اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


الوحدة تعد واحدة من القضايا النفسية والاجتماعية الكبرى التي تؤثر في جودة حياة كبار السن، ولكن ما يزيد من خطورتها هو ارتباطها المتزايد بخطر الإصابة بالخرف. تشير الأبحاث الحديثة إلى أن الشعور بالعزلة الاجتماعية والوحدة المزمنة قد يكون له تأثير مدمر في صحة الدماغ، مما يزيد من احتمالية تطور أمراض التنكس العصبي مثل الخرف ومرض الزهايمر. مع تقدم العمر، يواجه العديد من كبار السن تغييرات كبيرة في حياتهم، مثل التقاعد، فقدان الأصدقاء أو الشريك، والابتعاد عن الحياة الاجتماعية النشطة. هذه العوامل يمكن أن تؤدي إلى شعور عميق بالوحدة، وهو ما قد يتفاقم بسبب تراجع القدرات الحركية أو الصحية التي تمنعهم من المشاركة الفعّالة في الأنشطة الاجتماعية.

تؤثر الوحدة سلبًا في وظائف الدماغ من خلال عدة آليات. أولاً، يؤدي الشعور المستمر بالعزلة إلى زيادة مستويات التوتر المزمن، مما يؤثر في صحة الجهاز العصبي ويؤدي إلى تغييرات في بنية الدماغ ووظائفه. هذه التغيرات العصبية قد تؤدي إلى تراجع القدرة على التفكير والتركيز، كما تزيد من احتمالية فقدان الذاكرة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تساهم الوحدة في انخفاض مستويات النشاط البدني والعقلي، مما يحرم الدماغ من التحفيز الضروري للحفاظ على نشاطه وحيويته مع التقدم في العمر.

تُعَدّ الوحدة عامل خطر مستقلا للإصابة بالخرف، مما يعني أن تأثيرها يمتد إلى ما هو أبعد من العوامل التقليدية المعروفة مثل الوراثة والأمراض المزمنة. في الواقع، أظهرت الدراسات أن الأشخاص الذين يعانون من الوحدة هم أكثر عرضة بنسبة تصل إلى 40% للإصابة بالخرف مقارنة بمن يعيشون حياة اجتماعية نشطة. وفي مواجهة هذا الخطر المتزايد، يصبح من الضروري التركيز على تعزيز الروابط الاجتماعية لكبار السن، وتشجيعهم على المشاركة في الأنشطة الاجتماعية والمجتمعية، وتوفير الدعم النفسي والمعنوي لهم.

بالتالي، ليس من المبالغة القول إن الوحدة تشكل خطرًا حقيقيًا على صحة كبار السن العقلية والجسدية، وأن مكافحة هذا الخطر يجب أن تكون جزءًا أساسيًا من أي استراتيجية تهدف إلى تحسين جودة الحياة والوقاية من الخرف في الشيخوخة.

توصلت دراسة حديثة إلى أن الشعور المستمر بالوحدة يؤثر سلبا في أدمغة كبار السن ويزيد بشكل كبير من احتمالية إصابتهم بالخرف. تتبع فريق البحث التقارير الذاتية المتعلقة بالشعور بالوحدة والصحة العصبية لأكثر من 600 ألف شخص حول العالم.

ووجدت الدراسة أن الشعور بالوحدة مرتبط بزيادة بنسبة 31% في احتمالية إصابة الفرد بأي شكل من أشكال الخرف، كما يزيد من فرص ضعف الإدراك لدى الأشخاص بنسبة 15%.

وقال الدكتور باريك أو سويليبهاين، المعد المشارك في الدراسة في إيرلندا: "هذه نتائج مهمة جدا، وتشير إلى أن الشعور بالوحدة هو عامل خطر بالغ الأهمية في تطور الخرف في المستقبل".

وأوضح أو سويليبهاين، الذي يدير مختبر الشخصية والاختلافات الفردية والصحة السلوكية الحيوية في الجامعة الإيرلندية: "وجد مختبرنا أن الشعور بالوحدة أمر بالغ الأهمية للصحة المستقبلية بطرق عديدة، بما في ذلك طول عمرنا، أي المدة التي نعيشها".

وأضاف: "إن الشعور بالوحدة له أهمية كبيرة للصحة الإدراكية، حيث يؤدي إلى تطور الخرف والخرف الوعائي ومرض ألزهايمر وضعف الإدراك العام في المستقبل".

ووُصفت الدراسة الجديدة بأنها "جزء مهم جدا من البحث الذي سيكون له عواقب بعيدة المدى".

وفي حديثها في بيان صحفي، قالت قائدة الدراسة، الدكتورة مارتينا لوتشيتي، من كلية الطب بجامعة ولاية فلوريدا في تالاهاسي، إن "الوحدة عامل خطر يمكن تغييره. هناك أنواع ومصادر مختلفة للوحدة يمكن أن تؤثر في الأعراض المعرفية عبر سلسلة الخرف. إن معالجة الوحدة من خلال تعزيز الشعور بالارتباط يمكن أن يكون وقائيا للصحة المعرفية في وقت لاحق من الحياة". 

الأكثر قراءة

حزب الله يُحبط مُخطط تصفيته وعودة ملحميّة للأهالي القرار 1701 بين النسختين: فروقات لغوية ستون يوماً مفصلية: انتخاب رئيس ووقف النار في غزة على طاولة التحديات