اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


يُعد الصيام المتقطع أحد الأنظمة الغذائية الشائعة التي يتبعها الكثيرون بهدف فقدان الوزن وتحسين الصحة العامة. وعلى الرغم من فوائده المحتملة للبالغين، إلا أن تطبيقه على الأطفال والمراهقين قد يكون له تأثيرات سلبية خطرة، نظرًا الى حاجتهم إلى التغذية المستمرة لدعم النمو والتطور السليم.

تُعتبر فترات الطفولة والمراهقة مراحل حاسمة في تطور الجسم، حيث يحتاج الأطفال إلى كميات كافية من السعرات الحرارية والمغذيات الأساسية لدعم نمو العظام، وتطور الدماغ، وبناء العضلات، وتنظيم الهرمونات. عندما يُفرض الصيام المتقطع على هذه الفئة العمرية، فإنه يقلل من السعرات الحرارية الضرورية، مما قد يؤدي إلى نقص الفيتامينات والمعادن المهمة مثل الحديد، الكالسيوم، وفيتامين د، وجميعها تؤدي دورًا رئيسيًا في تكوين العظام وتقوية المناعة.

لا يقتصر تأثير الصيام المتقطع على الجوانب الجسدية فقط، بل يمتد أيضًا إلى الصحة العقلية، خاصة في سن المراهقة، وهي مرحلة حساسة من حيث العلاقة مع الطعام والصورة الذاتية. اتباع أنظمة غذائية صارمة مثل الصيام المتقطع قد يزيد من خطر اضطرابات الأكل، مثل فقدان الشهية العصبي أو الشره المرضي، خاصة عند المراهقين الذين يشعرون بضغط اجتماعي للحفاظ على شكل جسم معين. علاوة على ذلك، فإن التقلبات في مستويات السكر في الدم بسبب فترات الصيام الطويلة قد تسبب تقلبات مزاجية، وصعوبة في التركيز، وانخفاض في الطاقة، مما قد يؤثر في الأداء الأكاديمي والرياضي.

المراهقون والأطفال غالبًا ما يكونون نشطين بدنيًا، سواء من خلال الرياضة المدرسية أو الأنشطة اليومية. يتطلب هذا النشاط إمدادًا مستمرًا بالطاقة للحفاظ على الأداء العضلي والقدرة على التحمل. يؤدي الصيام المتقطع إلى استنزاف مخازن الطاقة بسرعة، مما قد يسبب الإرهاق والدوخة وضعف الأداء الرياضي، ويجعل الأطفال أقل قدرة على المشاركة في الأنشطة البدنية.

هذا وقد يسبب الصيام المتقطع عند الأطفال تباطؤًا في عملية الأيض، حيث يبدأ الجسم في التكيف مع فترات الصيام عبر تقليل معدل حرق السعرات الحرارية للحفاظ على الطاقة. هذا التكيف قد يؤدي على المدى البعيد إلى صعوبة في فقدان الوزن لاحقًا أو زيادة غير صحية في الوزن عند العودة إلى نمط غذائي طبيعي. إضافة إلى ذلك، قد يضعف تنظيم الأنسولين لدى الأطفال، مما قد يزيد من خطر الإصابة بمقاومة الأنسولين ومرض السكري من النوع الثاني في المستقبل.

بدلًا من اتباع أنظمة صارمة مثل الصيام المتقطع، يُنصح بتبني عادات غذائية صحية متوازنة تشمل تناول وجبات منتظمة تحتوي على جميع العناصر الغذائية الضرورية. يمكن للوالدين والمراهقين التركيز على تناول الأطعمة الغنية بالبروتين، الألياف، والدهون الصحية، مع تجنب الأطعمة المصنعة والملأى بالسكريات المضافة. كما أن ممارسة النشاط البدني بانتظام والنوم الجيد يؤديان دورًا مهمًا في دعم الصحة العامة وإدارة الوزن بطريقة آمنة وطبيعية.

على الرغم من انتشار الصيام المتقطع كنهج صحي بين البالغين، حيث يُعتقد أنه يساعد في فقدان الوزن وتحسين التمثيل الغذائي، إلا أنه لا يُعد خيارًا آمنًا أو مناسبًا للأطفال والمراهقين. في هذه المرحلة الحرجة من الحياة، يعتمد الجسم على إمداد منتظم وكافٍ من العناصر الغذائية لدعم العمليات الحيوية مثل نمو العظام، وتطور الدماغ، وإنتاج الهرمونات. إن تقييد الطعام لفترات طويلة قد يؤدي إلى نقص في الفيتامينات والمعادن الأساسية، مما قد يعرقل التطور الطبيعي ويؤثر سلبًا على الصحة الجسدية والعقلية.

بالإضافة إلى ذلك، فإن تأثير الصيام المتقطع على الصحة العقلية للمراهقين قد يكون خطيرًا، حيث قد يعزز سلوكيات الأكل المضطربة ويزيد من خطر الإصابة باضطرابات مثل فقدان الشهية العصبي أو الشره المرضي، خاصة بين الفتيات اللاتي يتأثرن بالمعايير الجمالية السائدة. علاوة على ذلك، قد يؤدي الانخفاض الحاد في مستويات السكر في الدم إلى تقلبات مزاجية، ضعف التركيز، وانخفاض الأداء الأكاديمي والرياضي، مما قد يؤثر في التحصيل الدراسي والمشاركة في الأنشطة البدنية.

نظرًا لهذه التأثيرات المحتملة، يحتاج الأطفال والمراهقون إلى نظام غذائي متوازن ومتكامل يوفر جميع العناصر الغذائية الضرورية لدعم نموهم الجسدي والعقلي. لا ينبغي تطبيق أي تغيير غذائي جذري، مثل الصيام المتقطع، دون استشارة مختصي التغذية وأطباء الأطفال، لضمان توافقه مع احتياجاتهم الفردية وضمان سلامتهم وصحتهم على المدى الطويل.

الأكثر قراءة

هل يقطع ترامب رأس نتنياهو؟