اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


تُعتبر الجلطة الرئوية من الحالات الطبية الطارئة التي قد تهدد الحياة، حيث تحدث نتيجة انسداد مفاجئ في أحد الشرايين الرئوية ،بسبب جلطة دموية تنتقل من أجزاء أخرى من الجسم، عادةً من الساقين، إلى الرئتين. هذا الانسداد يعيق تدفق الدم إلى الرئتين، مما يؤدي إلى نقص الأكسجين في الجسم وقد يتسبب في أضرار جسيمة للقلب والرئتين إذا لم يُعالج بسرعة. تحدث الجلطة الرئوية في الغالب نتيجة تجلط الدم في الأوردة العميقة للساقين، وهي حالة تُعرف باسم الخثار الوريدي العميق. عند تحرك الجلطة من مكانها وانتقالها عبر مجرى الدم إلى الرئتين، فإنها تسبب انسدادًا جزئيًا أو كليًا في أحد الشرايين الرئوية، مما يمنع وصول الأكسجين إلى الرئتين ويؤثر على تبادل الغازات بشكل سليم.

تتعدد الأسباب والعوامل التي تزيد من خطر الإصابة بالجلطة الرئوية، ومن أبرزها الخمول أو قلة الحركة لفترات طويلة، مثل الجلوس المطول أثناء السفر أو الرقود في الفراش بعد العمليات الجراحية أو الإصابات، حيث يؤدي ذلك إلى بطء تدفق الدم في الأوردة وزيادة احتمالية تكوّن الجلطات. كما أن بعض الأفراد لديهم استعداد وراثي للإصابة باضطرابات تخثر الدم، مما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالجلطة الرئوية. إضافةً إلى ذلك، فإن بعض الأمراض المزمنة، مثل أمراض القلب والسرطان واضطرابات المناعة الذاتية، قد تؤدي إلى ارتفاع خطر تكوّن الجلطات. كذلك، فإن تناول بعض الأدوية مثل موانع الحمل الهرمونية أو العلاج بالهرمونات البديلة قد يزيد من لزوجة الدم ويؤدي إلى ارتفاع احتمالية الإصابة بالجلطات. ولا يمكن إغفال تأثير التدخين والسمنة، حيث يؤديان إلى تلف الأوعية الدموية وزيادة احتمالية تخثر الدم، مما يجعل الأفراد المدخنين أو الذين يعانون من السمنة أكثر عرضة لهذه الحالة.

تعتمد الأعراض المصاحبة للجلطة الرئوية على حجم الجلطة ومدى تأثر الرئتين بها، وقد تظهر فجأة أو تتطور تدريجيًا. من أكثر الأعراض شيوعًا ضيق مفاجئ في التنفس يزداد سوءًا عند بذل مجهود، وألم في الصدر قد يكون شبيهًا بألم النوبة القلبية ويزداد مع التنفس العميق أو السعال. في بعض الحالات، قد يصاب المريض بسعال مصحوب بالدم، وهو من الأعراض الخطيرة التي تستدعي التدخل الطبي الفوري. كما قد يعاني المصابون من تسارع نبضات القلب وعدم انتظامها بسبب الضغط المتزايد على القلب، إلى جانب الشعور بالدوخة أو الإغماء نتيجة انخفاض مستوى الأكسجين في الجسم. في بعض الحالات، تظهر أعراض مثل تورم وألم في الساقين، خاصة إذا كانت الجلطة قد نشأت في أوردة الساق قبل انتقالها إلى الرئتين.

هناك بعض الفئات التي تكون أكثر عرضة للإصابة بالجلطة الرئوية مقارنة بغيرها، وتشمل الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل أمراض القلب والسكري والسرطان. كما أن النساء الحوامل أو اللاتي يستخدمن موانع الحمل الهرمونية يواجهن خطرًا متزايدًا بسبب التغيرات الهرمونية التي تؤثر على تخثر الدم. بالإضافة إلى ذلك، فإن الأشخاص الذين خضعوا لجراحة حديثة، خاصة جراحات العظام، يكونون عرضة لتكوين الجلطات بسبب قلة الحركة لفترات طويلة بعد العملية. ويعد المسنون من الفئات الأكثر عرضة، نظرًا لانخفاض نشاط الدورة الدموية لديهم، كما أن الأفراد الذين لديهم تاريخ سابق من الجلطات الوريدية العميقة يكونون أكثر عرضة لتكرار الإصابة.

هذا ويعتمد تشخيص الجلطة الرئوية على عدة فحوصات، مثل الأشعة المقطعية وتصوير الأوعية الدموية الرئوية وتحليل مستويات الأكسجين وثاني أكسيد الكربون في الدم، والتي تساعد الأطباء في تحديد وجود الجلطة ومكانها بدقة. عند الاشتباه بالإصابة، يتم البدء بالعلاج فورًا لمنع المضاعفات المحتملة. يشمل العلاج استخدام مضادات التخثر، مثل الهيبارين والوارفارين، لمنع تكون المزيد من الجلطات، وفي الحالات الشديدة قد يُستخدم دواء مذيب للجلطات أو يتم اللجوء إلى إجراء قسطرة لإزالة الجلطة. بالإضافة إلى ذلك، قد يتم تركيب مرشح في الوريد الأجوف السفلي لمنع انتقال الجلطات إلى الرئتين لدى الأشخاص الأكثر عرضة.

للوقاية من الجلطة الرئوية، يُنصح بالحفاظ على نمط حياة صحي يشمل ممارسة الرياضة بانتظام لتحفيز تدفق الدم ومنع ركوده، إلى جانب شرب كميات كافية من الماء للحفاظ على سيولة الدم. كما يُنصح بتجنب الجلوس أو الوقوف لفترات طويلة، خاصة أثناء السفر الطويل، حيث يمكن القيام بحركات بسيطة لتمديد الساقين وتحفيز الدورة الدموية. من الإجراءات الوقائية المهمة أيضًا ارتداء الجوارب الضاغطة للأشخاص المعرضين للجلطات، خاصة بعد العمليات الجراحية، إضافة إلى التوقف عن التدخين والحفاظ على وزن صحي، حيث يساهمان في تقليل مخاطر الإصابة باضطرابات تخثر الدم.

الأكثر قراءة

التصعيد «الإسرائيلي» مُستمرّ... والرئيس عون يُواجه «ضغوط السلاح» بالحوار بيروت بلا ضامن للشراكة... وفي زغرتا وطرابلس تحالفات تُشعل المعركة