اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

لا يزال لبنان يُبدي تفاؤلاً في وقف إطلاق النار قريباً، رغم التصعيد الكثيف للحرب الدائرة بين حزب الله والعدو الاسرائيلي، والغارات العنيفة التي لا تزال تُشنّ على الضاحية الجنوبية وصور والنبطية والبقاع، والذي يعتبره البعض "نهاية المخاض". ورجّحت وسائل إعلام "إسرائيلية" التوصّل الى اتفاق لوقف النار في لبنان نهاية الأسبوع الجاري، بعد حلّ النقاط الخلافية بين الطرفين، والموافقة "الإسرائيلية" على صيغة التسوية مع لبنان بوساطة أميركية.

وإذ لا يدلّ الوضع الأمني والميدان على أنّ الحلّ آتٍ قريباً، إلّأ أنّه ثمّة مؤشّرات عن خطوات متقدّمة نحو الإتفاق. فما كان يُعيق التوصّل الى تفاهم مع لبنان، على ما تقول مصادر سياسية مطّلعة، كان رفض "إسرائيل" وجود فرنسا في لجنة مراقبة تنفيذ القرار 1701. ولكن هذا العائق قد أزيل من أمام الإتفاق. فقد تبلّغ لبنان من واشنطن الردّ "الإسرائيلي" الذي يقضي بموافقة "إسرائيل" على ضمّ فرنسا الى لجنة المراقبة الثلاثية المؤلّفة من لبنان و"إسرائيل" والأمم المتحدة. وقد اقترحت الورقة الأميركية إنضمام الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، ووافق لبنان على هذا الأمر، في حين رفضت "إسرائيل" وجود فرنسا فيها، على خلفية تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي طالب المجتمع الدولي بحظر السلاح لـ "إسرائيل"، كحلّ عملي لوقف إطلاق النار في غزّة وفي لبنان، وردّ نتنياهو على موقف ماكرون هذا بعبارة "عارٌ عليك".

وفي الموازاة، أبدى لبنان إستعداده لوقف إطلاق النار والإلتزام به، من خلال ما جاء على لسان وزير الخارجية والمغتربين الدكتور عبد الله بو حبيب في كلمته التي ألقاها الإثنين في "حوار روما المتوسطي" الذي عقد في العاصمة الإيطالية، إذ قال: "إنّ التنفيذ المتوازي والكامل لقرار مجلس الأمن الدولي 1701، هو بوّابة الإستقرار. وأنّ لبنان مستعد للوفاء بالتزاماته"، مشيراً الى أن "تحقيق هذا الهدف يتطلّب شرطين ضروريين: الأول، وقف إطلاق النار. والثاني، إنتشار قوّات مسلّحة لبنانية إضافية جنوب نهر الليطاني". كما دعا الى "العودة الآمنة للنازحين الى قراهم وبلداتهم".

أمّا مسألة ترسيم الحدود البريّة بين لبنان والعدو الاسرائيلي، والتي طالب لبنان بتثبيتها وفقاً لما نصّت عليه إتفاقية بوليه- نيوكومب (التي عقدتها فرنسا وبريطانيا) في العام 1923، فضلاً عن اتفاقية الهدنة للعام 1949، فترى "إسرائيل" أنّه يمكن الحديث عن هذا الأمر في وقت لاحق، وأنّه لن يُشكّل أي عقبة أمام التقدّم في اتجاه عقد الإتفاق. علماً بأنّها كانت ترفض أي جدولة زمنية، وأي تحديد لكيفية سير المفاوضات.

وفي ما يتعلّق بالمستند المرفق بالإتفاق، حول حرية التحرّك "الإسرائيلي" في لبنان في حال سُجّل اي خرق لوقف إطلاق النار، فأعادت المصادر التأكيد على أنّ هذه النقطة لا ينصّ عليها القرار 1701، ولا آلية تنفيذه التي اقترحتها الورقة الأميركية، التي درسها لبنان ووضع ملاحظاته عليها، ويعمل "الإسرائيلي" بالتالي على دراستها منذ مغادرة هوكشتاين "تلّ أبيب". في الوقت الذي بدأ فيه نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي لشؤون الشرق الأوسط دانيال شابيرو زيارة الى "إسرائيل" تهدف الى استكمال المباحثات بشأن المقترح الأميركي لوقف إطلاق النار في لبنان.

