 2024

افتتح أولمبياد باريس للألعاب الصيفية نهار الجمعة الموافق في 29 آب 2024 بعرض غير مسبوق على نهر السين، وشارك فيه نحو 6800 رياضي من 205 دول امام معالم حضارية في العاصمة الفرنسية، كما شهد الحفل مجموعة من الفقرات التي اثارت صدمة في العالم اجمع، حيث تم تجسيد لوحة العشاء السري الأخير للفنان الإيطالي ليوناردو دافنشي ) 1452 - 5191 ( من قبل مجموعة من المثليين جنسيا او ما يعرف  بمجتمع الميم)  إضافة الى ظهور منسقة الأغاني بربرا يوتشي التي تمثل ايقونة (مجتمع الميم) والمغني المشهور قيليبي كاثرين الذي اطل عاريا.ً

لوحة العشاء السري الأخير استغرق رسمها ثلاث سنوات  (1495 - 1498)  ويبلغ طولها نحو 4.6 متر وعرضها نحو 8.8 متر وهي تعد من اهم اعمال دافنشي وقد جسد فيها السيد المسيح وهو يتوسط عدد من تلاميذه، وكانت تلك اللوحة محط اهتمام تاريخي وديني

4 – التوقيت المثالي:

منذ العام 2000 تقريبا ونحن نشهد صعوداً لافتا لهؤلاء داخل وخارج أوروبا طبعا،ً ويبدو ان لديهم التأثير القوي في كثير من صنّاع القرار على جميع حكومات الاتحاد الأوروبي ويظهر ذلك عبر سن القوانين والتشريعات لدمجهم بالمجتمع والاعتراف بهم دون تمييز، كذلك الامر رأينا تأثيرهم في السنوات القليلة الماضية في المدارس الابتدائية حول موضوع المثليين والهوية الجنسية، وحتى الكثير من المؤسسات عند تقديم طلبات التوظيف، وربما كانت فرنسا الأكثر وضوحا بالأمس في استخدام مسألة المثلية الجنسية بل والإساءة عمداً الى مضمون لوحة دافنشي، اذ ان للأمر حتما ابعاده السياسية والايدولوجية.

ويتبين أيضا ان من يقف وراء هؤلاء عادة ما يعرف بالحكومات الخفية التي تدير جميع الأمور لرفع راية المثليين عاليا كلما دعت الحاجة الى ذلك لدفع الحكومات الحقيقية المستهدفة الى تغير سياساتها وهذا الامر متعلق حتما بصدام الحضارات او بالصراع والاصطفاف الدوليين وتحت هذا المبدأ يكون الهدف تحطيم كل اليات الأمان المجتمعي، وتكسير كل خطوط الدفاع الأخلاقية والاجتماعية ثم تدمير مؤسسة العائلة والعادات والتقاليد والأعراف الاجتماعية.

وما شهدناه من اعمال فوضى واضطرابات وتكسير وحتى الانتخابات الأخيرة في فرنسا قبل انعقاد الأولمبياد يدل على قوة الحكومات الخفية ، فكانت الرسالة والتوقيت المثالي لإظهار قوتهم من خلال أولمبياد باريس 2024.

5 – النتيجة :

بناء على كل ما تقدم نرى بوضوح تام كيف ان الحضارة الأوروبية تخسر العنصر الأهم من عناصر قيام الحضارات الا وهو الاخلاق هي حتما ذاهبة نحو الاضمحلال والسقوط والانهيار الأخلاقي، بالرغم من التفوق العلمي والتكنولوجي احيانا،ً وهنا يكون المؤرخ الألماني اوسفالد شبنغلر ( 1880 - 1936) قد صدق عندما ذكر ذلك بكتابه المشهور انحدار الحضارة الغربية.

ليبقى السؤال الأهم للمستقبل كيف سيكون شكل الألعاب الأولمبية او بطولة كأس العالم لكرة القدم، وما هي الزحطاط الاخلاقية الكبرى التي تنتظر الحضارة الغربية وبالتالي العالم؟

نجا حماده 

الأكثر قراءة

حزب الله يُحبط مُخطط تصفيته وعودة ملحميّة للأهالي القرار 1701 بين النسختين: فروقات لغوية ستون يوماً مفصلية: انتخاب رئيس ووقف النار في غزة على طاولة التحديات