اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب



عادة ما يقطع الأميركيون رؤوس حلفائهم، باستثناء رؤوس "الاسرائيليين"، كونها الرؤوس المقدسة. لكنه الآن دونالد ترامب بشعار "أميركا المقدسة"، هل يقطع رأس بنيامين نتنياهو؟ هذا ما توحي به تعليقات "اسرائيلية". الرئيس الأميركي ليس البطة العرجاء (جو بايدن)، التي يمتطي ظهرها "رئيس حكومتنا". مثلما يقطع رأس فلوديمير زيلينسكي، قد يقطع رأس نتنياهو كهدية الى الأمير محمد بن سلمان، الذي رأى في دعوة نتنياهو الى اقامة الدولة الفلسطينية على الأرض السعودية،  كإعلان حرب على المملكة.

توجس في "اسرائيل" من انعقاد القمة الأميركية ـ الروسية في الرياض. وكنا قد ذكرنا أن رجب طيب اردوغان بذل جهوداً هائلة، من أجل أن تستضيف بلاده القمة ليكون بطربوش السلطان، الرأس الثالث بين الأمبراطور والقيصر. قبل ايام صرح بأن تركيا هي المكان المثالي لتلك اللحظة التاريخية. في قصر اليمامة ليسوا بحاجة الى دليل اضافي حول "استراتيجية الثعبان".

ها هو يلوّح بالورقة السورية في وجه الجميع. نسي أو تناسى، تحذير الصحافي التركي البارز جنكيز تشاندار "مَن يمسك بسورية كمن يمسك بكرة النار". هاله أن تسبقه الدبابات "الاسرائيلية" الى أبواب دمشق (وأخيراً 9 مواقع "اسرائيلية" على الأرض السورية). صحيفة "اسرائيل اليوم" حذرته بمنتهى الفظاظة من أن يقترب.

لعل القمة، برقصة العراضة (وبالقهوة المرة)، قد تغيّر نظرة دونالد ترامب الى الشرق الأوسط، وقد وصفه الجنرال نورمان شوارزكوف، الذي قاد عملية "عاصفة الصحراء" ضد العراق بـ"حفرة الآلهة". هنا تظهر الأسئلة "الاسرائيلية" اذا كان هناك من اختلاف أو تناقض في النظرة الاستراتيجية بين دونالد ترامب، الذي تخلو شخصيته من أي ترسبات ايديولوجية، وبنيامين نتنياهو الذي يسمع وقع أقدام ملوك التوراة في رأسه. هل يعني ذلك أن أميركا لم تعد في العهد الحالي "اسرائيل الكبرى"، ولم تعد "اسرائيل" أميركا الصغرى؟

وكان تحذير من وزير الدفاع السابق جيمس ماتيس للرئيس "الذي لا يعرف الفارق بين الباب الذي يفضي الى الفردوس، والباب الذي يفضي الى جهنم". ولكن هل يمكن لترامب أن ينظر الى المنطقة كـ "حالة عقارية"، بعدما كان الكاردينال الأميركي باتريك أوبويل قد رأى فيها المنطقة، التي تختزل لحظة اللقاء بين الله والتاريخ؟ من زمان لاحظ زبغنيو بريجنسكي أن "السيطرة على العروش، لا تعني السيطرة على الزلازل". استغرب كيف أن بعض الساسة "لا يفرقون بين الشرق الأوسط وديزني لاند".

الاختلاف يظهر في الساحة اللبنانية. في واشنطن التقى سفير عربي مستشار الأمن القومي مايك والتز، مستغرباً ـ طبعاً بلغة مخملية ـ تزويد نتنياهو بقنابل أشد فتكاً من تلك اتي استعملت في غزة ولبنان. وبحسب زميل في دولة السفير، رد والتز بما معناه "حين وقّع الرئيس على قرار التسليم، قال ضاحكاً لندعه يعطيها لأحفاده كي يلهوا بها" كتدليل على نهاية الحروب في المنطقة".

لماذا اذاً قرع الطبول في وجه آيات الله؟ هذه مقتضيات اللعبة الأميركية، لفتح أبواب الردهة الديبلوماسية. لكن المعلق الأميركي، المتعدد الأبعاد ديفيد بروكس، يحذر من الخطوات العشوائية، وكذلك من الرهانات العشوائية "أميركا ليست بحاجة الى كارثة اضافية"، وان كان يعتبر أن دونالد ترامب هز بقوة "الرؤوس الصدئة في الدولة العميقة".

ترامب هو من أوقف الحرب ضد لبنان. نتنياهو كان يريد أن يذهب الى أبعد مما ذهب اليه آرييل شارون في اجتياح 1982. اقامة قواعد عسكرية دائمة على بعض قمم الجبال. هذا حلم قديم لموشى ديان، الذي اذ احتل شبه جزيرة سيناء ومرتفعات الجولان والضفة الغربية، اضافة الى القدس الشرقية، قال لجيمس شليسنجر، وزير الدفاع في عهد ريتشار نيكسون، "غريب أنكم لم تفكروا بانشاء قاعدة عسكرية على احدى قمم الجبال في لبنان"، معتبراً أن من يوجد هناك يتحكم بكل مفاصل الشرق الأوسط. قطعاً لم يكن الهواء ما يغوي الأميركيين. انه الذهب الأسود.

هذا قبل أن يظهر الغاز في شرقي المتوسط، لتبدأ رحلة الاحتواء الاستراتيجي لهذه المنطقة. أي صورة للبنان ولسورية بعد سنوات قليلة؟ هنا نعيد الى الى الأذهان أنه، لدى انشاء القيادة العربية الموحدة في الستينات من القرن المنصرم، تم بناء محطة رادارية على قمة الباروك تغطي المنطقة الممتدة من مضيق الدردنيل الى قناة السويس، لاحقاً أغارت عليها الطائرات "الاسرائيلية" ودمرتها...

الآن، "الاسرائيلون" يلعبون في رؤوس كثيرة، ان في المنطقة أو في أميركا. لا اعادة اعمار في لبنان (ولا استقرار أو ازدهار) ، الا بعد زوال آخر أثر لايران فيه. هل يقصد ترحيل عشرات الآلاف من مقاتلي حزب الله، وهم أبناء هذه الأرض، كما تم ترحيل ياسر عرفات ورجاله؟

جدعون ليفي قال "كفانا كذب على الذات. لقد تغير كل شيء". انه الرجل الذي احترف الهروب من الزنزانة الى الخندق (وغداً الى القبر). صفحة الحروب انتهت. هل فتحت صفحة السلام؟ لا نعتقد... 

الأكثر قراءة

هل يقطع ترامب رأس نتنياهو؟