اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

بعد تجربة الحرب الأخيرة والعدوان الاسرائيلي الذي ترك وراءه آلاف البيوت المهدمة والقرى التي سويت بالأرض بات المطلوب نهوض ورشة إعادة اعمار لبناء ما تهدم وإصلاح البنى التحتية التي ما عادت موجودة في اغلبيتها . هنا يبرز السؤال عما تحتاجه هذه الورشة وما المطلوب من الدوله أن تقوم به وكذلك القطاع الخاص المعروف أنه رافعة الإقتصاد في لبنان .

نقيب المقاولين مارون حلو يعتبر أن مهلة الستين يوما الحالية هي مهلة أمنية ولا بد من التريث وانتظار انقضاء هذه المهلة للبدء بإعادة الأعمار. لكن يبقى السؤال من سيعيد الاعمار ومن سيمول هذه الورشة الضخمة في ظل دولة مفلسة.

بعد وقف إطلاق النار عاد الحديث عن إعادة الأعمار في لبنان لذا كنقيب للمقاولين كيف تجدون أن إعادة الأعمار سيحدث في ظل دولة مفلسة ومهلة ٦٠يوما لإتمام الإتفاق؟

ان مهلة الـ٦٠يوما هي مهلة أمنية لذا لا نستطيع الاقدام على إعادة الأعمار بشكل فعلي قبل رؤية ما ستسفر عنه هذه المهلة من انسحاب لكل الأطراف المحاربة وتمركز الجيش اللبناني مكانها . إن عملية إعادة الأعمار هي عملية طويلة المدى ستستهلك سنوات ،كما أن الدولة لم تعلن بعد عن خطتها واستراتجيتها لإعادة الأعمار واول فكرة تطرأ على ذهن اي مسؤول في الدولة بشأن إعادة الأعمار هي من سيمول هذا الأعمار...لذا اذا لم يكن هذا الاتفاق بموافقة المانحين واذا لم يكن مقنعا لهم فلن يساعدوننا اطلاقا ،ثم أن الدول المانحة كما هو معروف هي الدول العربية الخليجية .يجب أن ترضى هذه الدول عن الاتفاق وان ننفذه بحذافيره وان يكون مستداما لأنه إذا لم يحدث استقرار على الساحة الداخلية فلن يقدم اي احد على إعادة الاعمار. ان الدولة اليوم لا إمكانية لديها إذ أنه بعد معاناة لعدة سنوات وتوقف المصارف عن العمل وعدم إيجاد حل للمودعين يوجد أزمة حقيقية بالإضافة إلى أن الناتج المحلي قد تراجع من ٥٥مليار دولار الى حوالي ١٨ مليار دولار وربما أقل بعد الأحداث الأخيرة وبرأيي سنشهد مزيدا من الانكماش بحوالي٩.٢ في العام ٢٠٢٤ وسيستمر الانكماش في عامي ٢٠٢٥ و ٢٠٢٦ بنسب أقل اي بحوالي ٢،٤ و ٢،٣ لذا الدولة ليس لديها الموازنة لكي تستطيع أن تعيد الاعمار. لقد زار نائب رئيس الحكومة البنك الدولي والهيئات الدولية المانحة منذ مدة وقد اجتمعت به وعلمت منه انها تملك نظرة متعاطفه مع لبنان لكن غير مشجعة كثيرا بالنسبة لحجم الأموال التي يمكن منحها له في المدى القريب . ان التمويل في النهاية متعلق بكيفية الاتفاق وتنفيذه وقراءته من قبل الدول المانحة التي تستطيع مساعدة لبنان . إذن من الواضح أن التمويل غير مؤمن اليوم من الجهات الداخلية ،اما الجهات الخارجية اذا لم تستقبل قراءة واضحه عن كيفية سير الإتفاق وديمومته وتحقيقه لاستقرار مستدام فهي لن تساعدنا.اما من ناحية التقنيات فالعمل ضخم جدا وبالمليارات.

هل اجريتم دراسة حول ذلك؟

انا لا احب إعطاء اي أرقام تقديرية فالدراسة تتم بعد إجراء مسح حقيقي وواقعي على الأرض. هذا الأمر سيحصل بعد وقف النار وستقوم بالمسح الأجهزه التقنية والمهندسين أصحاب الكفاءة والخبراء الذين يستطيعون التقدير جيدا إذ يوجد عدد ضخم من الابنيه المهدمة والمتضررة إلى جانب البنى التحتية التي تم ضربها ولدينا مساحة ١٢٠كلم وعرض ٣كيلومتر . سويت بالأرض او تدمرت و٢٨قرية تم هدمها تماما. أن هذا كله يحتاج إلى بنى تحتية من طرق وامدادات ماء وكهرباء إلى جانب الوحدات السكنية إذ أن بعض الاحصائيات قدرتها ب١٥٠الف وحدة سكنية . انا لا استطيع الركون نهائيا إلى هذا الأمر على الأقل قبل إجراء المسح المهني والواقعي للاضرار التي حصلت. اننا كنقابة نقول انه يوجد أولا دراسة وتخطيط ولدينا ما يكفي من مكاتب استشارات ودراسات للقيام بذلك ولا يمنع أيضا من استشارة جهات مانحة لأنها بالنتيجة ستفرض رأيها بكيفية البناء والدراسات التي يجب وضعها. انا أؤكد أن الشركات اللبنانيه من استشاريين ومكاتب دراسات ومنفذين لديها الطاقة والامكانية الكافية للتنفيذ ولا يمنع ذلك من إشراف طرف مستقل عليها لكي يتم تنفيذ العملية بشكل صحيح ومنظم . يوجد أيضا في الدولة أجهزة لا زالت قائمة ومستمرة مثل وزارة الأشغال ومجلس الإنماء والأعمار وهي تحتاج إلى تعزيز عديدها وكفاءاتها للقيام بدورها كما يجب والاساس لديها موجود . أن ورشة الأعمار ضخمة جدا ونحن جاهزون لها .

