اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

أما وقد جرى اختزال محور الممانعة بالمقاومة في لبنان، لتقتصر المؤازرة على صرخة من هنا، وعلى صاروخ من هناك. على صفقة من هنا، وعلى تسوية من هناك، يمكننا القول، أياً تكن النتائج وأياً تكن التضحيات، ان معجزة عسكرية تحدث في جنوب لبنان.

اي قوة تستطيع أن تقف في وجه تلك الأرمادا الأميركية، ولا نقول الأرمادا «الاسرائيلية»، بكل أهوالها، لتفاجأ مواقع التواصل في «اسرائيل» بذلك العدد الصادم من القتلى والجرحى، ولتسأل ما اذا «كنا نقاتل الأشباح أم نقاتل كائنات من كوكب آخر»؟

تراهم نسوا أو تناسوا، ماذا يعني تراب جنوب لبنان، بل تراب كل لبنان، ومن هم أهل جنوب لبنان، بل ومن هم أهل كل لبنان، لتصدّ الوقائع على الأرض التهم المبرمجة سياسياً أو طائفياً، والموجهة للمقاومة على غرار «ايرانية الهوية» (والهوى)، أو «ايرانية الايديولوجيا»، أو حتى «ايرانية الولاء».

لا ننفي وجود خلاف، وقد يكون منطقياً، حول «حرب الاسناد». لكن ما يظهر على الأرض لا يترك مجالاً للشك في أن بنيامين نتنياهو الذي قال بـ "تغيير الشرق الأوسط»، لم يكن يقصد تنفيذ ذلك من بوابة غزة، وهي المحاصرة بالأسلاك الشائكة من كل حدب وصوب، حتى ان دوي القاذفات حال دون الآذان والوصول الى آذان الملائكة. كان يقصد لبنان لتداخل البوابة اللبنانية مع البوابة السورية، ومنها الى الداخل العربي. أيضاً الى ايران  والى تركيا اذا كنتم تتابعون التصريحات الأخيرة لرجب طيب اردوغان.

لنتأمل قليلاً في تسمية نتياهو الحرب ضد لبنان بـ "حرب القيامة». قيامة من؟ حتماً لا يقصد قيامة المقاومة. قيامة «اسرائيل الكبرى»، التي قال استاذه مناحيم بيغن «آن الأوان لاخراجها من ركام الأزمنة»، لتتحقق نبوءة «الحاخامات» من يمسك بهذه المنطقة التي أطلق عليها آرنولد توينبي «حديقة الآلهة»، (Garden of the gods) وباتت «حديقة الديناصورات» (Jurassic park)، انما يمسك بالكرة الأرضية. الآن قهقهات «يهوه»، كما قال «الحاخام» يتسحاق يوسف. بالمناسبة، ما أخبار الله...؟

المعلقون «الاسرائيليون» فوجئوا بالسرعة الفائقة لتجاوز المقاومة تلك السلسلة من الضربات الكارثية، على الرأس وعلى القلب، والتي بلغت ذروتها باغتيال ذلك الرجل الذي كانت صرخته تهز العالم، وكانت ضحكته تبهر العالم. السيد الذي وصفه الكثيرون، ومن الشرق الى الغرب، بـ "الظاهرة التاريخية" في الشرق الأوسط، بعدما كنا نعيش موت التاريخ وموت الزمن في المنطقة.

قد نكون ضد حزب الله ، أو ضد سياساته الداخلية بالتغاضي عن موبقات الأوليغارشيا السياسية، وضد علاقاته مع ايران، وايضاً ضد غطرسة بعض الوجوه. بطبيعة الحال ضد من كانوا يتأرجحون بين فائض القوة وفائض الفوضى، لتظهر الحقيقة الآن. ثمة مقاومة هي الأسطورة حين تدق ساعة لبنان، وثمة «اسرائيل» التي هي اسبارطة، بكل جبروتها وبكل جنونها.

ألم يقل جو بايدن في الربيع الفائت، وقبل أن يتحول الى بطة عرجاء، وربما الى ذبابة عرجاء، ان السياسات الراهنة للائتلاف تضع رؤوس «اليهود» على المقصلة. نتنياهو لم يكترث لهذا الكلام، ما دام صقور «اللوبي اليهودي» يرون فيه، كما رأوا بأرييل شارون من قبل آخر أنبياء «التوراة»، لينتهي الأخير في الغيبوبة التي سبقت الغيبوبة الابدية، ودائماً بسبب العقلية اياها، وبسبب الخرافة اياها التي أنتجت ذلك الطراز من مصاصي الدماء. 

هذا بالرغم من معرفة الرجل بأنه لولا أميركا لكان بكاء حائط المبكى وصل الى اقاصي الدنيا. الآن، عودة الى التجربة اللبنانية. المقاومة اللبنانية التي تقول للأشقاء من كل الطوائف، ومن كل الأحزاب «امتنانا لكم لاحتضانكم أهل الجنوب وأهل البقاع وأهل الضاحية». هذا هو لبنان الحقيقي، وهذه هي «اسرائيل» الحقيقية بالميتولوجيا التي تتقيأ الدم وتتقيأ النار.

اذ توقفنا ملياً عند كلام السينودس الأخير حول «عولمة اللامبالاة»، نلاحظ أن العالم الذي غاص في «الغيبوبة اليهودية»، كما ألمح كارل ماركس وسيغمند فرويد (والاثنان من ذلك النوع من «اليهود» الذي لم يأخذ بثقافة «الحاخامات»)، انما بدأ يستيقظ شيئاً فشيئاً من الغيبوبة. 

لنقرأ «الغارديان» البريطانية و "الليبراسيون» الفرنسية «وول ستريت» الأميركية، النظر الى «اسرائيل» كـ "دولة مارقة». شلومو ساند صرخ بأعلى صوته «من يراهن على الأمبراطوريات لبقائه انما يراهن على الأبالسة»...

الأكثر قراءة

من الكهوف الى الملاهي الليلية