اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

صالة الإيفوار – مسرح كركلا – ممتلئة عن آخرها في مشهد يذكرنا بالأيام العادية التي تشهد أعمالاً ضخمة على منابرنا المسرحية، لمتابعة العمل الذي قدّم عام 2002 بين هياكل بعلبك لفرقة كركلا إخراج إيفان كركلا، نص وملابس الأستاذ عبد الحليم كركلا، كوريغراف أليسار كركلا، بينما يحضر فنان رابع من العائلة هو المخضرم عمر كركلا في استعراض خاطف لمهاراته يقابله الجمهور بتصفيق حار.

لا شك أن هذا العمل من بين أعمال الفرقة كلها يعتبر الأكثر تميزاً ولمعاناً وتنويعاً خدمته كثيراً الموسيقى الخالدة لـ كورساكوف – شهرزاد – ورافيل – بوليرو – لنشهد تصويراً راقصاً رسمته الفنانة أليسار بدقة وعمق وتجل ليثمر لوحات مذهلة في دلالاتتها مع تشكيلة ألوان ما أروعها وأحلى إنسجامها لوناً مع آخر، وحركة مع أخرى، حيث بدت الرقصات التعبيرية وكأنها ولدت في وقت واحد مع عظمة الموسيقى المصاحبة والتي نرى فيها إختياراً عبقرياً للمخرج إيفان.

نعم المشاهد غير المصحوبة بأي حوارأو تعليق أو أي كلام كانت واضحة المعالم والمقاصد، من خلال التركيبة المشهدية الموحية بقوة بكل المنوي قوله، وهي وسيلة واضحة موصلة لكل الرسائل خصوصاً تلك المتعلقة بما تحتويه روايات: ألف ليلة ولية، التي هي موضوع المسرحية، حيث إستغل الأستاذ المؤسس عبد الحليم في نصها كل التنويع والسحر والإحتلاف، وتولى إيفان عبر لوحات أليسار من ترجمة المضمون تشكيلات مشهدة متميزة جداً بدت مطولة أحياناً لزوم ما تقتضيه موسيقى رافيل الرائعة حتى النشوة الكاملة.

وعندما تم طي صفحة الماضي ومفارقات ألف ليلة وليلة، ودخلت المسرحية في المناخ الشرقي زين الكبيران جوزيف عازار، وهدى حداد بصوتيهما الأجواء خصوصاً وأن كليهما لم يفقدا الطاقة المميزة لحنجرتيهما، وإذا بالغناء اللبناني الفولكلري ممزوجاً مع أجواء الدبكة وصلابة الشباب وجمال الصبايا، يعطي صوراً ساحرة تنبعث من كل زاوية على المسرح، لنشعر بأن السحر الخالد للموروث الكلاسيكي مع كورساكوف ورافيل، لم يلغ أبداً أو يحجب أصالة الموروث الشرقي المحلي بألوانه اللصيقة بالقلب.

ألف ليلة وليلة، كانت إسماً على مسمى، بسحرها وتلاوين حكاياتها وألوانها ولوحاتها الراقصة الأقرب إلى لقطات الخيال الذي لا يرى المشاهد إلا مثالية، ومن دون خدوش أو حاجة لأي إضافات.

أمتعنا العمل بالصوت والصورة، كما بالضوء والمؤثرات الخاصة الأخرى لنعود أخيراً من الرحلة ونحن نشعر أننا كنا فعلاً على بساط الريح نحلق عالياً وعلى منخفضات عديدة لكن أبداً لم نحب أن نستيقظ حتى لا يصدمنا الواقع من حولنا.

الأكثر قراءة

إنهم يقتلون أميركا...