..."حتى ليتناهى الينا بكاء الله"!
هكذا قال الكاتب الأميركي جون هيرسي في مؤلفه الشهير "هيروشيما"، لدى نيله جائزة "بوليترز". ثمة كاهن من هايتي، ولدى وقوع الزلزال في الجزيرة، حيث قضى الآلاف من الحفاة تحت أنقاض منازلهم البائسة، رفع يديه الى السماء وسأل "هل أنت حقاً هناك"؟
لعل علينا أن نسأل الله "لماذا خلقت العرب"؟ لا تعنينا حركة "حماس" ولا غيرها. نحن أمام مشهد أبوكاليبتي لا يمكن أن يستوعبه حتى خيال الشيطان. مليونا فلسطيني تائهون في العراء. جثث آبائهم وأمهاتهم وأبنائهم تتكدس، على ذلك النحو المروع في الأكياس. لا مرجعية أمامهم سوى جامعة الدولة العربية وهي الفضيحة الكبرى، وسوى منظمة التعاون الاسلامي وهي الخديعة (والنكبة) الكبرى.
هل يوجد قلب بشري في صدر دونالد ترامب حين يدفع بأهل غزة، بل وبنا جميعاً، الى الجحيم؟ باللغة العربية كتب على باب الجحيم "ممنوع الخروج". ما علينا الا أن ننتظر يوم القيامة. في ذلك اليوم، مع مَن يقف الله؟ متى كان علينا كعرب، أن ننظر الى الانسان كأنسان، ولا مرة في تاريخنا. برنارد لويس الذي يحق له أن يزدرينا هو مَن سأل "هل كان باستطاعة الأبالسة أن تفعل ما فعل العرب حين كانوا يئدون بناتهم". كل أزمنتنا الآن اما بين القصور أو بين القبور.
لمن شاهد فيلم (Apocalypse now)، أي "الرؤيا الآن" لفرنسيس فورد كوبولا عن الحرب الفيتنامية، هنا المشهد الدرامي الأشد هولاً، لا شجرة، لا صخرة، حتى ولا مقبرة يلوذ بها الضحايا الذين على العربات، التي يجرها الحمير يهربون من مكان الى مكان. أحياناً تسمع بوضوح قهقهات القتلة، وهم يلقون بالقنابل الأميركية الأشد فتكاً في التاريخ. هل ترانا نستحق أن ينظر الينا الغربيون كبشر، حين نكون في دول تحكم بثقافة القطيع، وتدار بثقافة القطيع؟
لطالما كنا شغوفين بالأفلام الهوليوودية عن الحربين العالميتين وعن الحروب الأخرى، حتى ضد الهنود الحمر. هنا تراجيديا بشرية لا مثيل لها حتى في الميثولوجيات القديمة. المستشرقون رأوا فينا الأمة التي خرجت من عباءة الأزمنة. كثيراً ما قلنا أن ساقي شهرزاد تتوليان صياغة التاريخ (اللاتاريخ) العربي، كما صياغة الاستراتيجيات العربية.
ما حدث في غزة انذار لكل من يهتز قلبه لصرخة الدم. جدعون ساعر قال "الواقع الجيوسياسي تغير تماما، هناك التزام أميركي – "اسرائيلي" بهزيمة المحور الرديكالي". فات وزير الخارجية "الاسرائيلي" القول "المحور الكاريكاتوري" الذي ماذا بقي منه؟ هزيمة أم ابادة؟ الهولوكوست الفلسطيني ثأراً للهولوكوست اليهودي. ولكن من قال ان أدولف هتلر، أيها السيد بنيامين نتنياهو، يتحدر من فخذ يعرب بن قحطان؟
حتى اذا كنا نكتب من داخل قبورنا، ألسنا الجثث الناطقة؟ أشقاؤنا العرب الأبرار يقولون لنا، بلغة حكمائنا القدامى "اذا كانت الصين بامكاناتها الهائلة، لا تتجرأ أن تطلق رصاصة واحدة لتحرير تايوان، وهي أرض صينية، من الاحتلال الأميركي، كيف لنا، ونحن الدول المبعثرة ـ القبائل المبعثرة ـ أن نتجرأ على التفكير بتحرير فلسطين اذا كانت"اسرائيل" الوديعة الأميركية المقدسة في الشرق الأوسط"؟
على مدى 75 عاما حروب عبثية، وتزيد أكثر فاكثر في تقهقرنا. على كل الجبهات "الاسرائيليون" يقضمون الأراضي، ويقضمون البشر. أحمد أبو الغيط ينتظر ساعة الافطار ليمضي ليلة ليلاء مع الشيشة (الأركيلة)، ومع المسلسلات التافهة التي تبعده، وكما ينقل الينا زميل مصري، عن "الأعباء الهائلة" التي على كتفيه. في معلوماتنا أن أمين عام الجامعة لا يحمل على كتفيه سوى مقررات بديع الزمان الهمذاني.
