يُعدّ فرط كالسيوم الدم حالة طبية تتميز بارتفاع مستويات الكالسيوم في الدم إلى معدلات تفوق المعدل الطبيعي، مما قد يؤدي إلى مضاعفات خطرة تؤثر في وظائف الجسم المختلفة. يؤدي الكالسيوم دورًا أساسيًا في العديد من العمليات الحيوية، مثل تقوية العظام، نقل الإشارات العصبية، وتنظيم ضربات القلب، ولكن زيادته المفرطة قد تتسبب بمشكلات صحية تستدعي التدخل الطبي الفوري.
تتنوع أسباب فرط كالسيوم الدم، حيث يُعد فرط نشاط الغدة الجار درقية السبب الأكثر شيوعًا لهذه الحالة، إذ يؤدي الإفراز الزائد لهرمون الغدة الجار درقية إلى زيادة امتصاص الكالسيوم من العظام إلى مجرى الدم. كما يمكن أن تسهم بعض الأمراض مثل السرطان، خاصة سرطانات الرئة، الثدي، والدم، في ارتفاع مستويات الكالسيوم بسبب إنتاج مواد تزيد من امتصاصه أو تحفّز تفكك العظام. بالإضافة إلى ذلك، فإن الإفراط في تناول مكملات الكالسيوم أو فيتامين "د"، وأمراض الكلى المزمنة التي تعيق التخلص من الكالسيوم الزائد، قد تؤدي دورًا رئيسيًا في حدوث هذه الحالة.
أما عن الأعراض، فقد تختلف شدتها حسب نسبة الكالسيوم في الدم. في الحالات الخفيفة، قد لا يعاني الشخص من أي أعراض واضحة، لكن مع تفاقم المشكلة، تبدأ أعراض مثل العطش المفرط وكثرة التبول بالظهور نتيجة لتأثير الكالسيوم على الكلى. كما يمكن أن يشعر المصاب بالإرهاق، الضعف العضلي، والغثيان، إلى جانب الإمساك واضطرابات الجهاز الهضمي. وفي الحالات الشديدة، قد يؤدي فرط كالسيوم الدم إلى اضطرابات عقلية مثل الارتباك، الاكتئاب، وحتى فقدان الوعي، فضلًا عن تأثيره السلبي في القلب، مما قد يؤدي إلى عدم انتظام ضرباته.
من ناحية الفئات الأكثر عرضة للإصابة بفرط كالسيوم الدم، فإن النساء بعد سن اليأس هنّ من الفئات المعرضة للخطر، نظرًا لأنهن أكثر عرضة للإصابة بفرط نشاط الغدة الجار درقية الأساسي، وهو السبب الرئيسي لهذه الحالة. كذلك، فإن مرضى السرطان، خاصة أولئك الذين يعانون من انتشار المرض إلى العظام، يواجهون خطرًا متزايدًا لارتفاع مستويات الكالسيوم. الأشخاص الذين يعانون من أمراض الكلى المزمنة، أو الذين يتناولون كميات كبيرة من مكملات الكالسيوم وفيتامين "د" دون إشراف طبي، معرضون أيضًا للإصابة بهذه المشكلة.
من المهم التشخيص المبكر لحالة فرط كالسيوم الدم لمنع حدوث المضاعفات التي قد تؤثر بشكل خطير على وظائف الجسم المختلفة. يبدأ التشخيص عادةً بإجراء فحوصات الدم لقياس مستوى الكالسيوم الإجمالي والمُؤيَّن في الجسم، وهو الشكل النشط من الكالسيوم الذي يمكن أن يسبب الأعراض السريرية. بالإضافة إلى ذلك، يتم تقييم مستويات هرمون الغدة الجار درقية (PTH)، إذ يساعد هذا التحليل في تحديد ما إذا كان فرط نشاط هذه الغدة هو السبب الرئيسي لارتفاع الكالسيوم. كما تُستخدم اختبارات وظائف الكلى لقياس قدرة الجسم على تصفية وإخراج الكالسيوم الزائد، حيث إن أمراض الكلى المزمنة قد تسهم في تراكمه في الدم.
