كثيرة هي الاسئلة حول قواعد الاشتباك الجديدة بعد العدوان "الاسرائيلي" الاخير على لبنان، جيش العدو يحاول فرض قواعد جديدة بحكم الامر الواقع ومن خارج النص، وحزب الله قام بضربة في مزارع شبعا للتذكير انه لا يزال يمتلك الادوات اللازمة ميدانيا، لمنع تعديل الاتفاق. وماذا بعد؟ فهل ما يحصل مقدمة لعودة الحرب؟ ام محاولة "اسرائيلية" للاستفادة من الهامش المتاح قبيل انطلاق عمل اللجنة، وبدء انتشار الجيش، لاقناع المستوطنين بالعودة الى الشمال؟
بالنسبة للعودة الى الحرب فهي مستبعدة، وكل الاطراف لا تريد ذلك كل لاسبابه، حزب الله يحتاج الى الوقت كي "يلتقط انفاسه"، ومجرد بقائه على "قيد الحياة" ونجاة بيئته من "السحق" يعتبر انجازا يجب المحافظة عليه. اما "إسرائيل" فلم تعد الحرب مجدية لها وباتت عبثية، لانها بدأت تصرف مما تعتبره رصيد نتائج حققتها بالضربات الاولى، والعودة الى الحرب تعني موت المزيد من الجنود والغرق في الوحول اللبنانية، وبقاء المدن "الاسرائيلية" تحت رحمة صواريخ المقاومة. ولهذا فهي مهتمة حاليا بمحاولة إضعاف إيران وتثبيت "المكاسب" التي حققتها، بانتظار الحقبة السياسية الجديدة لإعادة رسم خريطة المنطقة بالتنسيق مع الإدارة الأميركية الجديدة.
ووفق مصادر مطلعة، فان اولوية حزب الله الآن هي اعادة ترتيب وضعه التنظيمي، والوصول الى معالجة الثُغر التي ظهرت خلال الحرب، وهي اولوية بدأت على نحو عميق وجدي بالتزامن مع التحضير لورشة اعادة الاعمار، واغاثة وايواء البيئة الحاضنة. لكن هذا لا يعني الانكفاء الميداني، حيث لا تزال وحداته المقاتلة على استنفارها في هذا الوقت الدقيق والخطر، وقد جرت عملية استبدال للقوى المنهكة في المعارك السابقة بعناصر جديدة كانت في الخطوط الخلفية، والآن يجري التنسيق على اعلى مستوى مع قيادة الجيش اللبناني لتنظيم عملية انتشار وحداته في منطقة العمليات المتفق عليها سابقا، حيث ستتم عملية الاخلاء بسلاسة ودون تعقيدات ميدانية، وقد كان الانتشار بالامس في منطقة شبعا "بروفة" ناجحة.
هذه الاولويات، لا تعني مطلقا ان حزب الله سيسمح "لاسرائيل" بفرض قواعد اشتباك جديدة، فالقدرة موجودة لكن الامر يتعلق بالقرار، وثمة تعامل حذر وذكي في آن واحد في هذا السياق، وهو يقع بين منزلتين: من جهة عدم اعطاء الذريعة للعدو، ومن جهة اخرى افهامه انه ليس مطلق اليد.
وفي هذا السياق، يراهن حزب الله الآن على الوقت، ويعتقد انه يلعب لمصلحته. فـ "اسرائيل" لن يكون بمقدورها الاستمرار في خرق الاتفاق، خصوصا انها تعرف بانه لن يبقى دون رد. وعودة المستوطنين في المقبل من الايام الى الشمال، سيجبر "اسرائيل" على اعادة حساباتها قبل ارتكاب اي خرق لوقف النار.
ولهذا، فانه من المرتقب ان تضغط الدول الضامنة، وخصوصا واشنطن التي يريد رئيسها الجديد اقفال ملفات الحروب في المنطقة، بعد التئام عقد اللجنة للضغط لتطبيق ال1701 الذي سيكون "مظلة" ستعيد التوازن الى الجبهة، وحينئذ سيكون هامش المناورة امام "اسرائيل" ضيقا جدا، خصوصا ان ما ينتظر حكومة اليمين "الاسرائيلية" من تحديات يجعلها بحاجة الى الحفاظ على التهدئة على جبهة لبنان، فهي تتجه الى صفقة في غزة، وتتنتظر نتانياهو معارك داخلية قاسية، وثمة عزلة دولية بعد مذكرات الجنائية الدولية. يضاف الى كل ذلك الارهاق الذي اصاب الجيش "الاسرائيلي" بعد نحو عام من الحرب.
لكن ما تقدم لا يقلل من مخاطر المرحلة الراهنة، فوفقا لتك الاوساط، "نحن امام مرحلة دقيقة جدا، خصوصا ان لدى "اسرائيل" مهمة استراتيجية تقضي بمنع اعادة تسليح حزب الله. وهي عمليا تريد "قطع شريان الحياة" عنه، من خلال ما تعتبره ضبط الحدود مع سوريا. ولذلك من المتوقع ان تستفيد حكومة الاحتلال من الاستباحة للاراضي والاجواء السورية وتكثيف ضرباتها هناك.
