اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


يُعتبر هرمون البرولاكتين أحد أهم الهرمونات التي ينتجها الجسم، حيث يُفرَز من الغدة النخامية في الدماغ ويؤدي دوراً حيوياً في العديد من العمليات البيولوجية، خصوصاً في تنظيم وظيفة الجهاز التناسلي والعملية الإنجابية. يُعرف البرولاكتين بدوره الأساسي في تحفيز إنتاج الحليب بعد الولادة، ولكنه يؤدي أيضاً أدواراً أخرى تتجاوز هذا المجال. ومع ذلك، قد يحدث أحياناً ارتفاع غير طبيعي في مستويات هذا الهرمون، وهو ما يُعرف بـ "فرط برولاكتين الدم"، مما قد يؤدي إلى مشكلات صحية خطرة تستدعي التدخل الطبي.

يمكن أن يحدث ارتفاع هرمون البرولاكتين نتيجة لعدة أسباب. في بعض الحالات، يكون السبب وجود ورم في الغدة النخامية يُعرف باسم "الورم البرولاكتيني"، وهو ورم حميد يؤدي إلى زيادة إنتاج الهرمون. كما قد تساهم عوامل أخرى مثل استخدام بعض الأدوية، خاصة المضادة للاكتئاب وأدوية ضغط الدم، في ارتفاع مستوياته. يمكن أيضاً أن ترتفع مستويات البرولاكتين بسبب الإجهاد المزمن، قصور الغدة الدرقية، أو اضطرابات في وظائف الكبد والكلى.

يؤثر ارتفاع هرمون البرولاكتين بشكل مباشر في الصحة الإنجابية للمرأة، حيث قد يؤدي إلى اضطرابات في الدورة الشهرية أو انقطاعها تماماً. كما يمكن أن يسبب صعوبة في حدوث الحمل بسبب تأثيره السلبي في عملية التبويض. بالإضافة إلى ذلك، تعاني النساء المصابات بارتفاع البرولاكتين من إفراز حليب غير طبيعي من الثدي حتى في غياب الحمل أو الرضاعة، وهو عرض شائع لهذه الحالة.

لا تقتصر التأثيرات على الجانب التناسلي فحسب، بل قد تظهر أعراض أخرى مثل الصداع المزمن، ضعف النظر (نتيجة الضغط الذي قد يُسببه الورم البرولاكتيني على الأعصاب البصرية)، والشعور بالإرهاق العام. قد تواجه النساء أيضاً انخفاضاً في الرغبة الجنسية وتغيرات مزاجية مثل الاكتئاب والقلق، مما يؤثر بشكل كبير في جودة الحياة.

في حال عدم علاج ارتفاع هرمون البرولاكتين، قد تتفاقم المشكلة وتؤدي إلى مضاعفات خطرة. يمكن أن يسبب الورم البرولاكتيني تضخماً في الغدة النخامية، مما قد يُحدث ضغطاً على الأنسجة المحيطة. كما أن استمرار ارتفاع مستويات البرولاكتين يمكن أن يؤثر في صحة العظام، حيث يؤدي إلى انخفاض مستويات هرمون الإستروجين، مما يزيد من خطر الإصابة بهشاشة العظام.

هذا ويبدأ التشخيص بفحوصات الدم لقياس مستويات البرولاكتين، يليها تصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ في حال الاشتباه في وجود ورم برولاكتيني. يعتمد العلاج على السبب الأساسي للحالة. في حالة وجود ورم برولاكتيني، يتم استخدام أدوية مثل "بروموكريبتين" أو "كابيرجولين" لتقليل إفراز الهرمون وتصغير حجم الورم. في بعض الحالات النادرة، قد تكون الجراحة أو العلاج الإشعاعي ضرورياً.

أما إذا كان السبب هو عوامل أخرى مثل قصور الغدة الدرقية، فيتم علاج المشكلة الأساسية باستخدام أدوية تعويضية مثل هرمون الثيروكسين. ولتخفيف الأعراض، يُنصح بتعديل نمط الحياة وتجنب الإجهاد، إضافة إلى متابعة طبية دورية لضمان السيطرة على الحالة.

إلى ذلك، يُعد ارتفاع هرمون البرولاكتين حالة صحية تستوجب الاهتمام، نظراً لتأثيراتها السلبية في الصحة الجسدية والنفسية للمرأة. ومن المهم التشخيص المبكر والعلاج الفوري لتجنب المضاعفات وضمان استعادة التوازن الهرموني. لذا، ينبغي على النساء اللاتي يعانين من أعراض مرتبطة بارتفاع البرولاكتين استشارة الطبيب لتحديد السبب والعلاج المناسب، للحفاظ على صحتهن وجودة حياتهن.

 

الأكثر قراءة

التصعيد «الإسرائيلي» مُستمرّ... والرئيس عون يُواجه «ضغوط السلاح» بالحوار بيروت بلا ضامن للشراكة... وفي زغرتا وطرابلس تحالفات تُشعل المعركة