نعلم أنكم وضعتم خطة طوارئ فما هي هذه الخطة؟

نحن نقول ان على الدولة اعتبار الأمر موضوعا طارئا تماما كموضوع وقف النار وانتشار الجيش . أن إعادة الاعمار أمر طارىء سيتطلب تنفيذه مدة سنوات لذا نتمنى على الدولة بعد انتهاء فترة الـ٦٠يوما التي ستنشغل فيها بالأمور الأمنية وإجراء انتخاب للرئيس وتأليف حكومة جديدة أن تتجهز لإعادة الاعمار واذا بقيت حكومة تصريف الأعمال فلست ادري اذا كان باستطاعتها القيام بخطوات مفيدة في هذا المضمار ام انها ستنتظر الحل السياسي قبل ذلك. انا اعتقد ان هذا الموضوع هو من الأمور الطارئة إذ أين سيعيش من تهدم بيته ؟. أن كلمة طوارىء تعني وجود حاجة ماسة للشعب اللبناني بأن يعرف ماذا ستفعل الدولة بشأن إعادة الأعمار .

هل يوجد خطط بديلة إزاء إعادة الاعمار التي ستتطلب سنوات لانهائها؟

سنقسم الأمر إلى عدة مراحل فقد بدأت الناس بالعودة سريعا إلى مناطقها حيث يوجد في مدينة صور مثلا ٢٣٠الف مهجر ويوجد عدد كبير من الابنيه المدمرة ويوجد أبنية لا زالت جيدة ونحن من دعاة أن تبقى الناس قريبة من مناطقها وان تعيش مؤقتا في مساكن جاهزة مؤقتة ريثما يتم إعادة اعمار بيوتها ،لكن اللبناني لا يحب إجمالا العيش في مساكن مؤقته لكنه في النهاية هو نازح وسيعيش بالقرب من أرضه في مسكن جاهز .

لكن مرحلة إعادة الاعمار الحالية تختلف كثيرا عن مرحلة إعادة الاعمار في العام ٢٠٠٦ إذ انها مرتبطة بالسياسة اليوم لكن الا تعتقدون أيضا انها مرتبطة بالاصلاحات ؟

أجل بدون أدنى شك . لقد تألفت لجنة طوارىء لمتابعة ومراقبة المساعدات أثناء فترة الحرب وكيفية توزيعها واين فكيف بالأحرى اليوم بالنسبة لإعادة الاعمار؟على الدولة ان تؤلف هيئة من القطاعين العام والخاص مرتبطة بأجهزة الدولة والقطاعات الممولة والمهندسين والمقاولين من أصحاب الاختصاص . أن المشروع هذا يحتاج إلى خطة تستطيع انشاء بلدات نموذجية وحديثة بمواصفات عالية افضل مما كانت عليه . أن هذا الموضوع يحتاج إلى دراسة عميقة وهو ليس بسيطا لذا يجب وجود حالة طوارىء بالنسبة لإعادة الاعمار والا تتم العملية بشكل عشوائي. انا ارجو ان نستفيد مما جرى لخلق اعمار بنوعية مختلفة وبمستوى لائق بكل معنى الكلمة .

هل ستقدم الدول المانحة على التمويل اذا لم يتم تصحيح الوضع السياسي في ظل دولة قوية وفاعلة على الأرض؟

بطبيعة الحال لن تدفع اي أموال فكل الصناديق الاجنبية والبنك الدولي تشرف اليوم مباشرة على تنفيذ اي مشروع تموله وهي تواكب عملية التنفيذ من الألف إلى الياء. لا أحد سيعطينا مالا كما كان يحدث سابقا دون أي رقابة او ضبط او محاسبة وإشراف مباشر على التنفيذ .

لقد سبق وقلتم أن عددا كبيرا من المهندسين قد هاجر من البلاد فهل تدعوهم اليوم للعودة؟

انا على تواصل مع عدد كبير منهم ولا ادعوهم للعودة سريعا اي في المدى المنظور وانصحهم بالتريث ريثما تتضح الأمور .

