اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب



يظن نقّار الخشب انه قادر على قتل شجرة الأرز حين يتوفق بنقر قشرة جذع شجرة الأرز، ويعتقد انه سيفوز بمونة ما تبّقى له من العمر، فيجهد ويزيد من نشاطه ليكسب كمية كبيرة تؤمن له ولأترابه من نوعه غريزة البقاء.

يظن بعوض المستنقعات انه سيكون ملك المياه العذبة حين يصل الى ضفاف بحيرة الماء الصافي، فينشد نشيد الأبعاض ويدعو الى الشروع باحتفال كسر إرادة مياه ينابيع الجلاميد.

تعجز الكلمات عن وصف ما تفعله بعوضة العدو في بحيرة مياهنا العذبة، وما يفعله عصفور النقّار قي غصن شجرة الزيتون الزاهية في لبنان وفلسطين، لم نعد بحاحة للقول أن لهذا العدو جسد انسان لكنه يملك عقل حيوان شره لا يسد جوعه عشرات الألاف من بني البشر.

هذا العدو لا يرتوي من سواقي الدماء الطاهرة، لأنه يريد ان يغتسل ببحر دمنا وعلى أرضنا.

يُجاهر بتصميمه على حرب الإبادة، على تحويل البلاد الى كتلة من رماد، هو يعتقد انه لو بقي طفل حي، فهذا الطفل سيكون غدا بزرة تلد الخير الذي سيُنهي شروره.

نحن لا نخوض حربا مع عدو ميدانها الجبهة والمراكز العسكرية، نحن نخوض حربا مع عدو يستهدف منازلنا، أهلنا، أطفالنا، شبابنا صبَيَانا، يقتل جميع أفراد العائلة، يقتل المارة على الطريق، انه وحش كاسر هاج عندما انجرح.

نحن لم نكن يوما من هذا العالم ولن نكون يوما منه.

هذا عالم يزرع الحقد، يطبخ الجريمة، يشبع شهوته بمشاهدة الجثث في الطرقات وفي المنازل لا يحب تعداد الأحياء فقد أدمن منذ زمن على تعداد الأموات، فالأحياء ضد طبيعته أما الأموات فهم طريقه الى الحياة.

كيف تريدوننا ان نواجه عدوا يرتدي قناعا بشريا وفي حقيقته وحشا بريا، كيف تريدوننا أن نقاتل عدوا يعيش على ارتكاب المجزرة والجريمة.

ما فعله العدو البارحة في لبنان يفوق ما كان يفعله في غزة أوان احتدام المعركة بعشر مرات.

في يوم واحد استشهد أكثر من خمسمئة طفل ورجل وامرأة وسقط أكثر من ألف جريح وتهدم مئات المنازل على مرأى ومسمع العالم ولم يتحرك الضمير العالمي، سقط بضع آلاف من الجرحى خلال دقيقة واحدة ولم تسقط دمعة واحدة للمؤسسات الانسانية المحلية والكونية وجمعيات حقوق الانسان.

نموت بالمئات والآلاف والعالم لا يهتم لموتنا ويطالبنا بفك الارتباط بين غزة والمقاومة، يطالبنا ببضعة أسرى ولا يرى غزة وقد أصبحت ركاما ولا يرى عربدة يهودية في لبنان تفوق أي عربدة ارتُكبت في التاريخ.

كيف نستطيع ان نُقنع بعض أبناء أمتنا بأن هذا العدو يريد قتلنا واحتلال أرضنا اذا لم تُقنعهم مجازر غزة والمجازر التي ارتكبت في لبنان خلال الأيام الماضية.

كيف نستطيع ان نقنعهم أن هذا العدو لا يعرف معنى الصداقة فقد غدر بياسر عرفات ويغدر بمحمود عباس وسيغدر بهم حين تقتضي الحاجة. كيف نستطيع إقناعهم بأن نهاية العمالة الموت الأكيد، كيف نقنعهم بأننا نحيا معا ونموت معا. كيف نُقنعهم ان من يقتلنا اليوم سيقتلهم غدا، أن الافتراق في اللحظات المصيرية يعرض وجودنا للخطر بينما حاصل وحدة الموقف النصر الأكيد.

هل يوجد برهان أوضح من برهان الموت، من برهان الدم، من برهان المجزرة، كي نقتنع جميعا أننا أبناء وطن واحد وينتظرنا مصيرا واحدا.

الوقت ليس للنقاش الفكري والسياسي والعقائدي، ليس للخلافات على المسائل المحلية، ليس للتفاهم على الحصص، الوقت لوحدة الموقف، لوحدة الصف في المواجهة، الوقت يتطلب ان نكون جميعا في الاتجاه الواحد كي نضمن المخرج النهائي الجامع.

عندما يكون الحدث يتعلق بالمصير نضع الخلافات خلف الظهر ونذهب معا للمواجهة، والمواجهة تزرع فينا مشاعر وحدة المصير فنقطع مسافة الانقسام ونبدأ مرحلة سلوك مسافة التفاهم.

كي يكون الصبح أجمل يجب ان نعبر الليل واليد باليد والكتف على الكتف.

في 24/9/2024

الأكثر قراءة

خاص "الديار": أول عملية استشهادية في الخيام ومعارك عنيفة مستمرة