اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


تحظى المكملات الغذائية بشعبية واسعة في عالم الصحة والتغذية، حيث يتناولها الكثيرون بهدف تحسين الأداء البدني أو تعزيز المناعة أو تعويض النقص في بعض العناصر الغذائية. ومع ذلك، ورغم فوائدها المحتملة، إلا أن بعض المكملات الشائعة قد تُسبب مشكلات صحية صامتة تتفاقم بمرور الوقت دون أن يُدرك الشخص مصدر الخلل. يكمن الخطر في أن العديد من الأشخاص يلجأون إلى هذه المكملات من دون استشارة طبية، أو يتناولونها بجرعات مفرطة تفوق الاحتياجات اليومية، مما يؤدي إلى آثار جانبية خفية قد تضر بصحتهم.

إنّ أحد أبرز الأمثلة هو الإفراط في تناول مكملات الحديد، والذي قد يؤدي إلى تراكم الحديد في الجسم، وهي حالة تُعرف بفرط الحديد أو داء ترسب الأصبغة الدموية. قد تبدأ هذه الحالة بأعراض خفيفة مثل التعب أو آلام المفاصل، لكنها قد تتطور تدريجياً لتؤثر على الكبد والقلب والبنكرياس، وتزيد من خطر الإصابة بأمراض مزمنة مثل تليف الكبد والسكري. المشكلة تكمن في أن الجسم لا يتخلص بسهولة من الحديد الزائد، لذلك فإن التناول العشوائي لمكملات الحديد دون تقييم مستويات الحديد في الدم قد يكون ضارًا للغاية.

كما أن مكملات الكالسيوم، التي تُستخدم عادة للوقاية من هشاشة العظام، قد ترتبط هي الأخرى بمخاطر صحية صامتة عند الإفراط في استهلاكها. فعندما ترتفع مستويات الكالسيوم في الدم بشكل مفرط، قد يؤدي ذلك إلى ترسب الكالسيوم في الشرايين أو الكلى، مما يزيد من احتمالية الإصابة بحصوات الكلى أو بتصلب الشرايين وأمراض القلب. ويزداد هذا الخطر خاصة عندما يتم تناول مكملات الكالسيوم بالتزامن مع مكملات فيتامين D بجرعات مرتفعة، حيث يعزز هذا الفيتامين امتصاص الكالسيوم في الجسم بشكل كبير.

من جهة أخرى، لا تقل مكملات البروتين شيوعًا، خاصة بين الرياضيين ومحبي بناء العضلات. ورغم أن البروتين عنصر أساسي لنمو وصحة العضلات، إلا أن الإفراط في تناوله، خصوصًا عن طريق المكملات، قد يشكّل عبئًا على الكلى مع مرور الوقت. في الأشخاص الذين يعانون من مشاكل كلوية غير مكتشفة، قد يؤدي ذلك إلى تسريع تدهور وظائف الكلى بشكل صامت، خاصة مع غياب أي أعراض واضحة في المراحل المبكرة من الخلل.

أيضا، يُعد الإفراط في استخدام مكملات الفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون مثل فيتامين A و E أحد المخاطر الشائعة التي قد تسبب أضرارًا بطيئة في الجسم. فزيادة مستويات فيتامين A على سبيل المثال قد تتسبب في أعراض مثل الصداع المزمن، وتساقط الشعر، ومشكلات في الكبد، بالإضافة إلى زيادة خطر الإصابة بهشاشة العظام. أما فيتامين E، فعلى الرغم من اعتباره مضادًا للأكسدة، إلا أن الجرعات العالية منه قد تؤثر سلبًا على سيولة الدم وتزيد من خطر النزيف.

وربما يغفل البعض أيضا عن الأثر الجانبي المحتمل لمكملات الأوميغا 3، والتي تُشيد بها العديد من الدراسات لدورها في دعم صحة القلب. إلا أن الجرعات المرتفعة منها قد تتسبب في سيولة الدم بشكل مفرط، ما قد يكون خطرًا في حال الخضوع للعمليات الجراحية أو عند تناول أدوية مضادة لتخثر الدم. علاوة على ذلك، قد ترتبط الجرعات العالية بمشاكل هضمية مثل الإسهال أو اضطرابات المعدة.

في النهاية، من المهم أن يدرك الأفراد أن المكملات الغذائية ليست بديلًا عن التغذية السليمة، وأن تناولها بشكل عشوائي قد يحمل آثارًا خفية تهدد الصحة على المدى الطويل. لذا يُوصى دائمًا بالحصول على استشارة طبية أو تغذوية قبل البدء في أي مكمل، ومتابعة الحالة الصحية بشكل دوري للتأكد من عدم حدوث تراكم أو اختلال في مستويات الفيتامينات أو المعادن داخل الجسم. فالوعي بأضرار هذه المشكلات الصحية الصامتة قد يكون الخطوة الأولى نحو الحفاظ على توازن الجسم وسلامته.

الأكثر قراءة

لبنان في مهب التصعيد الأميركي ــ الإسرائيلي: تكثيف الضغوط النار تحت الرماد شرقا وحزب الله يدعو للالتفاف حول الجيش إقرار آلية التعيينات ولا توافق على الحاكم..عون: ننتصر معًا