شكل الحكومة الجديدة مؤشر للمرحلة المقبلة
ضحالة وتآمر بعض السياسيين اللبنانيين، ومعهم اعلام مدفوع بالكراهية والمصالح المادية، يدفعون لبنان الى قلب "العاصفة". هؤلاء لا يتحركون بسذاجة او براءة في محاولاتهم الاستفادة من نتائج الحرب "الاسرائيلية" الاخيرة للقضاء على حزب الله، او لتحجيم الحضور الشيعي السياسي في الدولة، بل بات واضحا انهم جزء من اجندة دولية واقليمية تريد الاستفادة من فرصة تراها متاحة لتغيير المشهد الداخلي اللبناني، لملاقاة المشاريع الكبرى لاعادة رسم خريطة المنطقة.
هذه الخلاصة لم تعد تحتاج الى الكثير من الادلة، بحسب مصادر مقربة من "الثنائي الشيعي"، فالوقائع اليومية تثبت ان ثمة من يريد الاستفادة، او يراهن على الضغط الميداني الممارس "اسرائيليا" بتأجيل الانسحاب، والاستمرار في الخروقات التي تتوسع كما ونوعا، لفرض وقائع داخلية عنوانها عزل الطائفة الشيعية واقصائها، تحت عنوان ضرورة ان تدفع ثمن خسارة الحرب مع "اسرائيل"، وهي "ورقة" يعمل على الدفع بها الاميركيون، الذين يتعاملون بعجرفة تامة مع المطالب الرسمية اللبنانية، التي تطالب بالزام "اسرائيل" ببنود الاتفاق.
ثمة رهان واضح على الوقت، والامثلة كثيرة اهمها اندفاع تلك القوى على نحو منظم "لشيطنة" مطلب "الثنائي" بالحصول على وزارة المال، ويجرى العمل على نحو مركز للضغط على رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف للتراجع عن اي التزامات بهذا الخصوص، وذلك في اطار احراج المكون الشيعي لاخراجه من السلطة التنفيذية في لحظة شديدة الحساسية، قد تكون لها تداعيات سلبية جدا، تتجاوز اي حسابات سطحية للبعض.
كما حذر ديبلوماسي اوروبي خلال لقاء مع شخصيات لبنانية، نصحها بعدم الانجراف كثيرا وراء "النصائح" الاميركية.
وفي هذا السياق، يمكن فهم حالة الاحباط الشديد، التي اصابت هؤلاء ازاء الواقع المستجد جنوبا، مع اقتحام مسيرات العودة الشعبية الى القرى والبلدات المشهد، ما نسف كامل السردية التي حاول هؤلاء تسويقها ازاء انعدام الوسائل لدى المقاومة لخلق الوقائع على الارض، في ظل الحسابات المعقدة لعودة الفعل المقاوم في هذه اللحظات، مع ما اظهرته الاحداث من التفاف غير قابل للنقاش من البيئة الحاضنة لهذا الخيار.
اضافة الى ذلك، لا يتوانى هؤلاء عن قلب الحقائق وتزويرها، بعد رد الفعل"غير المبرر" لمسيرات الدراجات النارية، حيث وصل الاستفزاز على سبيل المثال لا الحصر من قبل رئيس "القوات اللبنانية" سمير جعجع قبل ساعات من هذه المشهدية، " للسخرية" علنا من قدرات "الثنائي"، مبررا بقاء الاحتلال في الجنوب، لافتا الى انهما قد لا يملكان دراجات هوائية للاعتراض على الازمة الحكومية؟! اضافة الى حملة تهوين مركزة وتقليل من قيمة بذل الدماء جنوبا من ابناء القرى الحدودية، وصلت الى حد تبرير الاعتداءات "الاسرائيلية"، والشماتة بطرف لبناني بطرق مسيئة تستدرج الآخر الى "المشكل".
طبعا لا ينفصل هذا الحراك عما تحيكه واشنطن للمنطقة، المبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، وصل الى "اسرائيل" للاشراف على تطبيق اتفاق غزة، لكن مهمة ويتكوف لا تنتهي بالرقابة على تنفيذ الاتفاقات المتحققة في غزة او لبنان. فزيارته إلى "إسرائيل" هذه المرة هي أيضاً إعداد لزيارة نتنياهو إلى واشنطن، والتي ستتم في 4 شباط . نتنياهو الذي سيلتقي ترامب الأسبوع المقبل سيطالب "رزمة تعويضات" للاستمرار في التزام وقف الحرب، وثمة سلسلة من المسائل موجودة في القائمة، التي سيحملها نتنياهو معه إلى البيت الأبيض، وفي رأسها النووي الإيراني. ترامب، كما يبدو، ليس متحمساً للخيار العسكري، بل يفضل الضغط الشديد للعقوبات. وثمة ورقة أخرى وهي اتفاق التطبيع بين الدول العربية و"إسرائيل".
