اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


تعد جودة الهواء من أهم العوامل المؤثرة على صحة الإنسان، لكن تأثير الهواء الملوث يصبح أشد خطرًا عند النساء الحوامل. فالملوثات الموجودة في الهواء مثل ثاني أكسيد النيتروجين (NO2)، أول أكسيد الكربون (CO)، والجسيمات الدقيقة (PM2.5)، تمثل تهديدًا مزدوجًا لصحة الأم والجنين. عند استنشاق هذه الملوثات، يمكن أن تدخل إلى مجرى الدم وتصل إلى المشيمة، ما يعرض الجنين النامي لمخاطر صحية خطرة.

أثبتت الدراسات أن التعرض للهواء الملوث يزيد من احتمالات الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى الحامل، مما قد يؤدي إلى تسمم الحمل. كما أن النساء اللاتي يعانين من أمراض تنفسية مثل الربو قد يجدن أن أعراضهن تتفاقم بسبب استنشاق الهواء الملوث، إلى جانب زيادة احتمالية الإصابة بالالتهابات المزمنة التي تؤثر في سير الحمل الطبيعي.

أما بالنسبة للأجنة، فإن الهواء الملوث يمكن أن يؤدي إلى تأخر في نمو الجنين، ما ينتج منه انخفاض وزن الطفل عند الولادة. بالإضافة إلى ذلك، يرتبط التعرض المستمر للملوثات بزيادة خطر حدوث تشوهات خلقية في الأعضاء الحيوية، فضلًا عن احتمالية الولادة المبكرة وما يترتب عليها من مضاعفات صحية للمولود. تشير الأبحاث إلى أن الأطفال الذين تعرضوا للهواء الملوث خلال فترة الحمل يكونون أكثر عرضة للإصابة بأمراض مزمنة مثل أمراض القلب والجهاز التنفسي لاحقًا في حياتهم.

وقد دعمت الدراسات العلمية هذه الحقائق. على سبيل المثال، أظهرت دراسة نشرت في مجلة The Lancet عام 2022 أن النساء الحوامل اللواتي تعرضن لمستويات عالية من تلوث الهواء واجهن مخاطر متزايدة للإصابة بمضاعفات مثل تسمم الحمل وسكري الحمل. كما أكدت منظمة الصحة العالمية أن الغالبية العظمى من الأطفال دون سن الخامسة حول العالم يتنفسون هواءً ملوثًا، مما يسلط الضوء على خطر متزايد على صحتهم المستقبلية.

للحد من هذه المخاطر، يمكن للحامل اتخاذ بعض التدابير الوقائية. يُنصح بتجنب المناطق التي تعاني من ازدحام مروري كثيف أو قريبة من المصانع، والاعتماد على أجهزة تنقية الهواء داخل المنازل لتحسين جودة الهواء الداخلي. في حال الضرورة، يمكن ارتداء كمامات مصممة للوقاية من الجسيمات الدقيقة. إضافة إلى ذلك، يساعد تناول نظام غذائي غني بمضادات الأكسدة، مثل الفواكه والخضراوات، على تقليل تأثير الملوثات في الجسم. المتابعة الطبية المنتظمة تؤدي دورًا أساسيًا في الكشف المبكر عن أي مضاعفات قد تكون ناجمة عن التلوث.

على مستوى المجتمع، تؤدي الحكومات دورًا رئيسيًا في الحد من تلوث الهواء من خلال سياسات تهدف إلى تقليل انبعاثات المصانع والسيارات، وتشجيع استخدام الطاقة المتجددة. كما أن رفع الوعي العام بأهمية جودة الهواء يساهم في دفع الأفراد للمشاركة الفعالة في تحسين البيئة.

إن حماية صحة الحوامل والأجنة من مخاطر تلوث الهواء تتطلب تكاتف الجهود الفردية والجماعية. فبينما يجب على الأفراد اتخاذ إجراءات وقائية، يجب على الحكومات والمؤسسات العمل على تقليل تلوث الهواء، لضمان مستقبل صحي للأجيال الحالية والقادمة.

الأكثر قراءة

من الكهوف الى الملاهي الليلية