لا تظنوا انه الثأر التوراتي من المقاومة. انه الثأر التوراتي من لبنان. يهوشوا ساغي، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية أثناء اجتياح عام 1982، وصف حلفاء اسرائيل آنذاك بـ"الأحصنة الخشبية التي لا تصلح حتى حطباً للموقد".
الاسرائيليون يدركون أن ظروف المقاومة قد انتفت كلياً (لم يبق سوى روح المقاومة). محور الممانعة أثبت أنه فضيحة كبرى. الضربات الكارثية التي لحقت بالمقاومة. التغيير الذي حدث في سورية التي باتت ولاية عثمانية، وتحكمها الانكشارية، حتى ليمكن السؤال ما اذا كانت دمشق بيد رجب اردوغان أم بيد بنيامين نتنياهو. ايران تسعى للطريق الديبلوماسي الى أميركا، وهي تعلم أن دورها آت بعد أن يغسل دونالد ترامب يديه من الدم في أوكرانيا...
لبنانياً، يبدو المشهد وكأننا داخل غابة من السكاكين. لنعد الى الرئيس سليم الحص الذي كان يسأل ما اذا كنا بحاجة الى مشانق جمال باشا، أو الى سيوف الحجاج بن يوسف، لتوحدنا. لا مشانق هذا ولا سيوف ذاك. هكذا خلقنا على يد البطريرك الياس الحويك وجورج كليمنصو في قصر فرساي، وهكذا نبقى بين سراويل القناصل أو بين عباءات القناصل. القاذفات التي تقتلنا، وتهدم منازلنا، هي، في نظر البعض، "طيور الجحيم". في نظر البعض الآخر، هي طيور بأجنحة الملائكة. المسؤول الاعلامي في أحد الأحزاب؟ قال "كانت مشكلتنا في الاختيار بين دمشق وأورشليم. الآن الطريق الى دمشق يمر بأورشليم".
كنا نتساءل ما اذا كنا وقعنا في المصيدة الاسرائيلية. أجل لقد وقعنا. ولكن بعد الذي جرى. تحويل غزة الى أرض يباب، وتدمير أي أثر للجيش السوري، هل كان يمكن لبنيامين نتنياهو أن يتوقف عند الخط االأزرق، وهو الذي قال بالفم الملآن أنه يتفذ النص التوراتي بازالة كل أعداء اسرائيل من الوجود؟ عودوا الى مواقع التواصل لدى أتباع الائتلاف الحالي. مثلما البحث عن مأوى لأهل غزة خارج غزة، البحث عن مأوى لأهل الجنوب خارج الجنوب.
اختلال مروع في موازين القوى. اختلال مماثل في المعادلات الاستراتيجية. اذاً، لقد دقت ساعة "خنق حزب الله". كما ترون حصار داخلي، وحصار خارجي، ليس فقط لنزع سلاحه (وأي جدوى للسلاح بعد الذي حدث؟)، وانما اجتثاثه حتى من الذاكرة السياسية في لبنان. تفاصيل كثيرة، صادمة، حول الخطط التي يتم تنفيذها خطوة خطوة، بل ضربة ضربة. أحدهم تحدث عن "اليوم الكبير"، أي يوم الانتخابات النيابية وحيث تكتل كل القوى دون استثناء لتعليق "حزب الله"، ومعه الرئيس نبيه بري، على الخشبة. لا قيامة بعد ذلك، لكأن التاريخ يمشي على خطى هيفاء وهبي، لا كما قال بول كنيدي، بين الزلازل.
لنكن أكثر وضوحاً. ازالة البلدات الحدودية التي كانت بمثابة السور الحديدي الذي يحمي الجنوب تكريس للمنطقة العازلة. البقاء في التلال الخمس شاهد على ذلك. ماذا يعني الصراخ، ولا نملك سوى الصراخ، بعدما شاهدنا ذلك الصمت المريب من أحمد الشرع، وصحبه، حول انشاء المنطقة العازلة في سوريا، مثلما باع الأميركيون أوكرانيا للقيصر، شرط وضع اليد على مناجم المعادن النادرة، الروس قد يكونون جاهزين لبيع ايران الى أميركا، وحتى دون أي طريق الى الشرق الأوسط. المبعوث الأميركي الى كييف كيث كيلوغ قال ان الادارة تزمع قطع الاتصال بين روسيا والصين وكوريا الشمالية وايران.