ويسود التفاؤل في "إسرائيل"، وفق المعلومات، لا سيما بعد أن وافق إجتماع الأمن المصغّر على المضي قُدماً نحو إنجاز الإتفاق، بعد أن أجرى بعض التعديلات على النقاط الخلافية التي ناقشها هوكشتاين مع المسؤولين فيها خلال زيارته الأخيرة الى المنطقة. ويبدو أنّ شابيرو أتى لوضع اللمسات الأخيرة على التعديلات التي أجرتها "تلّ أبيب"، ولمناقشة الموقف "الإسرائيلي" النهائي من الملاحظات اللبنانية على المقترح الأميركي. ولم تُفصح أي جهة، عن سبب مجيء شابيرو، بدلاً من هوكشتاين لمتابعة المناقشات بشأن وقف إطلاق النار بين الطرفين.

وثمّة من يرى أنّ التعديلات يُمكن أن تكون مقبولة من قبل لبنان، ومن يقول إنّ لبنان وافق على الصيغة “الإسرائيلية” في ما يتعلّق بمشاركة فرنسا في لجنة مراقبة تنفيذ الإتفاق... ولكن في الحالتين، ينتظر "الإسرائيليون أيضاً بعد إنجاز الإتفاق أن يصمد من قبل حزب الله، وأن يلتزم به بالتالي، ما يعني أن لا يقوم بالإقتراب من الحدود، ولا من المكان الذي يُحدّده القرار 1701 أي جنوب الليطاني. كما لا يقوم في المرحلة المقبلة بتعزيز قدراته العسكرية.

ويقول العارفون بأن "إسرائيل" تريد أيضاً الحصول على إجابة واضحة على مسألة النقطة المتعلّقة بحرية حركتها في لبنان، في حين أنّه لا يزال ينفي وجودها في مسودة المقترح الأميركي التي تسلّمها من هوكشتاين. وسبق وعبّر عن موقفه منها، من خلال كلام رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي الذي أعلن أنّ "لبنان يرفض أي إتفاق يمسّ بسيادته"، ما يعني بأنّ تشريع حرية الحركة لـ "الإسرائيلي" جوّاً وبرّاً وبحراً وقتما يريد، يُشكّل انتهاكاً فاضحاً للسيادة اللبنانية، وهو لن يقبل به مطلقاً. علماً بأنّ "الإسرائيلي" يصرّ على أنّه في بعض الحالات ثمّة حاجة الى ردّ فوري على أي خرق، غير أنّه لم يتحدّث عن الصيغة التي تُحتّم ردّاً فورياً، ولا عن كيفية قيام لجنة المراقبة بتنفيذ أي تقرير يقدّمه لها، ويدّعي فيه أنّه جرى انتهاك وقف إطلاق النار، ولا كيفية التنفيذ. والأهم بالنسبة لـ"إسرائيل" هو تحديد الفترة الزمنية بين الإنتهاك والردّ عليه.

وبعد صدور قرار المحكمة الجنائية الدولية الذي قضى باعتقال نتنياهو ووزير أمنه السابق يوآف غالانت، تجد المصادر السياسية أنّ الأمر بات أكثر تعقيداً. فكيف يُمكن للبنان المضي في توقيع التفاهم مع نتنياهو، وهو سيُحاكم في 2 كانون الأول المقبل في قضايا جرمية، الأمر الذي من شأنه أن يُدخله الى السجن لسنوات؟ علماً بأنّ هذا الأخير طلب تأجيل محاكمته مرتين، وينتظر اليوم قرار المحكمة بشأن طلبه.

وفي انتظار ذلك، سيتلقّى شابيرو الموقف "الإسرائيلي" بشكل خطّي، وكان لبنان قدّ تبلّغ من واشنطن موقفه من بعض الملاحظات اللبنانية. علماً أنّه بعد الردّ اللبناني، سيجتمع المجلس الوزاري الأمني المصغّر للتصويت. وعلى ما يبدو إن رفض "إسرائيل" لهذا الاتفاق عند التصويت عليه، قد يدفع واشنطن الى اتخاذ خطوة آحادية الجانب من خلال عدم استخدام حق النقض "الفيتو" مجدّداً في أي اقتراح يُقدّم في مجلس الامن الدولي للتصويت على قرار بإلزام "إسرائيل" بوقف الحرب في لبنان.


الأكثر قراءة

القصر الجمهوري يستعد... هل يكون 9 كانون الثاني موعداً للحسم الرئاسي؟ «الاسرائيليون» لاهالي الجولان: لن ننسحب وستخضعون للقانون «الاسرائيلي» بالتجنيد اعتراض اميركي اوروبي على العفو العام عن الإسلاميين وطلبات إخلاء السبيل رُدّت