اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


بعد أشهر قليلة من انتخاب الرئيس السابق ميشال عون لرئاسة الجمهورية عام 2016، غادرت المملكة العربية السعودية بوجودها السياسي الفاعل لبنان، بعد أن كانت هجرته تدريجياً في الأشهر التي تلت انطلاق الحرب السورية عام 2011، واليوم بعد كل التغييرات التي حصلت في المنطقة تعود السعودية إلى بيروت، مترافقة مع بلبلة حول الشخصية القادمة.

كان يُفترض أن يقوم وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بزيارة لبنان خلال ساعات أو أيام قليلة على رأس وفد من الخارجية، سيضمّ المشرف الجديد على اللجنة السعودية المعنية بلبنان الأمير يزيد بن فرحان، ولكن يبدو بحسب بعض المعلومات أن وزير الخارجية لن يحضر، إنما سيمثل المملكة يزيد بن فرحان. مع العلم أن مستوى التمثيل لن يغير كثيراً في أهمية الزيارة وتوقيتها، حيث تأتي هذه الزيارة قبل موعد الجلسة النيابية المخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية في 9 كانون الثاني الجاري.

وتشير المصادر إلى أن أهمية الزيارة إن حصلت، كون التأكيد الرسمي لم يحصل حتى لحظة كتابة هذه الأسطر، لا تكمن فقط بحصولها قبل الاستحقاق الرئاسي، سواء كانت بحضور وزير الخارجية السعودي أو المسؤول عن الملف اللبناني، إنما هي تشكل عودة سعودية إلى لبنان بعد غياب طويل. فالمملكة التي تركت لبنان منذ سنوات بسبب ما كانت تصفه بالاحتلال والتأثير الإيراني، تعود اليوم بعد كل الضربات التي تلقاها المحور الإيراني، علماً أن إيران والسعودية تمكنا من إدارة الخلاف بشكل جيد خلال الاشهر الماضية.

فبعد سقوط النظام في سوريا، وتولي "هيئة تحرير الشام" المدعومة تركياً للسلطة، أصبحت المملكة أمام حاجة ضرورية للعودة إلى لبنان، خصوصاً أن الشارع السني اللبناني وجد بمحمد الجولاني وما يمثله "قائداً" جديداً، وبحسب المسار الطبيعي للأمور فإن الطبيعة تكره الفراغ، والفراغ السعودي لن يبقى فراغاً بحال قررت المملكة استمرار غيابها عن لبنان، لذلك ترى المصادر أن العودة السعودية مهمة جدا في هذا التوقيت، لأن البديل الصاعد هو "الإخوان المسلمين".

وبحسب المصادر فإن القيادة السعودية التي بدّلت في المسؤولين عن الملف اللبناني، وأشاعت بأن التبديل جاء نتيجة التغييرات الطبيعية في المسؤوليات داخل المملكة، رفعت من مستوى مُمسكي ملف لبنان بعد نتيجتين أساسيتين: الأولى متمثلة بالحرب "الإسرائيلية" على لبنان ونتيجتها، والثانية سقوط النظام في سوريا، والذي كان أصبح أقرب الى الحضن السعودي من الحضن الإيراني، وبالتالي قررت القيادة رفع مستوى العاملين في الملف اللبناني، من اجل العودة بشكل فاعل اكثر إلى لبنان، والوقوف بوجه الرغبات التركية بالتواجد في لبنان بعد التواجد في سوريا.

في الملف الرئاسي فإن اللقاء السعودي مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الممثل السياسي للثنائي الشيعي له أهمية خاصة، إذ تكشف المصادر أن بري الذي حافظ طيلة السنوات الماضية على خيوط العلاقة مع السعودية والدول العربية يعلم أن لبنان، والطائفة الشيعية بالتحديد، بحاجة إلى التقرب من العالم العربي، والرئاسة قد تكون المدخل لذلك.

لا تؤكد المصادر ولا تنفي أن يكون للمملكة مرشح مفضل للرئاسة، لكنها تُشير إلى أن الزيارة السعودية ستشدد على ضرورة انتخاب رئيس إصلاحي، يتناسب مع حاجة لبنان، ويحظى بقبول أطراف "الخماسية" التي تركز على المواصفات، وسيكون هناك سيناريوهان: الأول أن تطلب المملكة مباشرة دعم قائد الجيش جوزاف عون للرئاسة، والثاني ان تتمسك بالمواصفات، ففي حال أكدت دعمها لعون، وهذا الخيار الأبعد، وأبدت استعدادها لمساعدة لبنان، فإن مصلحة الثنائي أن لا يُعارض، لأن بري يُدرك حجم التبدلات التي تحصل في المنطقة، ويعلم بأنه لا حاجة لبقاء الشيعة في لبنان خارج هذه التبدلات. أما بحال تمسكت بالمواصفات، وهذا الخيار الأقرب بحسب المصادر، فعندها سيكون لبري مساحة واسعة للقيام بما يُجيده، سواء قرر دعم عون أو غيره، لأن اللعبة السياسية عندها ستأخذ مداها بين أسماء لن يُعارضها العرب والغرب، علماً أن النقاش يدور اليوم بين أن يكون الرئيس شخصية أمنية أو سياسية.

ستقف المملكة إلى جانب لبنان، تقول المصادر، وسيكون لها دور في عملية إعادة الإعمار ودعم الجيش اللبناني. والخطوة الأساسية لها بعد انتخاب رئيس الجمهورية، ستكون برئاسة الحكومة، الموقع السني الأول في لبنان، وهنا ستكون المملكة معنية بوصول رئيس حكومة قادر على التأثير في الشارع السني، خصوصاً في ظل التنافس الكبير مع الاتراك، وما يجري في سوريا، وتكشف المصادر أن دوائر القرار في المملكة قد بدأت البحث في الملف الحكومي اللبناني، ولو أنها ستُصرح دائماً بأنها لا تدخل في التفاصيل، إنما نحن اليوم نعيش زمن التفاصيل، تختم المصادر.

الأكثر قراءة

هذه الكلفة المتوقّعة للحرب في حال تجدّدها