إلى جانب ذلك، قد يلجأ الأطباء إلى فحوصات إضافية لتحديد سبب الحالة بدقة، مثل اختبار مستويات فيتامين "د"، إذ يمكن أن يؤدي ارتفاعه إلى امتصاص مفرط للكالسيوم من الأمعاء. في بعض الحالات، قد تكون هناك حاجة إلى التصوير الإشعاعي، مثل الأشعة السينية أو التصوير المقطعي المحوسب (CT scan)، للكشف عن الأورام السرطانية التي قد تُفرز مواد تسبب ارتفاع الكالسيوم، أو لتحديد وجود تكلسات غير طبيعية في الكلى أو الأنسجة الأخرى.
بمجرد تأكيد التشخيص، يعتمد العلاج على تحديد السبب الأساسي وراء ارتفاع الكالسيوم. في الحالات الخفيفة، التي لا تتسبب في أعراض واضحة، قد يكون العلاج بسيطًا من خلال تقليل تناول الأطعمة والمكملات الغنية بالكالسيوم، وزيادة شرب السوائل، خاصة الماء، لتحفيز الكلى على التخلص من الكالسيوم الزائد عبر البول. قد يُنصح المرضى أيضًا بتجنب الأطعمة الغنية بفيتامين "د"، مثل بعض الأسماك الدهنية ومنتجات الألبان المدعمة، لتقليل امتصاص الكالسيوم من الجهاز الهضمي.
أما في الحالات الأكثر شدة، التي ترتفع فيها مستويات الكالسيوم بشكل كبير أو تتسبب بأعراض تؤثر في القلب، الكلى، أو الجهاز العصبي، فقد يكون من الضروري استخدام أدوية محددة. تشمل هذه الأدوية مدرات البول من نوع "Loop diuretics"، مثل "فوروسيميد"، التي تعزز طرح الكالسيوم عبر الكلى، بالإضافة إلى أدوية "البايفوسفونات"، التي تساعد في تثبيط تآكل العظام وتقليل إطلاق الكالسيوم إلى مجرى الدم. في بعض الحالات، قد يتم استخدام الكالسيتونين، وهو هرمون يقلل من مستويات الكالسيوم بسرعة عبر إبطاء امتصاصه من العظام وتحفيز إفرازه عن طريق الكلى.
في الحالات التي يكون فيها السبب هو فرط نشاط الغدة الجار درقية، قد يكون التدخل الجراحي ضروريًا لإزالة الغدة المفرطة النشاط، خاصة إذا كانت مستويات الكالسيوم مرتفعة جدا أو إذا كان المريض يعاني من مشكلات في الكلى والعظام. تُعد الجراحة فعالة جدا في هذه الحالات، حيث تعيد مستويات الكالسيوم إلى طبيعتها وتمنع حدوث مضاعفات طويلة الأمد.
يتم قراءة الآن
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
22:53
طيران حربي إسرائيلي فوق العاصمة بيروت
-
22:28
يشهد طريق ضهر البيدر زحمة سير خانقة، حيث يناشد السائقون الجهات المعنية للتدخل العاجل. وأفادت المعلومات عن وجود امرأة حامل تطلق نداء استغاثة بسبب الوضع المتأزم. نرجو من المعنيين التحرك سريعًا لتسهيل المرور وإنقاذ الحالات الطارئة.
-
22:19
البنتاغون: الخارجية الأميركية تقر بيع أنظمة أسلحة دقيقة التوجيه للسعودية
-
22:17
سقوط وإنفجار في الرملة بالداخل المحتل
-
22:17
سماع دوي انفجارات ضخمة تهز مدينة القدس المحتلة بعد إطلاق صاروخ من اليمن.
-
22:17
توقف تام لحركة هبوط واقلاع الطائرات في مطار "بن غوريون" عقب إطلاق صاروخ من اليمن.