لبنان مجرد تفصيل ثانوي. كوكتيل من الأزمات المشرعة اما على الأبد أو على العدم. ماذا يحدث للحيوانات الصغيرة حين تدوسها الفيلة، اسرائيل على ظهر الفيل الأميركي تأمر ونحن ننفذ. عالم السياسة الفرنسي أوليفيه روا رأى أن مصطلح "السيادة"، وفي ظل صراع الأباطرة، مصطلح غبي ولا يستخدمه سوى الأغبياء. مثيرة تلك الصورة للنيجيري وول سوينكا، الحائز نوبل في الآداب. رجل حافي القدمين في أحد أزقة لاغوس، وهو يرتدي سروال الجينز، بل ويختال به. "أنا أميركي اذا أنا كائن بشري"!...
حتى ولو أزلنا سلاح "حزب الله"، أو ما تبقى من هذا السلاح، هل يمكن لرئيس الوزراء الاسرائيلي أن يرفع الوصاية علينا ؟ ذات يوم قال باراك أوباما للعرب "المشكلة فيكم"، لكأنه يقول للبنانيين "المشكلة فيكم". ما من رئيس، أو وزير خارجية، أميركي يزورنا. لبنان لا يستحق أكثر من آموس هوكشتين، أو مورغان أورتاغوس، أو بربارة ليف.
لا سند لنا في الوقت الحاضر، وربما على امتداد القرن، سوى أميركا. رأينا روسيا في سوريا. ورأينا الصين كيف تختبئ، في الأوقات الصعبة، وراء الزجاج. زميل فرنسي على علاقة وثيقة مع الكي دورسيه قال لنا "لا استقرار في بلدكم الا عندما تصبح، أو عندما تعود، ايران أميركية، أي عندما تشاهدون قبعة الكاوبوي وقد حلت محل العمامة". ولكن هل يقبل القيصر الاقامة في "العراء الاستراتيجي" مقابل بقائه في شبه جزيرة القرم؟
الآن، وبعد أن وصف دونالد ترامب فولوديمير زيلينسكي بـ "الديكتاتور الذي يحطم أوكرانيا"، بتنا نعرف ماذا حصل لبشار الأسد في سوريا، الرئيس السوري مقابل الرئيس الأوكراني.
نخب من يرفع الأمبراطور والقيصر ؟ قبلنا أن نكون أميركيين، نتنياهو يريدنا أن نكون اسرائيليين، لنقول لمن يعنيهم الأمر في لبنان أبناء المسيح لا يمكن أن يشبهوا أبناء يهوذا...
يتم قراءة الآن
-
حصار بالنيران جنوباً وشرقاً.. دمشق تواكب التصعيد «الإسرائيلي» إتصالات مع اشنطن وأنقرة... وتعليمات للجيش بردّ حاسم سباق فرنسي ــ أميركي لتعيين حاكم مصرف لبنان الجديد!
-
"الحاخام" قال: منازلكم قبوركم
-
ادمون شحادة لـ"الديار": نادم على ضياع سنوات من عمري وتراجع موهبتي الكروية
-
البقاع ليس الساحل السوري بل مقبرتكم .....
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
22:31
3 غارات أميركية على مواقع حوثية في صعدة شمال اليمن
-
22:23
تجدد الاشتباكات على محور حوش السيد علي شمال الهرمل بالاسلحة الخفيفة والمتوسطة وسقوط قذيفة بالقرب من حاجز للجيش اللبناني عند مدخل البلدة
-
21:54
هيئة البث الإسرائيلية عن مصدر أمني: خلافات داخل الأجهزة الأمنية بشأن جدوى الهجوم المفاجئ على غزة
-
21:12
الطيران الحربي الإسرائيلي يحلق على علو منخفض في أجواء بعلبك شرقي لبنان
-
20:09
مظاهرة في تل أبيب للمطالبة بالعودة إلى صفقة التبادل
-
19:55
الكرملين: روسيا ستقوم بتسليم أوكرانيا 23 جنديا من ذوي الإصابات البليغة وبوتين أكد لترامب ضرورة وقف أوكرانيا لعمليات التعبئة والتسليح
