اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


أي انعكاسات للقاء دونالد ترامب وفلاديمير بوتين على الشرق الأوسط ، كمنطقة ضائعة بين الزمان والمكان. كان لافتاً اختيار الرئيس الأميركي السعودية مكاناً للقاء. رجب طيب اردوغان الذي احترف اللعب بين أميركا وروسيا، حاول أن يستضيف القمة ليكون القطب الثالث في مقصورة القيادة. الاثنان رفضا ثلاثية الأمبراطور والقيصر والسلطان...

الآن، الأمير محمد بن سلمان سيكون القطب الثالث (الأمبراطور والقيصر والأمير). ثمة من بدأ يشير على ولي العهد بالقبول بطلب والده الملك سلمان بن عبد العزيز تتتويجه ملكاً، حتى اذا انعقدت تلك القمة التاريخية، تكون بثلاثية الأمبراطور والقيصر والملك. المسألة قيد البحث.

نعلم أن دونالد ترامب أخذ برأي هنري كيسنجر القائل، إن بوابة "اسرائيل" الى العالم العربي (وما يسمى العالم الاسلامي) هي السعودية لا أي بوابة أخرى، وبعدما رأى فيها الرئيس فرنكلين روزفلت البوابة الأميركية. هذا كان أيضاً رأي "الاسرائيليين" الذين يرون أن بنيامين نتنياهو، بالسياسات المجنونة، صدم حتى ترامب حين دعا الى اقامة الدولة الفلسطينية على أرض المملكة، التي باتت لديها هواجسها الكثيرة حول السيناريوات التي تضعها المؤسسة اليهودية، خصوصاً بعد كلام السفير الأميركي المعين لدى "اسرائيل" مايك هاكابي الذي قال "أن تغيير الشرق الأوسط سيكون بأبعاد توراتية".

هذا الكلام زاد من تشدد المملكة حول اقامة الدولة الفلسطينية على الأرض الفلسطينية، والا ستبقى المنطقة رهينة الصراعات الجيوسياسية، التي أدت بالعديد بدول المنطقة اما الى الخراب أو الى المراوحة (ودائماً تحت خط الزمن). حتى أن هناك مصادر ديبلوماسية خليجية اشارت الى اسئلة سعودية طرحت في قصر اليمامة ، اذا كانت "الحرب الاسرائيلية" ضد المملكة هي احدى الحلقات في سلسلة السياسات البهلوانية لنتنياهو؟ أم هي بطلب أميركي للضغط على السعودية أو لاستنزافها سياسياً أو حتى لاستنزافها استراتيجياً؟

الكل يدرك مدى حساسية الوضع الانتقالي في المملكة، التي اقتلعت جماعة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، وأحلت محلها سياسسات الانفتاح، لنرى مغني الراب الأميركي ليل واين وكذلك المغنية (والراقصة) جنيفر لوبيز بين آلاف المعجبين في الرياض. انشغال بالمسائل الداخلية والتعامل برؤوس الأصابع مع أزمات وصراعات المنطقة، لا سيما بعدما تمكن الزعيم الصيني شي جين بينغ من اخماد "جبل النار" بين ضفتي الخليج،  لتدخل العلاقات بين الرياض وطهران، مرة بخطى حثيثة ومرة بخطى متعثرة، مرحلة جديدة.

الحرب الأخيرة في لبنان، وما أعقبها من أجواء تتعلق بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي، وبآليات أكثر دقة وأكثر فاعلية، ومن ثم سقوط نظام بشار الأسد في سورية، أدت الى انكفاء ايران جيوسياسياً، مع الاتجاه الى سياسات أكثر براغماتية، ما أراح الجانب السعودي الذي كان عليه هذه المرة، أن يواجه التمدد التركي الذي بدا شديد الخطورة في سورية، وحيث الاتجاه الى اقامة سلسلة من القواعد العسكرية التركية في نقاط محورية في البلاد.

في هذ ه الحال، بات اردوغان الذي يمسك بكل المفاصل السورية أكثر خطورة على الداخل العربي، وخصوصاً أن "الحالة السورية" بدأت باستقطاب الجماعات الاسلامية المتطرفة. وهنا تكشف "الديار" أن مطار دمشق يستقبل يومياً طائرة تركية، تحط في مكان بعيد عن الأنظار، وتنزل منها عناصر غريبة قد تكون تابعة لجماعة "الاخوان المسلمين" أو غيرها. بالاضافة الى طائرة مماثلة تابعة لاحدى الدول الخليجية. وها ان المعارضين الذين ينتمون الى المجتمع المدني، يتحدثون عن تورا بورا في اسواق دمشق، والى حد القول بـ "موت التاريخ" في المدينة، التي طالما أثارت دهشة الفلاسفة والمؤرخين والرحالة.

كل الدلائل تشير الى أن الحرب في أوكرانيا تقترب من نهايتها، بعدما كان جو بايدن يراهن على خروج بوتين جثة هامدة من الكرملين. اذ تحتفظ روسيا بشبه جزيرة القرم البالغة الحساسية على المستوى الاستراتيجي، فان فولوديمير زيلينسكي أغرى نظيره الأميركي بمناجم الليثيوم والتيتانيوم، ناهيك بما دعاها ترامب "ألمعادن الأرضية النادرة والرائعة"،  للتفاوض حول ترتيبات خاصة تتعلق بالمناطق الناطقة بالروسية في أوكرانيا التي اقفل أمامها الطريق الى حلف الأطلسي.

ترامب الذي يدرك أي خطر تشكله الصين على دور بلاده في ادارة الكرة الأرضية، يخطط لابعاد موسكو عن بكين التي مثلما تشكل خطراً جيوستراتيجياً على الولايات المتحدة، تشكل خطراً جيوستراتيجياً على الاتحاد الروسي. وكان رئيس الأركان الأميركي السابق مارك ميلي قد حذر من سيطرة التنين على الباسفيك، ملمحاً الى أن هاري ترومان كان قد ألقى القنبلة الذرية على اليابان لمنعها من ذلك، اذ من شأن الامساك بالمفاصل الأساسية للباسيفيك أن يهدد بانفصال كاليفورنيا، وربما ولايات أخرى، عن الحكومة الفديرالية.

وكالة "بلومبرغ" تسأل أي من الأقطاب الثلاثة سيتغير بنتيجة القمة، ترامب أم بوتين أم بن سلمان؟ لعل القادة الثلاثة سيتغيرون. العالم بعد القمة سيكون مختلفاً عما قبلها. الخوف من أن يصطحب ترامب معه الى السعودية بنيامين نتنياهو كأمر واقع. لا تنسوا أن خيال الرئيس الأميركي، وكما قال كبير مستشاريه السابق ستيف بانون، "حيناً خيال الثور وحيناً خيال... الدجاجة"!!

الأكثر قراءة

المنطقة ولبنان على فوهة بركان... وأزمة الطائرة الإيرانيّة تتفاعل ما الهدف من شيطنة الجمهور الشيعي؟ والجنوبيّون لن يوقفوا تحرّكاتهم