اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


يُعتبر تسمم الدم من الحالات الطبية الخطيرة التي قد تهدد الحياة إذا لم يتم التعامل معها بسرعة. يُعرف أيضًا باسم الإنتان، وهو استجابة مناعية شديدة للعدوى تؤدي إلى انتشار البكتيريا أو السموم في مجرى الدم، مما يسبب التهابًا واسع النطاق قد يؤدي إلى فشل الأعضاء. هذه الحالة لا تحدث بسبب وجود البكتيريا في الدم فقط، بل بسبب رد فعل الجسم المفرط تجاهها، مما يؤدي إلى اضطرابات في وظائف الأعضاء الحيوية.

يحدث تسمم الدم عندما تدخل البكتيريا أو الفيروسات أو الفطريات إلى مجرى الدم، مما يحفّز الجهاز المناعي على إطلاق استجابة التهابية قوية. في الحالات الطبيعية، يعمل الجهاز المناعي على محاربة العدوى بشكل محدود، ولكن في حالات الإنتان، يصبح رد الفعل شديدًا لدرجة أنه يضر بأعضاء الجسم وأنسجته. يمكن أن يتطور تسمم الدم نتيجة التهابات شديدة مثل الالتهاب الرئوي، التهابات المسالك البولية، التهابات الجروح، والتهابات الجهاز الهضمي. في بعض الحالات، قد يكون سبب التسمم عدوى بسيطة لم يتم علاجها بشكل صحيح، مما يسمح للجراثيم بالانتشار في الجسم.

تكمن خطورة تسمم الدم في تأثيره الواسع على وظائف الجسم. عندما ينتشر الالتهاب، تتأثر الأوعية الدموية، مما يؤدي إلى انخفاض ضغط الدم، وقلة تدفق الأكسجين إلى الأعضاء الحيوية مثل القلب، الكلى، الدماغ، والرئتين. قد يؤدي هذا النقص في الإمداد بالأكسجين إلى تلف دائم في الأنسجة، وفشل متعدد في الأعضاء، وصولًا إلى الصدمة الإنتانية، وهي المرحلة الأشد خطورة من المرض.

بالإضافة إلى ذلك، قد يسبب تسمم الدم تخثر الدم غير الطبيعي، مما يؤدي إلى تكوّن جلطات صغيرة تمنع تدفق الدم إلى الأعضاء، وقد يتسبب ذلك في الغرغرينا (موت الأنسجة) أو فقدان الأطراف في الحالات الحادة. كما أن سرعة تفاقم الأعراض تجعل التشخيص والعلاج السريعين أمرًا ضروريًا لإنقاذ حياة المصاب.

هذا ويمكن أن يكون لتسمم الدم تداعيات طويلة الأمد على الناجين منه. فحتى بعد العلاج، قد يعاني بعض المرضى من مشاكل صحية مستمرة، مثل التعب المزمن، وضعف المناعة، واضطرابات في الإدراك والتركيز. بعض المرضى يصابون بمتلازمة ما بعد الإنتان، التي تشمل أعراضًا مثل القلق، الاكتئاب، وصعوبة في استعادة القوة البدنية. علاوة على ذلك، قد يكون هناك خطر متزايد للإصابة بعدوى جديدة بسبب تراجع قدرة الجهاز المناعي على مقاومة الأمراض.

كما يمكن أن يصيب تسمم الدم أي شخص، لكنه أكثر شيوعًا بين بعض الفئات التي تعاني من ضعف المناعة أو مشكلات صحية مزمنة. وتشمل الفئات الأكثر عرضة:

- كبار السن، حيث يكون جهازهم المناعي أضعف وقدرتهم على مقاومة العدوى أقل.

- حديثو الولادة والرضع، خاصة إذا ولدوا قبل الأوان أو لديهم مشكلات صحية.

- الأشخاص المصابون بأمراض مزمنة مثل السكري، أمراض الكلى، وأمراض الكبد، والتي تجعل الجسم أقل قدرة على مقاومة الالتهابات.

- مرضى السرطان الذين يخضعون للعلاج الكيميائي، حيث يضعف العلاج جهاز المناعة ويجعلهم أكثر عرضة للإصابات الجرثومية.

- الأشخاص الذين خضعوا لعمليات جراحية كبرى أو لديهم جروح مفتوحة، حيث يمكن أن تصبح بوابة لدخول البكتيريا إلى الدم.

- مرضى نقص المناعة، مثل المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية (HIV) أو الذين يتناولون أدوية مثبطة للمناعة بعد عمليات زرع الأعضاء.

أخيراً، يُعد تسمم الدم من أخطر الحالات الطبية التي تستدعي التدخل الفوري، حيث يمكن أن تتفاقم الأعراض خلال ساعات، مما يهدد حياة المصاب. الوعي بأعراضه، مثل الحمى الشديدة، القشعريرة، سرعة ضربات القلب، وانخفاض ضغط الدم، يمكن أن يساعد في تشخيصه مبكرًا وإنقاذ الأرواح. الوقاية من تسمم الدم تبدأ بالاعتناء بالصحة العامة، معالجة الالتهابات بسرعة، والحفاظ على نظافة الجروح وتطهيرها بشكل صحيح. إذا كنت أنت أو أحد أفراد عائلتك تعاني من أعراض غير مبررة بعد الإصابة بعدوى، فمن الضروري طلب الرعاية الطبية فورًا، لأن التدخل السريع هو المفتاح لتجنب المضاعفات القاتلة.

 

الأكثر قراءة

التصعيد «الإسرائيلي» مُستمرّ... والرئيس عون يُواجه «ضغوط السلاح» بالحوار بيروت بلا ضامن للشراكة... وفي زغرتا وطرابلس تحالفات تُشعل المعركة