اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

سامر الحلبي


اشتق مصطلح الفروسية من الكلمة اللاتينية "equus" ومعناها الفروسية، وارتبطت الفروسية عند العرب بالقوة والشجاعة، وهذا ما يفسر اسمها الذي اشتق من هذه الأفراس الصامدة، سواء كانت ذكورا أو إناثا، وتلقى هذه الرياضة اهتماما خاصا في غالبية البلدان العربية لوجود خيول عربية أصيلة ذات قيمة مادية عالية، وفي لبنان هناك العديد من الفرسان والفارسات على مدى السنوات الماضية تألقوا في مرامح هذه الرياضة.

وفي هذا السياق كان للديار لقاء مع بطلة لبنانية شابة لديها طموح بالذهاب بعيدا في هذه الرياضة وهي الفارسة مايا شمس الدين.

تقول شمس الدين في البداية "أنا فارسة لبنانية، من بلدة مجدل سلم الجنوبية، ابلغ من العمر 18 عاما، ولدت وعشت في مدينة بيروت ودرست فيها وتحديدا في مدرسة امجاد حيث حصلت هذه السنة على شهادة البكالوريا اللبنانية واتحضر للدخول الى الجامعة الاميركية لاكمال دراستي الجامعية، لدي هوايات مختلفة في حياتي غير ركوب الخيل مثل العزف على البيانو فأنا طالبة في الكونسرفاتوار الوطني اضافة الى شغفي بالقراءة وتحديدا الروايات والكتابة والرسم.. بدأت رياضة الفروسية منذ الطفولة، واكتشفت ان عشقي للخيل لا حدود له، انضممت إلى عدة نواد في بداية ممارستي لهذه الرياضة الى ان استقريت في نادي المشرف كلوب حيث حيث خضعت للتدريبات هناك على يد المدرب الوطني محمد الدنا، الذي وجد فيي خامة جيدة، ومنذ ان التحقت بنادي المشرف بدأت أكثف تدريباتي تمهيدا للمشاركة في البطولات المحلية".

تتابع "اخر البطولات التي فزت بها كانت بطولة الفصح المجيد للعام 2024 على مرمح نادي الضبية للفروسية، حيث حصلت على المركز الأول من بين 50 فارسا مشاركا، اما اول البطولات التي فزت فيها فكانت اثناء مشاركتي للمرة الأولى في بطولة المنصورية عام 2017 عن فئة الناشئين وكان عمري يومها احد عشر عاما وهي كانت المشاركة الأولى لي في بطولات يومها شاركت مرتين وفي ارتفاعين مختلفين وحصلت يومها على المركز الأول في المنافسة الأولى وعلى الميدالية البرونزية في المنافسة الثانية. ومنذ تلك اللحظة انطلقت في حصد الميداليات. كما فزت بالمركز الأول في البطولة التي أقيمت على مرمح نادي الغزال في طرابلس لعام لعام 2019، كما حصلت على العديد من الميداليات الفضية والبرونزية في بطولات أقيمت في نادي المشرف والضبية والمنصورية وفقرا وطرابلس. مع الإشارة الى انه منذ سنوات لم تتم إقامة بطولات رسمية في لبنان وبالتالي الأندية مع الاتحاد اللبناني للفروسية تقوم بإجراء بطولات محلية للابقاء على مستوى اللعبة ومستوى المنافسة بين الفرسان والاندية. اما خارجيا للأسف رغم انه طلب منا المشاركة في العديد من البطولات في عدد من الدول العربية الا ان عدم وجود ميزانية من قبل الوزارة لتغطية تكلفة المشاركة للفرسان فيها وصعوبة الأندية والفرسان ايضا في تغطية هذه التكاليف حال للأسف دون مشاركتي ومشاركة معظم الفرسان من زملائي فيها، ما يجري هو مشاركات فردية لفرسان يعيشون في دول أوروبية او عربية، ولكن باسم اندية غير لبنانية ".

الدعم غائب

تعتبر شمس الدين ان رياضة الفروسية من الرياضات المكلفة، لذلك قد لا تجد معظم من يحب هذه الرياضة يستطيع ممارستها، وللأسف في ظل غياب أي اهتمام من قبل الدولة، فإن تطور هذه الرياضة في لبنان يعتمد على المبادرات الفردية، فلا يوجد دعم رسمي لهذه الرياضة من قبل الدولة للأسباب التي نعرفها جميعا ان على مستوى تردي الوضع السياسي او الاقتصادي، وبالتالي حتى وزارة الشباب والرياضة غائبة عن الاهتمام بهذه الرياضة، للأسباب عينها فنحن نعلم ان ميزانية هذه الوزارة هي من اقل الميزانيات في الحكومة اللبنانية على عكس الدول الأخرى لاسيما الأوروبية والخليجية، وبالتالي ما نسعى اليه اليوم في لبنان هو زيادة الاستثمار الخاص في البنية التحتية لهذه الرياضة، والبحث عن دعم الشركات الخاصة للفرسان كي يستطيعوا تحمل تكاليف التدريبات والمشاركة في البطولات، وتحسين برامج التدريب، وخلق بيئة تنافسية أكثر قوة. فأي مشاركة في اي بطولة محلية تكلفتها لا تقل عن 150 دولار للفارس، حيث ان نقل الفرس يحتاج الى عربة خاصة ناهيك عن الحاجة لسايس يلاافقه ويهتم به.