لم يعد هناك شك ان القوى اللبنانية المعادية لحزب الله، تنتظر نتائج محادثات واشنطن، خصوصا ان الخطوات الاولى لترامب مغرية تماما، وقد تضمنت إلغاء العقوبات ضد قيادات المستوطنين المتطرفين في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وإلغاء الحظر على تسليم القنابل الخارقة للتحصينات العميقة زنة 2000 رطل، والدعوة إلى ترحيل سكان غزة. ما يراه ترامب ويريده في الشرق الأوسط قد لا يتحقق إذا واجه مقاومة، ولهذا فانه "سيسحق" كل من يقول له "كلا"، بحسب سياسي لبناني متحمس، يسوق لضرورة عدم الاستعجال في نسج اي تسوية مع "الثنائي"، لان دورها سيكون "صفر" في المرحلة المقبلة؟!
ووفق المصادر المقربة من "الثنائي"، فان ما يغيب عن هؤلاء، ان مسألة إعادة تشكيل الشرق الأوسط وفق الرؤية الترامبية، قد يعني نسف الحدود السياسية القائمة منذ اتفاقية سايكس – بيكو وإعادة رسمها من جديد، بما ينطوي عليه ذلك من تفكيك دول قائمة وإنشاء كيانات سياسية جديدة. فهل لديهم ضمانات ان لبنان سيكون خارج هذا التقسيم؟ وماذا يعني بالنسبة للبنانيين بقاء الفلسطينيين والنازحين السوريين؟ اذا قسمت سورية، وجرى تهويد فلسطين التاريخية، وأعيد تشتيت من تبقى من شعبها في الضفة وغزة والقدس الشرقية؟ وهل يعرف هؤلاء انه لا يوجد أي دور عربي فاعل له قدرة على توجيه الوقائع في اتجاه محدد؟ وهل سيكون الشرق الأوسط المعاد تشكيله منطقة للسلام؟ أم منطقة صراع وحرب بين الدول العربية وإيران بتحريض من "إسرائيل" ولمصلحتها؟
كل هذه التساؤلات المصيرية، لا تبدو انها تحتل اولوية لدى بعض من يتحركون بكيدية ويعملون وفق اجندة خارجية، تقول تلك المصادر، التي تحذر من زيادة الضغط الحالي على بيئة المقاومة، خصوصا اذا تم استغلال ملف اعادة الاعمار لاحقا، للحصول على تنازلات متعددة، ويبقى الرهان على "عقلانية" وواقعية رئيس الجمهورية جوزاف عون ومعه رئيس الحكومة المكلف، وقدرتهما على مقاومة رغبات بعض الخارج والداخل، في ادخال العهد في اولى ازماته من "بوابة" تشكيل الحكومة، لانها ستكون المؤشر الاكثر وضوحا عن طبيعة المرحلة المقبلة، وعندئذ سيكون لكل "حادث حديث".
يتم قراءة الآن
-
بري متخوف من «مفاجأة اسرائيلية» قبل 18 شباط... واستنفار امني سلام يقرر العودة الى المعايير المقتنع بها في تشكيل الحكومة جنبلاط متشائم من تصريح ترامب بتهجير الفلسطينيين لمصر والاردن
-
شايلوك الأميركي وشايلوك "الإسرائيلي"
-
الجميع مُعترض إلا الثنائي : "القوات" تلوّح بالمقاطعة... وسلام يَعِد "الاعتدال" خيراً : "خلينا نشوف" ! كرامي لسلام : لوحدة المعايير على قاعدة "ظلم بالسوية عدل بالرعية" ! زيارة مُتوقعة اليوم للرئيس المكلف الى بعبدا... فهل يفعلها سلام ؟
-
صراع الحقائب والأسماء يؤخر ولادة الحكومة تشكيل الحكومة نهاية الأسبوع أو مطلع القادم «الاثنين الحاسم»: الوسيط الأميركي في بيروت لقيادة اجتماع «الخماسية»
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
17:27
مسّيرة إسرائيلية تستهدف 3 حّفارات في بلدة الطيبة كانت تعمل على انتشال جثامين شهداء
-
17:23
الجيش الاسرائيلي نفذ عملية نسف في كفركلا
-
17:09
التحكم المروري: حركة المرور ناشطة على التقاطعات من ميرنا الشالوحي في اتجاه نهر الموت
-
16:58
مسيرة إسرائيلية استهدفت محيط حسينية الطيبة جنوب لبنان
-
16:37
الجيش الإسرائيلي يُطلق النار على مواطنيْن يتفقدان مزرعتهما في رميش
-
16:18
إعلام فلسطيني: اشتباكات عنيفة بمخيم جنين مع توغل قوات إسرائيلية