اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


يمثل الحمل فترة حساسة تحتاج فيها المرأة إلى نظام غذائي متوازن يضمن صحتها وصحة جنينها. ومع ذلك، فإنّ الإفراط في تناول الدهون والسكريات خلال هذه المرحلة قد يعرّض الأم والجنين لمخاطر صحية عديدة تمتدّ آثارها حتى بعد الولادة. فتناول كميات زائدة من هذه العناصر الغذائية قد يؤدي إلى مشكلات مثل السمنة، وارتفاع مستويات السكر في الدم، واضطرابات النمو لدى الجنين، مما يستدعي الانتباه إلى النظام الغذائي المتبع خلال الحمل.

إنّ استهلاك كميات كبيرة من الدهون المشبعة والمهدرجة خلال الحمل قد يساهم في زيادة الوزن المفرطة لدى الأم، مما يزيد من خطر الإصابة بسكري الحمل وارتفاع ضغط الدم، وهما حالتان قد تؤديان إلى مضاعفات خطرة أثناء الولادة. كما تؤثر الدهون المشبعة في صحة القلب والأوعية الدموية للأم، مما قد ينعكس سلبًا على صحة الجنين من خلال اضطراب تدفق الأكسجين والمغذيات عبر المشيمة.

أما بالنسبة للجنين، فقد أظهرت الدراسات أنّ ارتفاع استهلاك الدهون غير الصحية قد يؤدي إلى برمجة أيضية خاطئة لديه، مما يجعله أكثر عرضة للإصابة بالسمنة وأمراض القلب مستقبلاً. بالإضافة إلى ذلك، قد تؤثر هذه الدهون على تطور الدماغ والجهاز العصبي لدى الجنين، مما قد يؤثر في الوظائف الإدراكية والسلوكية بعد الولادة.

تُعتبر السكريات أحد المصادر الأساسية للطاقة، إلا أنّ الإفراط في تناولها قد يسبب اضطرابات في مستوى السكر في الدم لدى الأم، مما يزيد من خطر الإصابة بسكري الحمل. ويؤدي هذا المرض إلى زيادة مستوى الغلوكوز في الدم، الأمر الذي قد يؤثر على نمو الجنين ويجعله أكثر عرضة للإصابة بمتلازمة الأيض وأمراض السكري في مراحل لاحقة من حياته.

كما أنّ الاستهلاك المفرط للسكريات البسيطة يؤدي إلى ارتفاع وزن الجنين بشكل غير طبيعي، مما قد يجعل عملية الولادة أكثر تعقيدًا، ويرفع من احتمالية اللجوء إلى الولادة القيصرية. إلى جانب ذلك، يمكن أن تؤدي الاضطرابات الناجمة عن ارتفاع مستوى السكر في الدم إلى زيادة خطر الإصابة بمشاكل تنفسية عند الطفل بعد الولادة، بالإضافة إلى اضطرابات في الجهاز العصبي قد تؤثر في مستوى التركيز والانتباه لديه في المستقبل.

هذا ولا تتوقف المخاطر عند مرحلة الحمل فقط، بل قد تمتد آثار الإفراط في تناول الدهون والسكريات إلى مراحل الطفولة والمراهقة. فقد وُجد أنّ الأطفال الذين تعرّضوا لمستويات مرتفعة من الدهون والسكريات خلال الحياة الجنينية يكونون أكثر عرضة للإصابة بالسمنة واضطرابات التمثيل الغذائي، مثل مقاومة الأنسولين وارتفاع ضغط الدم. كما أنّ هذه العوامل قد تؤثر في صحة الكبد، حيث ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالكبد الدهني غير الكحولي، وهو مرض قد يؤدي إلى مضاعفات خطرة في مرحلة البلوغ.

لضمان صحة الأم والجنين، يجب أن يكون هناك توازن في استهلاك الدهون والسكريات ضمن الاحتياجات اليومية الموصى بها. يُفضَّل استبدال الدهون المشبعة ببدائل صحية مثل الدهون غير المشبعة الموجودة في الأسماك والمكسرات وزيت الزيتون، كما يُنصح بتجنب الأطعمة المعالجة والمقلية التي تحتوي على دهون مهدرجة ضارة.

أما بالنسبة للسكريات، فمن الأفضل استهلاك السكريات الطبيعية الموجودة في الفواكه بدلاً من السكر المضاف في المشروبات الغازية والحلويات. كما يُوصى بالاعتماد على الكربوهيدرات المعقدة مثل الحبوب الكاملة، التي توفر طاقة مستدامة دون التسبب في ارتفاعات مفاجئة في مستوى السكر في الدم.

ختاماً، تؤدي التغذية السليمة خلال الحمل دورًا أساسيًا في ضمان صحة الأم والجنين، حيث يؤثر الإفراط في تناول الدهون والسكريات على الوزن، ومستوى السكر في الدم، وتطور الأعضاء الحيوية للجنين. لذا، من الضروري أن تتبع المرأة الحامل نظامًا غذائيًا متوازنًا يضمن حصولها وجنينها على جميع العناصر الغذائية اللازمة دون تعريضهما لمخاطر صحية قد تمتد آثارها إلى المستقبل. الحفاظ على الاعتدال والتوازن هو المفتاح لحمل صحي وطفل يتمتع بصحة جيدة.

 

الأكثر قراءة

المعادلة «الاسرائيلية»: التطبيع مع الطوائف اذا فشل مع الدولتين اللبنانية والسورية «أم المعارك» على قانون الانتخابات والاتجاه لصوتين تفضيليين الاستعدادات اكتملت في المختارة لإحياء ذكرى 16 اذار