تواصل حديثها للديار "هناك العديد من الابطال في رياضة الفروسية في لبنان كجو عبود وطوني عساف من نادي "ضبيه كاونتري كلوب" وزميلي كريم يموت وحلمي نجم الدين وجاد الدنا من نادي المشرف، مع الاشارة الى ان جاد انتقل الى الخارج وبدا يبرز اسمه بقوة في الولايات المتحدة الاميركية مع فوزه بالعديد من البطولات الاساسية هناك ويحظى بالالقاب لكن للاسف بمجهود فردي. كما هناك زملاء لي في النادي ينتظرهم مستقبل جيد في هذه الرياضة كعادل اسكندر وعلي رمضان وغيرهم، أيضا هناك ميغيل كتوعة من "سبرينغ هيلز" وساندرا بوشعيا من نادي "بيغاسوس" إضافة الى اسماء عديدة أخرى، وطالما نتحدث عن هؤلاء الابطال، كم احزنني وانا اتابع الاولمبياد في فرنسا ان لا يكون في منافسات الفروسية فريقا يمثل لبنان".

تعتبر مايا ان التوفيق بين الدراسة والتمرين ليس بالأمر السهل، لكنه ممكن بالتنظيم الجيد وإدارة الوقت. فهي تخصص وقتًا محددًا لكل نشاط وتحرص على الحفاظ على توازن بين التزاماتها الأكاديمية وتدريباتها الرياضية وتتدرب في الأسبوع 3 مرات واحيانا 4 مرات.

وعن حادثة عالقة في بالها تقول "أذكر أنني كنت أصغر مشاركة في مسابقة ركوب الخيل من الفئة E كانت تجربة مكثفة، وكنت أؤدي بشكل جيد للغاية، وكانت جميع القفزات مثالية وكان وقتي الأفضل بين المتسابقين في اللحظة التي اقتربت فيها من الحاجز الأخير اتجه الفرس نحو طرف الحاجز وقفزت لكنني اصطدمت بطرف الحاجز مما أدى الى سقوطي عن الفرس وخسارتي للبطولة، لم ادري ما الذي حصل وقتها ولماذا اتجهت الى طرف الحاجز مع انه كان الحاجز الاسهل، كانت الكثير من الأفكار تتلاطم في راسي. كثيرًا ما أفكر في تلك اللحظة وأتساءل عما كان يمكن أن يحدث لو لم أسقط. هل سأكون أصغر فائز هناك؟ إنه سؤال لا يزال عالقًا في ذهني، ولكنه أيضًا بمثابة حافز لمواصلة دفع نفسي للتحسن".

أهمية اختيار الحصان

تتابع "أما حكمتي في الحياة هي انها اي الحياة تجارب يستفيد منها العاقل. وبالتالي علينا التعرف من التجارب التي نمر بها لنحسن من ادائنا في كل مجالات الحياة، ومن لا يقع لا يتعلم الوقوف والثبات والمثابرة، ولو لم أختر ركوب الخيل، فلربما كنت سأركز أكثر على عزف البيانو، لأنه مثل ركوب الخيل، فهو يعلم المهام المتعددة ويساعد على التركيز".

وعن اختيار الحصان المناسب ترى أنه مهم جداً في رياضة الفروسية، فلكل حصان مميزاته الفردية مثل السرعة، القوة، والطاعة. لكن الأهم هي العلاقة الخاصة التي تنشأ بين الحصان والفارس، والاختيار الصحيح للحصان يؤثر بشكل كبير على أداء الفارس في البطولات، حيث يمكن للحصان المناسب تعزيز إمكانيات الفارس وتحقيق نتائج أفضل. وطبعا هناك الكثير من الأنواع منها خيول وورم بلود (Warmblood) وخيول ثوروبريد والخيول الايرلندية وهولشتاينرز (Holsteiners) وأيضا الخيول العربية مميزة لكنها تستخدم اكثر لسباقات السرعة."

تختم "كلمة فارسة تعني لي الشجاعة، التحمل، الصبر والعزيمة. الفروسية ليست مجرد رياضة بل هي نمط حياة يعزز القيم النبيلة مثل الاحترام المتبادل بين الإنسان والحيوان، ادعو جميع الاهل الى تعريف أولادهم على عالم الخيول وعلى رياضة الفروسية، هذه الرياضة النبيلة، كما اشجع الجميع على متابعة شغفهم أياً كان، لأن الشغف هو الذي يدفعنا لتحقيق أهدافنا. كما أتمنى ان تتحسن الأوضاع فير بلدي لبنان وان تعود الدولة الى رعاية الرياضة وتحديدا الفروسية، لأننا نمتلك من القدرات ما يجعلنا نصل إلى مستويات أعلى ونحجز لنا مكانا في هذه الرياضة العالمية".

الأكثر قراءة

من الكهوف الى الملاهي الليلية