دهون البطن: تهديد صحي أكبر للرجال!

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

تعتبر دهون البطن من أخطر أنواع الدهون التي يمكن أن تتراكم في الجسم، فهي ليست مجرد مشكلة جمالية بل ترتبط بمضاعفات صحية خطيرة. هذه الدهون، المعروفة علميًا باسم الدهون الحشوية، تتراكم حول الأعضاء الداخلية مثل الكبد والبنكرياس والأمعاء، مما يؤدي إلى تأثيرات ضارة على وظائف الجسم. الغريب أن خطورتها تزداد بشكل خاص عند الرجال مقارنة بالنساء، والسبب في ذلك يعود إلى اختلافات في التكوين الجسدي، الهرمونات، والعادات السلوكية.

بدايةً، يُلاحظ أن الرجال أكثر عرضة لتراكم الدهون في منطقة البطن نتيجة طبيعة توزيع الدهون في أجسامهم. في حين تميل النساء إلى تخزين الدهون في منطقة الفخذين والوركين، وهي ما يُعرف بـ"شكل الكمثرى"، يميل الرجال إلى اكتساب دهون في منطقة البطن، ما يعطي أجسامهم شكل "التفاحة". هذا النمط يجعل الرجال أكثر عرضة للإصابة بمشاكل صحية خطيرة، نظرًا لأن الدهون الحشوية تُفرز مواد كيميائية تسبب التهابات مزمنة في الجسم وتؤثر سلبًا على العمليات الحيوية.

الهرمونات تلعب دورًا رئيسيًا في هذه الفروقات. لدى النساء، يوفر هرمون الإستروجين حماية نسبية من تراكم الدهون في البطن خلال سنوات الإنجاب، بينما يعاني الرجال من انخفاض تدريجي في مستويات هرمون التستوستيرون مع تقدمهم في العمر، مما يُسهم في زيادة تراكم الدهون الحشوية. هذا الانخفاض في التستوستيرون لا يؤدي فقط إلى زيادة دهون البطن، بل يؤثر أيضًا على الكتلة العضلية ومستويات الطاقة العامة، ما يزيد من المخاطر الصحية.

إنّ العادات السلوكية تشكل عاملاً إضافيًا في هذا الاختلاف. يميل الرجال في كثير من الأحيان إلى اتباع أنماط حياة أقل صحية مقارنة بالنساء. استهلاك كميات كبيرة من الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية والدهون المشبعة، بالإضافة إلى قلة النشاط البدني والإجهاد المزمن، كلها عوامل تؤدي إلى زيادة تراكم الدهون الحشوية. وعندما تجتمع هذه العادات مع التغيرات الهرمونية، يصبح من الصعب على الرجال التحكم في دهون البطن أو تقليلها.

هذا وتتعدد المشكلات الصحية المرتبطة بدهون البطن لدى الرجال تتعدد وتتفاقم مع الوقت. من أبرز هذه المشكلات، زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، حيث تساهم الدهون الحشوية في ارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين، ما يعرض الرجال للنوبات القلبية والسكتات الدماغية. كما ترتبط هذه الدهون بمقاومة الأنسولين، وهي حالة تؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم وزيادة احتمال الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني. بالإضافة إلى ذلك، فإن الدهون الحشوية تؤدي إلى تراكم الدهون في الكبد، مما يزيد خطر الإصابة بالكبد الدهني غير الكحولي، وهو مرض قد يتطور إلى تليف الكبد.

للحد من دهون البطن، يحتاج الرجال إلى تغيير جذري في نمط حياتهم. تبني نظام غذائي صحي يُعتبر الخطوة الأولى، من خلال التركيز على تناول البروتينات التي تعزز الشعور بالشبع وتساعد في الحفاظ على الكتلة العضلية، إلى جانب تقليل استهلاك الكربوهيدرات المكررة والسكريات، وزيادة تناول الألياف التي تقلل من تراكم الدهون. كما تُعتبر ممارسة التمارين الرياضية من أهم الوسائل للتخلص من دهون البطن، حيث يُنصح بمزج تمارين الكارديو مع تمارين القوة للحصول على أفضل النتائج.

كما تلعب إدارة الإجهاد دورًا مهمًا في تقليل دهون البطن، نظرًا لأن الإجهاد المزمن يؤدي إلى ارتفاع مستويات هرمون الكورتيزول، الذي يحفز تخزين الدهون الحشوية. لذا، يمكن تقليل الإجهاد من خلال تقنيات مثل التأمل، اليوغا، أو تخصيص وقت للراحة والاسترخاء. إلى جانب ذلك، الحصول على قسط كافٍ من النوم يُعتبر ضروريًا، حيث تُظهر الدراسات أن قلة النوم ترتبط بزيادة تراكم الدهون في منطقة البطن.

في الختام، دهون البطن ليست مجرد مصدر إزعاج للرجال، بل هي مؤشر رئيسي على وجود مخاطر صحية خطيرة. إدراك خطورتها واتخاذ خطوات عملية لتقليلها يمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا في تحسين نوعية الحياة والوقاية من الأمراض المزمنة. تبني نمط حياة صحي ليس مجرد خيار، بل هو ضرورة للحفاظ على صحة الجسم والعقل على المدى الطويل.