هل أنتم قادرون على تولي مرحلة الاعمار؟

طبعا  انه قطاع قوي سواء في الداخل او الخارج . اليوم يوجد أكثر من نصف المهندسين اللبنانيين في الخارج ونحن سنحتاجهم في ورشة إعادة الاعمار إذ لديهم القدرة والكفاءة العالية على التنفيذ والإشراف والادارة .

ما مدى الصعوبات الهندسية في الابنية التي تضررت خصوصا ان العدو استعمل قنابل اخترقت عمقا كبيرا من الأرض ؟

تقنيا سنواجه صعوبة بخصوص الكمية الكبيرة من الردم التي ستحتاج إلى تدوير ،كذلك يجب معرفة طبيعة الأرض الزراعية التي دخلها الفوسفور وكيفية معالجتها .لقد قامت النقابة ببرنامج لتدوير الركام مع الأمم المتحدة لمدة ثلاث سنوات ولدينا حاليا كمية ضخمة من الركام الذي يحتاج إلى إعادة تدوير فاين سيتم رمي هذا الركام ؟. اعتقد ان الدولة بإمكانها الإستفادة من هذا الركام لخلق مناطق جديدة تستفيد منها هي والشعب اللبناني تماما كما تم سابقا بردم سوليدير. اننا بحاجة لتوسيع مدينة بيروت ويمكننا استعمال الركام لهذه الغاية. انا بخصوص البناء فالموضوع أكثر تعقيدا ويجب دراسة الابنية القائمة حول الابنية المهدمة وهي ربما معرضة للخطر وربما تحتاج إلى إعادة تأهيل او تدعيم أساسها ويوجد شركات متخصصة بهذا العمل . اليوم أبنية الضاحية تحتاج إلى إعادة درس لا سيما بموضوع الخرسانة المسلحة والهيكل ومدى قدرته على تحمل التشققات التي حدثت فيه . إذن يوجد مشاكل فنية بالنسبة لإعادة تدوير الركام وتنظيفه من المواد السامة في حال وجودها فيه بالإضافة إلى إعادة دراسة الهيكلة ومدى صلاحيته للبقاء والصمود واذا كان بحاجة لإعادة دعم او هدم. انا أرى انها ورشة عمل ضخمة وتحتاج إلى هيئة طوارىء لإعادة البناء مؤلفة من وزارة الأشغال ونقابة المقاولين والمهندسين ومجلس الإنماء والأعمار والدولة على صعيد مجلس الوزراء.

حسب خبرتكم اي المناطق التي تجدونها أكثر تضررا؟

طبعا منطقة الضاحية والقرى الجنوبية التي سويت بالأرض. لكن عموما البلاد كلها تضررت لا سيما القطاع الخاص وقد فكرت المؤسسات الخاصة مؤخرا بتخفيض أجور عمالها إذ أن كل القطاعات الإقتصادية قد تضررت بشكل كبير وستجتمع النقابة مع الهيئات الاقتصاديه لدراسة كيفية إعادة استنهاض القطاع الخاص إذ أنه الرافعة للاقتصاد، كما أن موازنة العام الحالي تحتاج إلى إعادة نظر إذ لم تعد ارقامها واقعية فقد تغير كل شيء خلال فترة الحرب . لقد ضرب القطاع الخاص بكل معنى الكلمة ويجب استنهاضه . لا أحد في لبنان يريد ان يبني لفترة مؤقتة إنما يريد معرفة اتجاه الأمور في السياسة والاستقرار على أكثر من صعيد وذلك لكي يقرر بعدها ماذا يفعل .

أنتم إذن تطالبون بوجود دولة فعلية؟

أجل وبكل معنى الكلمة . اننا نريد بلدا مستقلا لا يتأثر بالعوامل الخارجية والارتباطات المنفعية ،بينما كل الارتباطات الخارجية يجب أن تكون لمصلحة لبنان وشعبه .أن المرحلة الحالية هي مرحلة مفصلية كما انها مرحلة ترقب . أن النصوص التي اطلعنا عليها تمثل إلى حد بعيد بداية لحلول مستقبلية للبنان مستقر لكننا بصراحة اعتدنا في لبنان النصوص المثالية التي نطبقها بشكل مختلف لذا نطالب الكل بالوعي فالفرصة الحالية هي فرصة مفصلية بكل معنى الكلمة ولن نعرف فرصا أخرى..

هل أنتم على اقتناع بأن اللبنانيين قد تعلموا من تجربتهم القاسية؟

اذا لم يتعلموا فلا جدوى منهم ابدا. لو استمرت الحرب لستة أشهر أخرى لما بقي شيء في لبنان. لقد حان الوقت لكي نتعلم مما حصل وان نتخذ القرار الصائب في الطريق الصحيح.

الأكثر قراءة

القصر الجمهوري يستعد... هل يكون 9 كانون الثاني موعداً للحسم الرئاسي؟ «الاسرائيليون» لاهالي الجولان: لن ننسحب وستخضعون للقانون «الاسرائيلي» بالتجنيد اعتراض اميركي اوروبي على العفو العام عن الإسلاميين وطلبات إخلاء السبيل رُدّت