والامر لا يتوقف عند هذا الحد، وانما يبقى التحدي الاكبر لبنانيا، الوصاية الاميركية ومحاولة الهيمنة والسيطرة على المعابر البرية والبحرية والجوية، وبرز ذلك جليا في مطار بيروت خلال الحرب. وثمة اسئلة كثيرة تحتاج الى اجابة في هذا المجال؟
اما داخليا، فثمة مؤشر يبعث على الارتياح، وآخر على القلق:
- المؤشر الذي يبعث على الارتياح تمثل حالة الهذيان لدى "اعداء" حزب الله في الداخل، دليلا واضحا وجليا انه لم يُسحق، ودوره الداخلي لا يزال فاعلا جدا. كانوا يراهنون على الضربة "الاسرائيلية" لالغاء دوره، وفرض منطق سياسي جديد في البلاد. لكن الضربات العسكرية لم تؤد الى النهاية المأمولة، على الرغم من الخسائر الكبيرة التي تعرض لها، فقد ثبت ان الحزب قوي داخل بيئته الحاضنة، التي سبقت الجميع بالاعلان عن تمسكها بخطه السياسي المقاوم، وكانت العودة السريعة الى القرى والبلدات والمدن، "رسالة" واضحة في هذا السياق. ولهذا فان علاقاته الداخلية بالحلفاء لا تزال على حالها، وحضوره البرلماني يجعله رقما صعبا في المعادلة الداخلية، ولا يمكن تجاوزه في اي استحقاق، خصوصا في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
- اما المؤشر المقلق، فهو رهان جديد وخصوصا في "معراب"على نتائج الحرب الجديدة في سوريا، وثمة اعتقاد ان نتيجتها ستكون سلبية جدا على الحزب. وكذلك بدأت الاسئلة الصعبة عن الساحة السنية في لبنان، وهل ستبقى دون قيادة؟ وماذا عن الانعكاسات السورية على هذه الساحة بشكل خاص؟
في الخلاصة، قد نكون امام مرحلة هي الاخطر في تاريخ المنطقة، هناك من يحاول ترتيب الاوراق قبيل دخول ترامب الى البيت الابيض الشهر المقبل، اتفاق وقف النار يبدو افضل الممكن في هذه اللحظات، ما كان ليتحقق لولا صمود المقاومين على التخوم، اما ما يحدث الآن في سوريا فجزء مكمل لما بدأ في غزة ولبنان. سوريا هي تقاطع طرق الإمدادات من إيران إلى شرق البحر المتوسط. وفي سوريا تكمن إحدى اخطر مظاهر الصراع السني – الشيعي.
وإذا كان أهم أهداف "إسرائيل" بعد الهدنة مع لبنان هو تفكيك محور المقاومة وإضعاف إيران، وتعزيز أمن حدودها مع الأردن ولبنان، فإن استئناف الحرب الأهلية في سوريا يمكن أن يحقق لها ما تريد، ويبقى الرهان على استشعار دول الاقليم بخطورة الوضع المستجد، والعمل على نزع فتيل انفجار، قد يغرق المنطقة في بحر من "الدماء والدموع".
يتم قراءة الآن
-
من باع سوريا... من باع الأسد؟
-
حزب الله ينجو من فخّ "إسرائيلي" في سوريا
-
اتصالات لتبريد الاجواء داخليا... وتطمينات تركية للبنان حول سوريا الجيش يطالب في اجتماع الناقورة بتنفيذ الاتفاق قبل الـ 60 يوما 4 قتلى اسرائيليين بنفق مفخخ... نتانياهو يستعد لضرب ايران..؟
-
الصفقة تشمل لبنان والرئيس المتوازن في ٩ كانون الثاني
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
12:47
المتحدث باسم الخارجية القطرية: - من غير المقبول أن تستغل إسرائيل الوضع الراهن في سوريا وتنتهك سيادتها
-
12:47
المتحدث باسم الخارجية القطرية: - كل الأبواب وقنوات الاتصال مفتوحة مع كافة الأطراف في سوريا للحوار حول مستقبل سوريا
-
12:46
المتحدث باسم الخارجية القطرية: نتابع تطورات الوضع في المنطقة وعلى رأسها الحرب في غزة والأوضاع في لبنان وسوريا
-
12:46
المتحدث باسم الخارجية القطرية: - ندعو جميع الأطراف في سوريا لضرورة العمل معاً للحفاظ على وحدة التراب السوري
-
12:45
اعلام "اسرائيلي": تعرض شرطي "إسرائيلي" لعملية طعن في الكرمئيل والشرطة تحقق في خلفية الحادث
-
12:05
الدفاع المدني: انتشال ضحية في منطقة البسطة الفوقا واستمرار عمليات البحث عن مفقودة لا تزال ضمن عداد المفقودين