حروب الطوائف ـ الحروب المبرمجة ـ بالكاد بقي مسيحيون في هذا الشرق الذي ظهر فيه السيد المسيح، ومسلمون (مسلمو هولاكو والحجاج بن يوسف وأسامة بن لادن) يقاتلون ويقتلون بعضهم البعض. هنا التساؤل لماذا الطوائف المسيحية والطوائف الاسلامية، دون أن يكون هناك من أثر لهذه الظاهرة في "اليهودية" ؟ الخلافات الايديولوجية أو الفلسفية بين اليهود لا تلامس الجوهر، كما في الحالتين المسيحية والاسلامية. حتى أن هناك طوائف داخل الطائفة...
من زمان قال المفكر المغربي عبد الله العروي "لكأنه قيّض لنا أن ندخل القرن اما على ظهر دبابة أو على ظهر سلحفاة". بدل سيوف المسلمين لصد الأعداء، سواطير المسلمين لذبح المسلمين. المعادلة الفقهية الآن. العروي نفسه تحدث عن نوع آخر من الهرطقة، الهرطقة الأخلاقية والهرطقة الثقافية.
لبنانياً كم دفعنا غالياً ضريبة اسنادنا لغزة، لا أحد وقف الى جانبنا. هذه هي "اسرائيل" في ذروة جنونها، وهذه هي أميركا في ذروة جنونها. المسألة لا تتوقف عن نزع سلاحنا، نزع اظافرنا وحتى نزع عظامنا. تصوروا كائنات بشرية ـ وتلك حالنا، من دون هياكل عظمية...
نذكّركم ثانية بما كتب على باب الجحيم وباللغة العربية: ممنوع الخروج...
يتم قراءة الآن
-
لماذا آثر نصرالله أن يستشهد ؟
-
عودة الرعاية الخليجية للبنان وموسم سياحي واعد صناديق الشمال على موعد مع التغيير أو تثبيت التوازنات؟! وساطة عربية بين دمشق و«تل ابيب»: ماذا يُحضَّر؟
-
تصعيد «اسرائيلي» يسقط ضمانات واشنطن... وخيبة امل في بعبدا لا تعديل للقانون... هل تحصل الانتخابات في بيروت؟ «هواجس» من مفاجآت ترامب... وقلق في «اسرائيل»
-
أردوغان يُقدّم الشرع هديّة لنتنياهو
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
23:47
فوكس نيوز عن نائب الرئيس الأميركي جاي دي فانس: لن ننخرط في حرب لا شأن لنا بها ولا نطلب من الهند أو باكستان إلقاء السلاح.
-
23:46
فوكس نيوز عن نائب الرئيس الأميركي جاي دي فانس: سنواصل السعي لإنهاء الحرب بأوكرانيا حتى نوقن أنه لا يمكن إحراز تقدم إضافي، وسننسحب من الوساطة إذا تبين لنا أن روسيا ليست منخرطة في التفاوض بحسن نية.
-
23:46
فوكس نيوز عن نائب الرئيس الأميركي جاي دي فانس: قلقون مما يحدث بين الهند وباكستان ولا نعتقد أن الأمر سيتحول إلى صراع نووي، وسنواصل السعي لخفض التصعيد بين الهند وباكستان عبر القنوات الدبلوماسية.
-
23:45
فوكس نيوز عن نائب الرئيس الأميركي جاي دي فانس: أعتقد أن هناك تقدما نحو إنهاء الحرب في أوكرانيا، وأعتقد أننا حققنا اختراقات دبلوماسية وعرض الروس خطة سلام يعد إنجازا كبيرا.
-
23:18
يسرائيل هيوم عن مقربين من ترامب: يمكننا القول بوضوح إن العلاقة بين ترتمب ونتنياهو وصلت لأدنى مستوياتها.
-
23:18
يسرائيل هيوم عن مسؤول "إسرائيلي": ما نفكر فيه حقا الآن هو أن ترامب يهمش نتنياهو حتى يعود للمسار الصحيح.
